IMLebanon

أفضلية الصناعات المحلية: حبر على ورق

Glass-Local-Industry-Sarafand-Lebanon

حنان حمدان

وفقاً لأحكام المادة الأولى من القانون الموضوع موضع التنفيذ، بالمرسوم الرقم 3249 في 17 أيار 1972، لاسيما المادتين 131 و132 منه، تعطى العروض المقدمة لسلع مصنوعة في لبنان أفضلية بنسبة 10 في المئة على العروض المقدمة لسلع أجنبية في المناقصات العامة. وقد حددت السلع الوطنية والشروط التي يجب أن تتوفر فيها، للإستفادة من هذه الأفضلية بالمرسوم الرقم 10515 في 23 تموز 2003، وقد شمل هذا المرسوم معظم المواد المستهلكة محلياً.
ما يعني أنه وفقاً للنصوص القانونية، تمت المفاضلة بين الصناعات المحلية والأجنبية، إذ نالت السلع المصنوعة محلياً قيمة تفضيلية بنسبة 10 في المئة. إلا أن غياب الرقابة، وعدم إلتزام المسؤولين في الإدارات العامة تطبيق ما جاء في نص القانون، جعلا من تلك المفاضلة غير ذي قيمة عملية، حيث عقدت وتعقد معظم الصفقات العامة منذ سنوات من دون التقيد بتفضيل الصناعات اللبنانية على الصناعات الأجنبية، عند وجود صفقة لتأمين لوازم ومشتريات الإدارات العامة، حتى ولو إستوفت هذه الصناعات الشروط المطلوبة، وفق ما أكده وزير الصناعة، حسين الحاج حسن، في حديث لـ”المدن”، قائلاً: “لا تلتزم معظم الإدارات العامة بتطبيق القيمة التفضيلية للسلع المحلية، وتتعمد بعض المؤسسات العامة أحياناً، وضع دفتر شروط بمعايير ومواصفات أجنبية لا تنطبق على الصناعات المحلية، ما يجعل من السلع المصنّعة محلياً غير مطابقة لمواصفات دفتر الشروط”.
ولا ينفي مستشار وزير الإقتصاد، جاسم عجاقة، عدم الإلتزام بإعطاء الأفضلية للصناعات اللبنانية أثناء عقد الصفقات العامة في معظم الإدارات الحكومية. ويرد عجاقة غياب الالتزام هذا إلى ثلاثة أسباب، هي: عدم معرفة المعنيين بأن القانون يعطي الأفضلية للصناعات المحلية، الفساد والروتين الإداريان. إلا أن الأسباب تلك “لم تمنع المعنيين في وزارة الإقتصاد من تطبيق هذا القانون”، وفق ما يؤكد عجاقة. أما في وزارة الشؤون الإجتماعية فالأمر مختلفاً نسبياً، إذ يؤكد مدير التنمية الإجتماعية في وزارة الشؤون، جورج أيدا في حديث لـ”المدن”، تطبيق هذا القانون في بعض الصفقات التي تسمح بذلك وفقاً لما جاء في نص القانون.
والحال في الوزارات الأخرى لا تختلف كثيراً عنها في هاتين الوزارتين، وإن كانت أسباب عدم إعطاء الأفضلية للصناعات المحلية في الصفقات العامة تختلف بين وزارة وأخرى، ولكن النتيجة واحدة: الصناعات اللبنانية تُحرم من حق الأفضلية في معظم الصفقات العامة.

ولكن، هل هذا يعني أن السلع المصنّعة محلياً هي دون المستوى المطلوب، أم أن هناك سبباً آخر يحول دون تطبيق هذا القانون، رغم تأثيراته الإيجابية على سوق الصناعات الوطنية وعلى العاملين في هذا القطاع، إذا ما تم إعتماده؟ يؤكد الحاج حسن، أن “الصناعات اللبنانية تتمتع بكل المميزات التي تجعل منها منافساً قوياً للصناعات الأجنبية”، ما يعني أن المشكلة ليست في الصناعات نفسها، بل في كيفية التعاطي مع القوانين التي نصت على ضرورة الإلتزام بأفضلية الصناعات المحلية. ولفت الحاج حسن إلى أنه “تم رفع الصوت مراراً بخصوص هذا الشأن ولكن من دون جدوى”.

فهل الصفقات العامة، والتي تتم معظم الأحيان بطريقة العقد بالتراضي من دون إعتماد آلية دخول المناقصات، شبيهة بصفقات المحاصصة التي تفوح منها رائحة الرشى؟ وإذا كانت أسباب تجاهل القانون وعدم تطبيقه غير واضحة، إلا أنه من المؤكد أن تجاهل القانون يسمح لبعض المنتفعين بإتمام صفقات مشبوهة.
ولمن يتساءل عن الأجهزة الرقابية، وفعاليتها في هذا الشأن، وأين هي من كل ما يجري من تجاوزات في تطبيق القانون؟ يقول الحاج حسن، “الحديث عن أجهزة رقابة فاعلة، يكون في بلد غير لبنان”. وهذا يزيدنا يقيناً بأن تلك الأجهزة قد تخلت منذ زمن عن مختلف مهامها، وفضّلت ترك الأمور على ما هي عليه، من دون أي رقيب أو حسيب.