IMLebanon

هل سيمكث “الأسير” في السجن؟

ahmad-el-assir-1

هنأت جهات أمنية غربية وعربية جهاز الأمن العام اللبناني لإلقائه القبض على الشيخ الفار من وجه العدالة أحمد الأسير، مشيرة إلى إرتفاع مستوى الأداء العملاني واللوجستي والإستخباري عند أجهزة الأمن اللبنانية كافة، إلى حد تمكن الأمن العام من رصد وتعقب مكالمات مشتبهين، وخصوصا تلك المكالمة التي اعتبرت الخط الرئيس في الوصول إلى الحيثيات المكانية للتحركات الأسيرية المتوارية في غياهب اللامكان، في “مثلث برمودا عين الحلوة”، الذي “داخله مفقود والخارج منه مولود”، خصوصا أنه يحوي، إلى المساكين والفقراء و”المعترين” باللغة اللبنانية، أعتى المجرمين وأكبر المطلوبين وأهم حيتان المافيات والإرهابيين حسبما قالت مصادر متابعة.

وأشارت هذه المصادر لصحيفة “الديار” الى إن الرصد والمتابعة الدقيقة أثمرا توفر ملف كامل عن تاريخ صنع السيارة ونوعها ولونها للأجهزة الأمنية، ثم توقيت إنطلاقتها ومسارها.

واشارت المصادر الى ان “ حالة النضوج” التي تكلم عنها اللواء إيراهيم، والتي عطلت إلى حد الآن إنجاز عملية التبادل بين الرهائن من الجيش والقوى الأمنية، وبين السجناء من “النصرة” وغيرها من المجموعات ومناصريها، باعتبار أن الصفقة، ودائما حسب المصادر، كانت قد أنجزت، ولم يعد ينقصها إلا “التوقيت المناسب”. وأن هذا التوقيت “أتى” بعدما ظهر الأسير بالإطلالة الهولوودية، حليق الذقن، رغم اللحية الشهيرة التي اشتهر بها، ليصدر بعده البيان العاجل الذي تلاه من النصرة وأخواتها، ما قرأته المصادر سيناريو مركباً، تحاول الجماعات التكفيرية تسويقه، يبدأ باعتقال الأسير، ويترافق مع ضغط إعلامي نصروي-داعشي، يهدد بتصفية العسكريين، في حال لم يتم الإفراج عنه، وقد تعمد داعش تصفية أحد العسكريين، ما يرفع من منسوب الغضب الشعبي والضغط للمطالبة بشمل الأسير ضمن الصفقة، مقابل حقن دماء العسكريين المخطوفين.

وبحسب معلومات المصادر أن الأسير لن يمكث في السجن أكثر من أسابيع معدودة، بحيث يربط مصير العسكريين المخطوفين بإطلاق سراحه، وقد تقبل الدولة بتأثير الغضب الشعبي وترضخ، فتطلق سراح الأسير مقابل نفيه من لبنان، وبالتالي، يفر من العقاب الذي يستحقه كقاتل لجنود الجيش اللبناني، ما سيسبب بإحراج كبير للدولة اللبنانية، وللمؤسسة العسكرية. الملف الأسيري سيسبب عقبات كبرى، خصوصا أنه قد يكرس إنقساما كبيرا في الشارع اللبناني، فأهالي العسكريين المخطوفين المتعلقون “بحبال الهوا”، والمتمسكون بأي خيط يعلق أولادهم بالحياة، يعتبرون أن حرية أحمد الأسير أو أي مطلوب آخر هي ثمن رخيص مقابل حرية أبنائهم العسكريين المخطوفين، باعتبار تحريرهم خاصة أنهم عانوا الأسر أكثر من عام، أولى الأولويات التي لا تراجع عنها.

بالمقابل، يبرز شارع العسكريين الشهداء في معارك عبرا، والمواطنين الصيداويين الذين ذاقوا الأمرين من ممارسات جماعة الأسير، واستعراضاته المسلحة، كما المواطنين الذين قطعت ممارسات الأسير عليهم الطريق من بيروت إلى قراهم في الجنوب، والتي وصلت في وقت معين إلى إستفزاز قيادات حزبية معتدلة، ناهيك عن تيار المستقبل والقوى الفاعلة.

وفي الشارعين، ينقسم الشعب اللبناني بين مؤيد لإطلاق الأسير ومعارض له، تقول المصادر، سيفتح المجال واسعا أمام الساسة ليدلي كل بدلوه، وتكون هذه نقطة خلاف أساسية تضاف إلى الإنقسام السياسي الحاد بين اللبنانيين وساستهم. بالمقابل، تتطلع الدول الأوروبية، وتحديدا أجهزتها الأمنية والإستخبارية، إلى كيفية تعاطي لبنان مع هذا الملف، خصوصا أنه يشمل أكثر شخصية سببت إقلاقا للنظام العام، وتهديدا للأمن والسلام المجتمعين، وكادت، لولا تعقل اللبنانيين، تشعل فتيل الفتنة السنية – الشيعية، وتشير إلى أن كيفية تعاطي الدولة مع هذا الملف، ستحدد قدر إنخراطها في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

المهم، ودائما حسب المصادر، ألا يتحول الكلام في موضوع الحالة الأسيرية إلى كلام مذهبي وطائفي. “الأسير لا يمثل السنة”، والقوى الأمنية والمؤسسات العسكرية لا تستهدف أي مكون من المكونات. الأسير اعتقل لأنه قتل عسكريين في الجيش اللبناني، وحاول إشعال فتنة طائفية من خلال ممارسات سببت الكثير من المشاكل للبنانيين وليس لأي سبب آخر.

الأيام المقبلة ستحمل الكثير على مستوى الوطن، وتشابك الملفات على مستوى الواقع الأمني والسياسي، المطلوب أعلى درجات من التعقل وضبط النفس من قبل الجميع، والتعاطي بحكمة وروية، ولكن بحزم، مع ما يجري من تبعات لحدث على هذا المستوى، مشيرة إلى أن مستوى السجال من المرجح أن يرتفع مع الساعات والأيام المقبلة، ومتمنية ألا ترتكب جبهة النصرة أو تنظيم “داعش” أو غيرهما حماقات، لأن الشعب اللبناني يقف صفا واحدا إلى جانب مخطوفيه، وهو وبكامل قوته إلى جانب أهالي العسكريين الذين سقطوا على مذبح الشهادة في عبرا دفاعا عن الدولة في لبنان، ضد التطرف والعنف والإرهاب.

لن تذهب دماء جنودنا هدرا، تختم المصادر، ولن نترك أسرانا في أحضان التطرف والتكفير، ولن نسمح في ملف العسكريين أن “يحبلوا ويخلفوا على ظهرنا”…