IMLebanon

نمو انعكاسات الانقسامات السياسية يعزّز تراجع القطاعات الاقتصادية

Lebanon-Economy
عدنان الحاج

كلما ارتفعت وتيرة التصعيد في الخلافات والانقسامات السياسية الداخلية المترافقة مع تزايد التوترات الاقليمية والخارجية، تراجعت المؤشرات الاقتصادية والمالية المحلية، وتراجعت فرص النمو والإنقاذ للقطاعات المتضررة أصلاً من هذه التطورات السلبية، على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
فمن أصل حوالي 35 مؤشراً تعكس النشاطات الاقتصادية والمالية في لبنان، هناك حوالي 25 مؤشراً متراجعاً مقابل استقرار حوالي 10 مؤشرات تقريباً مع تحسّن نسبي.

حتى القطاع المصرفي والمالي اللبناني، الذي واجه العديد من الصعوبات، خلال السنوات الماضية بتحقيق المزيد من النمو ولو الجزئي، فإنه يواجه بعض التراجع في العام 2015 مقارنة مع العام 2014.
فعلى سبيل المثال، يمكن التوقف عند بعض المؤشرات الأساسية، للتدليل على صعوبة المرحلة الراهنة والمقبلة، والتي تنعكس بالتأكيد على أداء الدولة وتصنيفها وصعوبة تمويل احتياجاتها، في حال تراجع قدرات القطاع المصرفي على التمويل لهذه الاحتياجات، وهو أمر يرتبط مباشرة بحركة الودائع والرساميل الوافدة، وحركة الاستثمارات الجديدة شبه المضروبة تقريباً.

1 ـ بداية يمكن التوقف عند حركة الرساميل والاستثمارات الوافدة، التي بلغت خلال النصف الأول من السنة، حوالي 5.3 مليارات دولار، مقابل حوالي 8.1 مليارات دولار للفترة ذاتها من العام 2014، أي بانخفاض قدره حوالي 3 مليارات دولار وبما نسبته 35 في المئة تقريباً، مع العلم أن العام 2014 لم يكن جيداً مقارنة مع سابقه. وتدخل ضمن هذه الرساميل التحويلات الخارجية من اللبنانيين العاملين في الخارج.

2 ـ وطبيعي أن تنعكس هذه على ميزان المدفوعات، الذي سجل عجزاً قدره حوالي 1320 مليون دولار، خلال النصف الأول، مقابل فائض للنصف الأول من السنة الماضية 2014 قدره حوالي 216 مليون دولار. هذا على الرغم من تراجع حركة الاستيراد بحوالي 1.7 مليار دولار. مما يعني أن تراجع عجز الميزان التجاري لم ينعكس تحسناً على عجز ميزان المدفوعات، وهذه مخاطر يمكن ترجمتها بتزايد جمود الاستثمارات والتحويلات إلى لبنان.

3 ـ بالنسبة للقطاع الأنشط في الاقتصاد والنشاط المالي، وهو القطاع المصرفي اللبناني، فقد تراجع نمو الموجودات بحوالي 400 مليون دولار خلال ستة أشهر. كذلك تراجعت التسليفات المصرفية من حوالي 1800 مليون دولار، خلال النصف الأول من العام 2014 إلى حوالي 844 مليون دولار، أي بنسبة تراجع بلغت حوالي 53 في المئة، وهي من أعلى نسب تراجع التسليفات، على الرغم من الحوافز التي خصّصها مصرف لبنان لتحريك تسليف القطاعات بالقروض المدعومة.

4 ـ على صعيد المالية العامة فإن إيرادات الدولة تراجعت حوالي 14.1 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2014، بمعنى آخر، فإن عجز الموازنة زاد خلال العام 2015، مقارنة مع العام 2014 (نصف السنة) حوالي 26 في المئة، نتيجة تراجع العائدات أكثر بكثير من ضبط النفقات، التي تجري من دون موازنة منذ سنوات. وهذا يعود إلى ضعف النشاط الاقتصادي في المؤسسات بشكل عام، نتيجة الظروف غير المؤاتية للتوظيف والاستثمار، ومناخ عدم الاستقرار المستورد من تطورات المنطقة، مما ينعكس بشكل واضح على تراجع حركة المرفأ.

5 ـ القطاع الأكثر تأثراً في التراجع، وهو القطاع الذي كان يتحسّن في استمرار هو القطاع العقاري وتجارة البناء. فقد شهدت المبيعات العقارية بعض الجمود والتراجع، من حيث قيمة المبيعات العقارية، التي بلغت حتى نهاية حزيران حوالي 3.5 مليارات دولار، مقابل حوالي 4.2 مليارات دولار للفترة ذاتها من العام 2014.

تطوّرات أسعار الأسهم حتى تموز 2015

على الرغم من تعدّد المؤشرات المتراجعة خلال النصف الأول من العام الحالي، فإن بورصة بيروت، من حيث العدد وقيمة التداولات سجلت المزيد من التحسّن، على الرغم من تراجع أسعار العديد من الأسهم الرئيسة، ويعود هذا التحسّن في جزء منه إلى صفقات بعض الأسهم المصرفية وأسهم «سوليدير» خلال الفترات الماضية من السنة، على وقع نتائج المصارف المدرجة وعلى وقع الإعلان عن توزيع بعض أنصبة الأرباح، ولو جاءت أقل من الفترات الماضية.
في التفاصيل، لقد بلغت تداولات البورصة حتى نهاية تموز من العام 2015، ما مجموعه حوالي 48.079 مليون سهم، قيمتها حوالي 377.6 مليون دولار، مقارنة مع حوالي 33 مليوناً و458 ألف سهم قيمتها حوالي 247 مليوناً و9 آلاف دولار، للفترة ذاتها من العام 2014. وعلى الرغم من ضعف النشاط الاقتصادي والمالي خلال العام الحالي، فإن نشاط البورصة تحسّن من حيث القيمة بحوالي 130.6 مليوناً وبما نسبته حوالي 52.8 في المئة. أما من حيث العدد فقد تحســنت الحـــركة حوالي 15.3 مليون سهم بما نسبته حوالي 43.7 في المئة.
هذا التحسّن في التداولات يأتي على الرغم من تراجع النشاط الاقتصادي والمالي في البلاد، وعلى الرغم من تراجع أسعار غالبية الأسهم الرئيسية خلال الفترة، مقارنة مع العام الماضي. أما القيمة السوقية للسهم، أو القيمة الترسملية، فقد ارتفعت من حوالي 10.9 مليارات دولار الى حوالي 11.44 مليون دولار، بما نسبته حوالي 4.6 في المئة. وهذا التحسن في القيمة السوقية يعود لإدراج بعض الأسهم الجديدة وليس لتحسّن اسعار الأسهم الرئيسة التي تحرّكت في شكل جزئي.
بالنسبة إلى أسعار الأسهم، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2015، يتّضح أن هناك تراجعات ملحوظة للأسهم الرئيسة، مع تحسن جزئي لأسهم أخرى وبمعدلات متفاوتة.
1ـ تراجع سهم سوليدير «أ» بنسبة بلغت حوالي 9.95 في المئة، حتى نهاية تموز، مقارنة مع العام الماضي، وأقفل على سعر 11.13 دولاراً، مقارنة مع 12.36 دولاراً، للفترة ذاتها من السنة الماضية. في حين تراجع سهم سوليدير «ب» بنسبة بلغت حوالي 10.22 في المئة، وأقفل على سعر 11.16 دولاراً مقابل حوالي 12.43 دولاراً لنهاية تموز 2014. لكن السهم تحسّن بعض الشيء مع الحديث عن نتائج الشركة وتوزيع أنصبة أرباح عن العام 2014.
2 ـ الأسهم المصرفية تحسّن بعضها، وتراجع البعض الآخر، على الرغم من النتائج المقبولة والجيدة للمصارف الكبرى، من بلوم بنك وبنك عودة وبيبلوس، وبنك بيروت، وكانت الأسهم الأكثر تحسّناً مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية أسهم بلوم وبيبلوس وشهادات الإيداع وبنك بيمو. أما الأسهم التجارية والصناعية فقد كانت حركتها أقل، وكذلك التغيير في بعض أسعارها.