IMLebanon

التفاصيل الكاملة لتوقيف الأسير؟!

ahmad-el-assir

اكد مصدر أمني لبناني لصحيفة “الشرق الأوسط” أن “جهاز الأمن العام في المطار أوقف الشيخ الفار احمد الأسير خلال محاولته مغادرة لبنان متوجهًا إلى القاهرة، ومنها إلى دولة أخرى يرجح أن تكون نيجيريا”.

وأبلغ المصدر “الشرق الأوسط” أن الأسير “كان خضع لعمليات تجميل أدت إلى تغيير شكله الخارجي كليًا، وبدلت كلّ معالمه، وكان يحمل جواز سفر مزور باسم رامي عبد الرحمن طالب وبرفقته شخص آخر يحمل جواز سفر مزور أيضًا باسم خالد صيداني”.

وأردف أن “عناصر من الأمن العام قبضوا على الأسير ورفيقه داخل الطائرة قبل وقت قصير من إقلاعها، واقتادوه إلى فرع التحقيق في المديرية العامة للأمن العام، وبدأت التحقيقات معه”، في حين تحدثت معلومات عن أن الأسير “بالنظر إلى التبدل الكبير في شكله استطاع اجتياز نقطة الأمن العام، ولكن جرى التحقق من هويته بعد وقت قصير من خلال بصمة عينيه، فجرى اللحاق به وتوقيفه”.

وفي وقت لم يرشح أي شيء عن فحوى التحقيقات الأولية التي يجريها الأمن العام مع الموقوف الذي وصف بـ”الصيد الثمين”، أكد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود أنه تبلّغ رسميًا من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بتوقيف الأسير، وتنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه عن القضاء العسكري.

وقال حمود لـ”الشرق الأوسط”: “طلبت من مفوض الحكومة إجراء فحوص الحمض النووي (DNA) بشكل سريع للموقوف للتثبت علميًا وجينيًا من أنه الأسير فعلاً”. وأوضح أن “الموقوف استعمل جواز سفر مزور في محاولة الفرار”، مذكّرًا بأن “هناك قرارًا اتهاميًا سبق وصدر بحقه عن قاضي التحقيق العسكري، ما يعني أن ملفه القضائي متكامل ولا يحتاج إلى وقت طويل لمثوله أمام المحكمة، لكن لا بد من إجراء تحقيق أولي وتأسيس محضر يكون مستندًا أساسيًا للاستجواب الذي سيخضع إليه الأسير أمام المحكمة العسكرية في محاكمة علنية”.

وأوضح أن “المحكمة العسكرية هي التي تقرر ما إذا كانت ستفصل ملفه عن ملف الموقوفين في أحداث عبرا أم ستلحقه به، ما دامت المحاكمة باتت في مراحلها النهائية”.

وفيما ذكرت تقارير ان الأسير اوقف داخل الطائرة، ذكرت معلومات أخرى لصحيفة “الراي” الكويتية ان القبض عليه حصل عند نقطة ختم جواز السفر للمغادرة، وسط اشارة بعض وسائل الإعلام الى ان عملية مطاردة الأسير التي لم تتوقف أصلاً منذ تواريه قبل عامين ونيّف تكثّفت قبل ايام استناداً الى معطيات جديدة تشير الى نيّته مغادرة لبنان.

فصيدا التي وُلد فيها أحمد محمد هلال الأسير الحسيني العام 1968 من والد سنّي (كان يتعاطى الفن – غناء وعزفاً) ومن أم شيعيّة من مدينة صور، بدت في أجواء طبيعية بعيْد كشف خبر توقيف الأسير الذي كان اسس فيها العام 1997 مسجد بلال بن رباح وبقي إمامه حتى وقوع أحداث عبرا، قبل ان يشكّل حالة ابتداء من العام 2011 حين بدأ يتردّد صدى خطبه النارية المناهضة للنظام السوري ولـ “حزب الله” اللبناني، ليكتمل صعود نجمه الصاروخي صيف 2012 حين نصب خيماً اعتراضية في اعتصام مفتوح وسط الطريق على احد المداخل الشمالية لصيدا عاصمة جنوب لبنان والممر الإجباري إليه، ويعلن في 2013 إنشاء “كتائب المقاومة الحرّة” للقتال في سورية والجهاد في القصير حيث تم التداول بصورة له داخلها (لم تتأكد صحتها) وأعقبتها صورة له على متن إحدى دبابات “الجيش السوري الحر”.

ورغم الاجراءات الامنية المشددة التي تم اتخاذها في صيدا تحسباً لأي ردات فعل من أنصاره، فقد استبعدت اوساط سياسية حصول اي خضات في عاصمة الجنوب باستثناء بعض التحركات العابرة مثل الاعتصام الذي نفّذته بعد ظهر امس إحدى زوجتيْ الاسير وزوجات مناصريه عند دوار الكرامة، وسط معلومات عن ان كل مَن كان يرتبط بالشيخ الموقوف موضوع تحت مراقبة شديدة منذ وقوع أحداث عبرا في يونيو 2013 والتي سبقتها حوادث امنية عدة بين مجموعة الأسير وعناصر من “سرايا المقاومة” التابعة لـ “حزب الله” في صيدا.

اما عين الحلوة، الذي تردّد كثيراً ان الأسير والفنان المعتزل فضل شاكر (كان من أبرز المنضمين الى مجموعة الأسير) هربا اليه بعد مواجهات عبرا، فلم يشهد في الساعات الاولى التي أعقبت توقيف الاسير اي مظاهر احتجاجية، علماً ان المخيم يضم مجموعات اسلامية متشددة تلتقي مع الشيخ الموقوف كـ “جند الشام” وتيارات اصولية أخرى.

واذا كان الاطمئنان النسبي الى ان القبض على الاسير سيمر بهدوء في لبنان، فان الخشية بقيت قائمة من تفاعلات لهذا الملف على صعيد المجموعات المتطرفة والارهابية، وخصوصاً ان مناصري “داعش” واكبوا خبر التوقيف بإطلاق “هاشتاغ” عبر “تويتر” بعنوان “كلنا الشيخ احمد الاسير” فيما كان يُنقل عن “النصرة” تهديدها بإعدام العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديها ما لم يتم الإفراج عن الأسير في غضون 8 ساعات.

وكان الأسير الذي يملك حساباً على “تويتر”، قال في آخر تغريداته قبل اكثر من شهر في اشارة ضمنية الى ما عاشه في فترة اختفائه عن الأنظار التي ترافقت مع شائعات عدة حول انه اصبح في سورية او تركيا: “تنقلت 20 مرة تحت الخطر وأحياناً جعتُ وبردتُ وانقطع عني الدواء ونمتُ في البساتين ولم أجد بيتاً يأويني… هذا ليس مهماً، والأهم ان يرضى الله”.

وسبق للشيخ الموقوف ان “اوصى” في شريط مسجّل نشره على “تويتر” في مايو الماضي بأنه “إذا قتلت أو اعتُقلت هذه وصيتي لاخواني المجاهدين في العراق والشام: أناشدكم الله وأستنصركم بالله أنا العبد الحقير أحمد الاسير الحسيني بأن تنصرونا في لبنان وأن تنصروا أهل السنة في لبنان لأن المجرمين قد أجمعوا علينا”.

وشكّل هذا التسجيل واحداً من مجموعات “إطلالات صوتية” للأسير خلال مرحلة “تخفيه” وهاجم فيها بعنف النظام السوري و”حزب الله” والجيش اللبناني وتيار “المستقبل” والنائب بهية الحريري والجماعة الاسلامية ورئيس الحكومة تمام سلام، وبينها شريط قال فيه انه حمل السلاح ليدافع عن نفسه في مواجهة “حزب الله” الذي “يشنّ مع صحوات تيار المستقبل، حرب إلغاء على من يرفع لواء مظلومية أهل السنّة”.

وكشفت صحيفة “الحياة” أن الشيخ الفار احمد الأسير كان خضع لملاحقة مشدّدة وتعقُّب يومي من الأجهزة الأمنية، إلى أن وقع في قبضة الأمن العام قبل دقائق من الساعة الحادية عشرة صباح أمس السبت، وهو موعد إقلاع الطائرة المصرية إلى القاهرة.

كما علمت “الحياة” أن التحقُّق من أن الموقوف بجواز سفر فلسطيني هو الأسير كان من خلال التقنية العالية التي في حوزة الأمن العام، ومكّنته من إجراء مقارنة بين ما لديه من صور سابقة للأسير التُقطت في مراحل معينة من تحرُّكه في صيدا وبين صورته الحالية. وتبين أن عمليات التجميل التي خضع لها الأسير أخيراً لم تبدِّل عملياً ملامح وجهه، على رغم أنه أُوقِف حليق الذقن ويرتدي لباساً مدنياً. كما تبين أن هذه الملامح، استناداً إلى صوره السابقة، جاءت مطابقة لملامح وجهه، ولم تؤدّ عمليات التجميل إلى تغييرها في شكل جوهري بحيث يصعب التعرُّف إليه.

وبتوقيف الأسير ورفيق له يحمل جواز سفر لبنانياً باسم خ. ص.، يكون الأمن العام برئاسة مديره اللواء عباس إبراهيم حقق إنجازاً أمنياً تعامل معه الوسط السياسي في لبنان على أنه صيد ثمين بعدما خضع الأسير فور اختفائه من صيدا متنكراً بلباس امرأة الى مراقبة وملاحقة شديدتين ما اضطره في الأشهر الأولى من ملاحقته الى مخاطبة أنصاره بصوته عبر مواقع التواصل الاجتماعي يحرضهم على الجيش والقوى الأمنية من دون صورة له، لئلا تظهر عليه آثار الجراحات التي خضع لها.