IMLebanon

“ذي بانكر” تُدرج 9 مصارف لبنانية بين أكبر 1000 مصرف عالمي.. غبريل: القطاع متين ولكن

bank-leb

سلوى بعلبكي

 

من المعروف “انّ القطاع المصرفي اللبناني صلب ويتمتع بنسبة سيولة مرتفعة، وتاليا هو قادر على تلبية الحاجات التمويلية للقطاعين الخاص والعام. لكن ثمة من يعتقد ان القطاع لا يتأثر بمجريات الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية، وكأنه موجود على جزيرة معزولة ويستمر في تحقيق ارتفاعات قياسية في أرباحه”.

 

هذه “الصورة الكاريكاتورية”، وفق ما يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، هي بعيدة كل البعد عن الواقع، إذ ان أي قطاع مصرفي في العالم، وليس القطاع المصرفي اللبناني فقط، هو أكثر القطاعات تأثراً بالأوضاع السياسية والاقتصادية لأنه يسلّف جميع القطاعات، ولأن بيئته التشغيلية تتأثر بالتطورات على الساحة السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية.

وعلى رغم الظروف المحيطة بالقطاع، أدرجت مجلة The Banker في مسحها السنوي لسنة 2015 عن أكبر 1000 مصرف تجاري في العالم، تسعة مصارف لبنانية على قائمتها، مقارنةً بثمانية مصارف أُدرجت في العام السابق، وقد أدرجت المجلة مصرف GBL للمرّة الأولى على قائمتها. وتصنف The Banker المصارف بناء على قيمة الأموال الخاصة الأساسية ( Tier One Capitation) في نهاية 2014. وفيما لم يحلّ أي مصرف لبناني بين أكبر 25 مصرف في منطقة الشرق الأوسط، أشارت المجلة أنها غيّرت منهجية هذه السنة، وبدأت باستخدام قيمة الأموال الخاصة الأساسية للمصارف التي بدأت تنفيذ إطار بازل 3. وافادت المجلة أن بازل 3 اوضحت القواعد حول حسابات رأس المال، والتي سبق وتنوّعت على نطاق واسع في السابق عبر المصارف والبلدان. ووفق نتائج المسح الذي ورد في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week، بلغ مجموع الأموال الخاصة الأساسية للمصارف التسعة 12,69 مليار دولار في نهاية 2014، أي بارتفاع 12,1% عن 11,3 مليار دولار في نهاية 2013. في المقابل، ارتفعت الأموال الخاصة الأساسية لأكبر 1000 مصرف في العالم بنسبة 4,3% سنويًا، في حين نمت تلك المصارف في الشرق الأوسط بنسبة 7,2%. وبلغت نسبة الأموال الخاصة الأساسية على الأصول لبنك بيبلوس 7,9% في نهاية 2014، مسجلة بذلك أعلى نسبة بين المصارف اللبنانية في 5 سنوات من اصل الست السابقة.

وبلغ مجموع الأرباح قبل الضرائب للمصارف التسعة 2 مليار دولار في 2014، أي بارتفاع 9% من العام 2013، وذلك مقارنةً بارتفاع 7,8% في أرباح أكبر 1000 مصرف في العالم. كما سجلت نسبة مجموع الأرباح قبل الضرائب إلى الأموال الخاصة الأساسية للمصارف 16,1% في العام 2014، أي بانخفاض عن 16,6% العام الماضي، وذلك مقارنةً بـ14,37% لأكبر 1000 مصرف. وشكّلت المصارف التسعة نسبة 0,18% من الأموال الخاصة الأساسية لأكبر 1000 مصرف، و0,15% من إجمالي أصولها و0,2% من مجموع أرباحها قبل الضرائب.

وعلى رغم أن هذه الارقام مشجعة نوعاً ما، إلا أن ذلك لم يمنع غبريل من التأكيد “أنه إذا تباطأت الحركة في أحد القطاعات، شعرت المصارف بهذا التباطؤ وتضاءلت حركة التسليفات. فكيف إذا كانت معظم القطاعات الاقتصادية في حال تباطؤ أو ركود أو حتى انكماش كما هي الحال في الاقتصاد اللبناني؟ وإذ يشير الى ان تسليفات المصارف للقطاع الخاص بلغت 51,7 مليار دولار لغاية حزيران 2015، أي ما يعادل 105% من الناتج المحلي، وهي نسبة مرتفعة وتعكس التسليفات المصرفية لمجمل القطاعات في لبنان، يسأل: كيف للقطاع المصرفي ألا يتأثر بالوضع الاقتصادي الهش في لبنان، وبتداعيات الفراغ السياسي والشلل المؤسساتي محلياً، وبالأزمة السورية إقليمياً؟ في الواقع، إن الركود الاقتصادي السائد منذ العام 2011 ألحق الضرر بربحية المصارف، خصوصاً فيما يختص بمؤشرات نموّ الأرباح والعائد على الأصول والعائد على حقوق المساهمين”.

ويواجه القطاع المصرفي تحديات عدة، لعل أهمها اتّساع العجز في الموازنة العامة واستمرار ارتفاع مستوى الدّين العامّ، وهذا ما يعكس برأي غبريل ارتفاع حاجات الدولة للاستدانة، وتاليا ازدياد اعتماد الدولة على القطاع المصرفي لتغطية هذا العجز. من هنا يؤكد غبريل انه “لا يمكن للمصارف الاستمرار إلى ما لانهاية في تمويل العجز في الموازنة بينما الدولة والطبقة السياسية عموماً لا تملك الإرادة السياسية لتطبيق الإصلاحات البنيوية المالية والإدارية والتشريعية لتخفيض حاجات الدولة للاستدانة”.

الى ذلك فإن التباطؤ في الحركة الاقتصادية الذي بدأ في الـ 2011 وتحوّله إلى ركود شبه شامل في الـ 2015 قلّل من فرص المصارف في التسليف للقطاع الخاصّ، إذ وفق غبريل فإن تراجع ثقة المستهلك والمستثمر جعل الأفراد كما الشركات تحجم عن طلب الاقتراض من المصارف مقارنةً بالأعوام السابقة.

وفيما يُلاحظ شحّ المشاريع الجديدة المرتبطة باستثمارات أجنبية مباشرة، بما يقلّص من الفرص أمام المصارف للتسليف، ويتجلّى هذا المنحى برأي غبريل في تراجع وتيرة التسليفات للقطاع الخاصّ، إذ أن هذه التسليفات للقطاع الخاصّ المقيم بلغت 926 مليون دولار في الأشهر الست الأولى من الـ 2015 مقارنةً بـ2,2 مليار دولار في الفترة عينها من الـ 2014، كما ان التسليفات للقطاع الخاصّ غير المقيم تراجعت بـ 82 مليون دولار في الأشهر الست الأولى من الـ 2015 بعد تراجع بلغ 386 مليوناً في الفترة عينها من الـ2014.

والنتيجة التي يخلص اليها غبريل أنه “صحيح أنّ القطاع المصرفي صلب ومتين ويتمتّع بنسبة سيولة مرتفعة، ولكنّه ليس بمنأى عن التدهور في الأوضاع السياسية والأمنيّة والاقتصادية والماليّة”.