IMLebanon

مذكرة وزير العمل للحد من السمسرة تواجه باعتراضات عمالية

sejaan-azzi

هاجر كنيعو

ما إن تم تسريب المذكرة الأخيرة التي أطلقها وزير العمل سجعان قزي في إطار حملته لمكافحة الفساد والحد من السمسرة عبر دفع رسم 50 ألف ليرة مقابل تسريع معاملات المواطنين ، حتى توالت الحملات الإعلامية والتصريحات المعارضة للمذكرة، كان أعنفها التصريح « الناري» لرئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن ، معتبراً « أن هذا التدبير الذي اتخذه وزير العمل لا يمنع الرشوة و«الأتاوات» بل يعززها وبالتالي بدل أن يضع الوزير قزي صندوقا «للشكاوى» في وزارته وضع صندوقا للرشاوى من هنا نرى أن الرجوع عن الخطأ فضيلة». وإذا كان هذا التصريح في ظاهره يأتي في إطار رفض مبدأ «تشريع الرشوة» ، إلا أنه في باطنه يحمل الكثير من الأسباب والتداعيات والخلفيات ، التي تنذر بخلافات جوهرية « من تحت الطاولة» بين وزارة العمل والإتحاد العمالي العام. فالسبب الأساسي لهذه «الهمروجة» ، يعود إلى قرار قزي بتجميد مبلغ نصف مليار ليرة الذي تخصصه سنوياً وزارة المال إلى الإتحاد العمالي ، إلى حين حصول قزي على تقرير مفصل يوضح فيه «العمالي» وجهة إنفاق هذه الأموال العام الفائت.

يوضح وزير العمل سجعان قزي لـ «الديار» أن الوزارة قد توجهت إلى الإتحاد بكتاب رسميّ تطلب فيه إرسال تقرير مفصل يبرز وجهة إنفاق النصف مليار ليرة الفائت الا ان ذلك لا يعني أنني أشكك بوجهة صرف هذه الأموال أو أنه يحمل في طياته أي إتهام بالسرقة، ولكن من حق الوزارة أن تطلب كشف حساب عن الإنفاق، ولم تتلق الوزارة جواباً عن هذه التساؤلات». على خلاف معهد التدريب المهني التابع لوزارة العمل، إذ يؤكد قزي «أن الوزارة قامت أيضاً بتجميد الأموال المخصصة لمعهد التدريب بحدود 300 مليون سنوياً ، إلى حين حصولها على تقرير مفصل عن وجهة الإنفاق ، فأعادت صرف الأموال الأمر الذي لم يفعله الإتحاد.».

وفي مواجهة الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الإجتماعي، يشدد قزي على أنه «لن يخضع كوزير لأي ابتزاز وخصوصا من المغرضين، فسياستي لا يقررها شخص عبر «تويتر» او «الفايسبوك» ومجموعات التواصل الاجتماعي التي تشن حملة منظمة حول هذا الموضوع وكأنها في خدمة الفاسدين عوض ان تقف الى جانب من يكافح الفساد، لذا من يقرر سياسة الوزارة هي مصلحة المواطنين والنزاهة والمصلحة العامة».

ويؤكد قزي ان «المذكرة هي اختيارية وليست الزامية والخمسين الف ليرة تدفع في صندوق رسمي في الوزارة مقابل ايصال يثبت دفع المبلغ لمالية الوزارة لتوزع الاموال في ما بعد على الموظفين من المدير العام الذي يزيد على راتبه 400 الف ليرة شهريا الى الحاجب 127 الف ليرة شهريا مقابل ساعات العمل الإضافية التي ستخصص لإنجاز المعاملات بسرعة «، مشددا على ان «نسبة دفع الرشوة كانت اكثر بكثير وهي تصل الى حدود 3 آلاف دولار».

هذه المذكرة ليست الاولى ودولُ عديدة اتخذت مذكرات مماثلة، من هنا يستغرب قزي هذه الإعتراضات الغير مبررة ـ فلماذ لم تحدث مثل هذه الإعتراضات على الامن العام عندما اتخذ نفس القرار لتسهيل امور الناس وإنجاز جوازات سفرهم بسرعة؟؟
هذه المذكرة بحسب قزي «جاءت بعد سلسلة تدابير اتخذتها الوزارة لوقف الرشاوى وعمل السماسرة ابرزها:
-السرعة في انجاز المعاملات وتحديد مهل زمنية لذلك ( إجازة العمل 15 يوماً، معاملة براءة الذمة 3 أيام، إسترداد الضمانة في المكاتب حوالي 30 يوماَ…)
– تنظيم عمل مكاتب الاستقدام .
– أوجدنا هيبة معينة داخل الوزارة وقد ربطت بعض القضايا بالوزير مباشرة لضبط السماح او عدم السماح بها.
– وفرض الوكالة على مقدمي المعاملات من غير اصحابها.
-المراقبة الداخلية اليومية .
-التفتيش المزدوج.
-منع استقبال اي مواطن قبل الدوام الرسمي او بعده.
-منع الموظفين من إستقبال أي معاملة دون الإطلاع على كامل مستنداتها الأصلية أو أي معاملة ناقصة من حيث المستندات المطلوبة.
إلا أن الإشكالية وفق قزي في محاربة الفساد في وزارة العمل تختلف عن محاربتها في الوزرات الأخرى ، فالرشوة في وزارة العمل متعددة الأوجه تبدأ من بلد المنشأ ، مروراُ بالمكاتب وصولاً إلى السماسرة ووكلاء المعاملات ومن بينهم محامين.
ولكن هل تحويل المذكرة إلى مجلس شورى الدولة وهيئة تشريع الاستشارات هو بداية مقدمة لتراجع عن قرار الوزارة بفرض المذكرة؟؟؟ يوضح قزي أن المسار التنفيذي للمذكرة لم يبدأ العمل به أساساً لكي يجمد او يعلق. وفي حال وافق مجلس الشورى على المذكرة ، سأحولها الى مشروع مرسوم لأقدمه الى مجلس الوزراء وذلك لسببين:
أولاً- لأن محاربة الفساد ليست وقفاً على وزير بل مسؤولية الحكومة مجتمعة ، و حال عدم التوقيع على المرسوم، سأحمل الحكومة مسؤولية مكافحة إستفحال الفساد.
ثانياً- هذه المذكرة عندما تتحول إلى مرسوم، عندئذ لا يستطيع وزراء العمل المتعاقبين أن ينقضوا المرسوم إلا بمرسوم آخر وذلك ضمانة لنزاهة من جهة وضمانة للموظفين من جهة أخرى.