IMLebanon

«جوجل» .. طموح لا يعرف المستحيل

googlealphabet
ريتشارد ووترز

ليس هناك حد لطموح جوجل. أي شكوك عالقة بخصوص هذا الموضوع يفترض أنها اكتُسِحت بسبب أخبار هذا الأسبوع بأنها تعيد تشكيل نفسها تحت اسم “ألفابت” Alphabet وهي شركة قابضة لبعض من أعظم تحديات التكنولوجيا أمام البشرية.

حتى إدارة شركة الإنترنت الأكثر نجاحا في العالم، بما لديها من تقييم بحدود 460 مليار دولار، لم يعد كافيا لاحتواء طموح المؤسسين، لاري بيج وسيرجي برين. سيتم تعيين الحدود فقط من خلال حدود حركة النقد في جوجل (التي تعتبر محدودة) ومخيلتهما (التي لا حدود لها).

بيتر ديامانديس، صاحب مشاريع الفضاء الذي يملك أكثر المشاريع غرابة، وهو تعدين الكويكبات، والذي اجتذب استثمارات من بيج، يقول: “لدى لاري وسيرجي رؤى رائعة مهتمة بالتصدي للمشاكل التي تواجه مليارات الناس”. طموحهما، كما يقول “يعيد اختراع الصناعات: إنها الاتصالات العالمية، إنها فتح الفضاء، إنها إعادة اختراع وسائل النقل. إنه طموح يتساءل باستمرار: لماذا لا؟”.

وترى ريتا ماكغراث، أستاذة الإدارة في كلية كولومبيا للأعمال، أن عملية إعادة التنظيم في ألفابت ستعطي لمبادراتها العديدة الحرية لتصبح على دراية وثقة بالوضع الجديد، وهي أفضل فرصة لجوجل لتستغلها بقوة في مثل هذه المجموعة الواسعة من الشركات. لكن هذا لا يعني أنها ستبلغ أعلى معدل مما هي في جوهرها رهانات محفوفة بالمخاطر للغاية.

تقول ماكغراث: “لقد حاولوا الكثير من الأشياء من قبل وأخفقوا في عدد منها”. على رأس القائمة يوجد جلاس، النظارات التي أثبتت أنها عبقرية غريبة الأطوار جدا حتى بالنسبة لمجموعة الطلاب المهووسين، لكن هناك غيرها مشاريع كثيرة، أطلقت مع ضجة وبيان صحافي، فشلت أيضا. وتضيف: “والقائمة تطول وتطول”.

والتمييز بين الأفكار الرؤيوية حقا والأفكار الغريبة الخالصة سيكون جزءا كبيرا من التحدي.

إسترو تيلر، رئيس المختبر التجريبي لجوجل إكس، قال إن وظيفته تعتبر مثل تشغيل “مصنع الشوكولاتة”، في إشارة إلى عالم ويلي ونكا الغريب، حيث لا يمكن تطبيق القواعد العادية. بالنسبة لألفابت، هي تدور الآن تماما حو الاستفادة من إمكانات الغرابة.

وفيما يلي التطلعات الرئيسة التي ظهرت من المجموعة المحيرة في جوجل للمشاريع الجانبية في السنوات الأخيرة. لكن مع ألفابت، لا شيء الآن يعتبر خارج الحدود.

أمراض الشيخوخة

علاج لمرض السرطان، انس الموضوع: لاري بيج لديه شيء أكبر. قبل عامين، كشفت جوجل عن قسم التكنولوجيا الأحيائية الموجود لديها، والمعروف باسم كاليكو، وقال رئيسها التنفيذي إن القضاء على السرطان سيضيف ثلاث سنوات فقط لمتوسط العمر المتوقع عند الولادة. أليس من الأفضل بكثير أن نحاول التصدي لأمراض الشيخوخة، التي تقوض بشكل خطير عمر الإنسان.

تقديم تغيير ذي مغزى في الصحة يعتبر أحد أكبر طموحات جوجل، وهو فكرة تتخلل كثيرا من استثماراتها. وقد أرسل هذا موجات من عدم الارتياح عبر صناعتي الأدوية والرعاية الصحية، حيث أقامت جوجل بالفعل شراكات، لكن ينظر أيضا إليها باعتبارها منافسا على المدى الطويل.

مع كاليكو – التي هي اختصار لشركة حياة كاليفورنيا – أعادت جوجل تجميع بعض من أفضل المواهب من شركة التكنولوجيا الأحيائية الرائدة، جينينتيك، بمن فيهم الرئيس التنفيذي السابق، آرت ليفنسون. وفي واحدة من العلامات الملموسة القليلة حول مبلغ المال على المحك في رهاناتها الجانبية، وعدت بوضع ما يصل إلى 750 مليون دولار في مشروع مشترك بين كاليكو و”آب في”.

كما تم تشكيل قسم منفصل لعلوم الحياة لاستخدام تقنيات الحاسب الآلي و”البيانات الكبيرة” التي تعتبر أساس ثروة جوجل. وتشمل مبادراته عدسات الاتصال “الذكية” التي تراقب مستويات السكر في الدم لمرضى السكري (بشراكة مع شركة نوفارتيس)، ومعدات جراحة روبوتية (مع جونسون آند جونسون).

الصحة أيضا في قلب ذراع رأس المال المغامر لدى جوجل، التي أصبحت من أكثر المستثمرين نشاطا في الاستثمار في الشركات الناشئة في وادي السليكون. فأكثر من ثلث الاستثمارات في مشاريع جوجل كانت في مجال الرعاية الصحية وشركات علوم الحياة في العام الماضي، وهي أكبر فئة منفردة.

توصيل أطراف العالم

ما فائدة خدمات الإنترنت لجوجل إذا كنت لا تستطيع الوصول إليها؟ بناء الشبكات التي تتجاوز شبكات الشركات القائمة كان هدفا على مدى العقد الماضي، في الوقت الذي تحاول فيه جوجل تغطية العالم بإنترنت منخفض التكلفة.

أصبح مشروع “لون” شعار هذه الجهود. كان لديه هدف خيالي مميز: بث الإنترنت وصولا إلى مناطق نائية من الكوكب، من أسطول من البالونات العائمة في طبقة الستراتوسفير (على مسافة تصل إلى 50 كيلومترا فوق سطح الأرض). لكن الفكرة أخذت تقترب من الواقع. فبعد تجارب ناجحة في نيوزيلندا، أصبحت سريلانكا أخيرا أول بلد يشترك من حيث المبدأ في الخدمة، على الرغم من أن تفاصيل كيف ومتى سيتم إطلاقها لم يتم بعد الاتفاق عليها.

على أرض الواقع، أثارت جوجل سباقا عالي السرعة حول البيانات عن طريق استثمار أموالها في بناء شبكات على مستوى المدن.

ولأنها كانت غير راضية لأن شركات الاتصالات وشركات الكابل لم تستثمر بما يكفي في تقنيات الإنترنت السريع، طرحت تحديا في عام 2011 من خلال خطط لحفر الشوارع في أوستن، تكساس، لشبكة بسرعة جيجابت.

ووسَّعت الخطة إلى ثماني مدن أمريكية أخرى وأثارت شركات أخرى لتعلن عن شبكات عالية السرعة لديها.

وجلب هذا العام جبهة جديدة، مع محاولة خدمة اتصالات جوالة في الولايات المتحدة تعتمد على كل من شبكات الـ “واي فاي” والخليوي. وأطلق على هذا المشروع اسم “فاي”، وقد بدأ على مستوى صغير: فهو لا يعمل إلا مع أحدث هواتف آندرويد التابعة لجوجل، وهي عن طريق الدعوة فقط. لكن كما هو الحال مع إجراءات جوجل الأخرى في الشبكات، يمكنها أن تشكل تحديا لصناعة بأكملها.

إنقاذ الكوكب

قبل عامين، دخلت جوجل في أعمال طاقة الرياح: مع استحواذها على شركة مكاني باور ـ مقرها كاليفورنيا ـ فقد اشترت شركة تجعل طائراتها الورقية تطير حتى ألف قدم في الهواء لدفع توربينات الرياح.

وكانت عملية الشراء هذه جزءا من مجموعة من الاستثمارات التي حولت جوجل إلى داعم كبير في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في ثلاث قارات، مع ما يقارب ملياري دولار تعهدت بها. وكثير من هذه الأمور مدفوعة بالطلب الضخم على الطاقة من مراكز البيانات الخاصة بها: تقول الشركة إنها تستخدم الطاقة المتجددة لتلبية 35 في المائة من احتياجات الطاقة. لكن رغبتها في توليد الطاقة وتوزيعها تمتد أبعد من ذلك بكثير.

هذا العام ضخت 300 مليون دولار إلى أداة استثمارية تديرها شركة الطاقة الشمسية “سولار سيتي” للمساعدة في تمويل عمليات التركيب من قبل أصحاب المنازل في الولايات المتحدة.

واستثمرت في عدد من شركات “الشبكة الذكية” التي تهدف التكنولوجيا فيها إلى جعل توزيع الكهرباء أكثر كفاءة، على الرغم من أن أداة برمجية تأمل في أن الناس قد تستخدمها لمراقبة استخدامهم للكهرباء اسمها “باور ميتر”، لم تلق قبولا لدى الناس.

كذلك استخدمت جوجل أيضا عملياتها كمختبر لتقنيات صديقة للبيئة. القباب المحاطة بالزجاج التي تعتزم إنشاءها لمقرها في وادي السليكون تختلف تماما عن أي مقر لأية شركة. التصاميم الجذرية تحمل مصالح بيج الشخصية في مواد وهياكل جديدة، وقدرتها على تقليل تكاليف البناء والأثر البيئي.

غزو الروبوتات

عندما تستولي الروبوتات في النهاية، كثير منها سيأتي من جوجل. وتلوح الأتمتة كثيرا في خطط الشركة التي تجمع الذكاء الاصطناعي المتقدم الذي يعتبر أحد مهاراتها الرئيسة مع قدرات ميكانيكية جديدة.

المنتجات الأولى من مختبرات الروبوت في جوجل تتحرك منذ الآن، وتحلق وتمر عبر المشهد الخارجي. فقد أصبحت السيارات دون سائق، الرمز، أكثر رمز لافت للنظر بشأن طموحاتها الكبرى إلى ما وراء البحث في الإنترنت. عرضت المركبات الذاتية القيادة على الطرق السريعة لأول مرة قبل خمس سنوات، وهي تسير الآن نحو مليوني ميل. وحوادثها الـ 14 كانت كلها من السائقين الآخرين، وفقا لما تقوله جوجل.

لكنها لم تعثر حتى الآن على شركة صناعة السيارات التي تريد أن تتناول التكنولوجيا التي لديها، وقضايا مثل التأمين والمسؤولية القانونية لا تزال دون حل. وفي المضي قدما من تلقاء نفسها، بدأت باختبار النماذج الأولية لسيارة أكثر محدودية، على غرار “توي تاون”، المصممة لتتجول في الأحياء بسرعة قصوى تصل إلى 25 ميلا في الساعة. جوجل تجري تجارب أيضا في الطائرات دون طيار، مع مشروع يسمى “وينج”، تسبب في ضجة في قطاع الروبوتات قبل عامين، عندما اشترت حفنة من الشركات الناشئة، بما في ذلك الشركات التي تصنع آلات للمستودعات وأرصفة التحميل.

ومن بين ما استحوذت عليه جوجل، روبوت يسمى “بيج دوج”، وهو بهيمة ميكانيكية بلا رأس تدب على أربعة أرجل. حتى بعض المطلعين على جوجل يعترفون بأن منظر هذه البهيمة التي تزن نحو 110 كيلو جرامات وهي تتقدم على أرض وعرة في خطو سريع، سيخلف لدى كثير من الناس شعورا بعدم الارتياح إزاء مستقبل الروبوت.

كل شيء ذكي

العالم غير الحي آخذ في الاستيقاظ. عالم جوجل يتضمن بالفعل أجهزة تنظيم الحرارة التي تدفئ المنزل عندما تعرف أنك في طريق العودة إلى المنزل، وأجهزة إنذار الدخان التي يمكنك إيقافها من خلال هاتفك الذكي، وكاميرات الأمن التي ترسل تنبيهات عندما ترى شيئا مريبا.

هذه منتجات تباع من قبل “نيست”، قسم “المنزل الذكي” التابع لجوجل. وضع “أدمغة” من السليكون في مجموعة أوسع بكثير من الأشياء هو الهدف التالي.

وأعلنت شركة جوجل هذا العام عن “سايدووك”، وهو قسم “المدن الذكية”، الذي يبحث عن سبل لجعل البيئات الحضرية تعمل على نحو أفضل مع الذكاء الرقمي.

بالمخاطرة بالظهور بمظهر الغطرسة المعروف عن جوجل، قال بيج إن الهدف هو تحسين حياة كل فرد يعيش في المدينة. هذه تسمى مشاريع “إنترنت الأشياء”، وهي أمثلة على ما تأمل جوجل الاستفادة منه بشكل أكبر في: جذب الرؤساء التنفيذيين الطموحين مع وعد بأن يكونوا قادرين على بناء شركات مستقلة تحت مظلة ألفابت.

رئيس نيست، توني فاضل، الذي كان في السابق يدير قسم الآيبود في “أبل”، في حين أن دان دوكتوروف، الذي يدير سايدووك، كان نائب عمدة مدينة نيويورك.

بعض هذه الأشياء الذكية كان مصيرها الفشل. مشروع جلاس، إطار النظارة الذكية، كان أبرز مثل على فشل جوجل. أعيدَ المشروع إلى طاولة الرسم بعد أن أثارت الكاميرا الموضوعة على الوجه رد فعل عنيف حول التعدي على الخصوصية.

وأحيانا، حين تعطي الأشياء الجامدة عقلا تستطيع استخدامه، فربما هذه ليست بالفكرة الجيدة. في السنة الماضية اضطرت “نيست” إلى إيقاف مبيعات أجهزة كشف الدخان التي تصنعها، عندما اكتشفت أن التلويح باتجاهها يمكن بصورة عرضية أن يعطل الجهاز حين يندلع حريق حقيقي.