IMLebanon

هل من مصلحة في تغيير سعر صرف الليرة؟

MoneyLeb3
عزة الحاج حسن

لا يدخل موضوع سعر صرف الليرة اللبنانية ضمن القضايا المتداولة أو بين الملفات التي يتم تقاذفها بين الأطراف السياسية. وعلى الرغم من تداول البعض لهذا الملف في الكواليس الضيقة، يبقى المس بسعر صرف الليرة بحسب غالبية الخبراء والقيمين على الوضع المالي أمراً “غير وارد” لا بل يلامس “المحظورات”.
ولأن تثبيت سعر صرف الليرة لم يكن يوماً هدفاً أمام الحكومات بل وسيلة للحفاظ على العملة الوطنية من أي منافسة أو تدهور، بات موضوع رفعه أو خفضه “شبه محرّم” رغم قناعة غالبية خبراء المال بأهمية وضرورة أن يكون سعر الصرف مرناً “لكن ليس في لبنان”. فمن أين تنبع مخاوف تعديل سعر صرف الليرة اللبنانية وما هي المخاطر المترتّبة على تعديله؟ وهل من ضرورة فعلية للإستمرار بتثبيته؟

قد تكون الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني وبمصرف لبنان وبقدرتهما على المحافظة على ثبات سوق العملة واستقطاب الأموال من الخارج وتجنيب الإقتصاد التبعات السلبية للأزمات السياسية والأمنية، من موجبات ومحفّزات تعديل سعر صرف الليرة، ولكن للتعديل نزولاً أو صعوداً مفاعيل غير إيجابية على الإطلاق إن لجهة المصلحة العامة ومديونية الدولة أو لجهة مصلحة القطاع الخاص والإموال المدينة للدولة.
إذا استثنينا انعكاس تعديل سعر صرف الليرة اللبنانية على القطاعات الإقتصادية، لا يمكن تجاهل تناقض المصلحة بين القطاع العام أي الدولة من جهة والقطاع الخاص المتمثل بالمصارف التجارية من جهة أخرى في ما يخص مفاعيل تعديل سعر الصرف، فللدولة منفعة كبيرة من خفض سعر صرف الليرة، لأن صرف الدولار بـ 1600 أو 2000 ليرة أو أي سعر يفوق سعر الـ1500 ليرة المعمول به حالياً، يخفف عن كاهلها أعباء الديون العامة المعنونة بالليرة اللبنانية، والتي تبلغ نسبتها نحو 65 في المئة من مجمل الدين العام، كما يخفض كلفة القطاع العام، في مقابل ذلك يتضرر الدائن أو المُقرض للدولة والأفراد على حد سواء.

وعلى عكس مصلحة الدولة، فليس للمصارف اللبنانية مصلحة في خفض سعر الصرف، بل تكمن مصلحتها برفعه تجاه الدولار، أي أن تصبح قيمة الدولار الأميركي 1000 ليرة أو 800 ليرة أو أي قيمة أخرى أدنى من 1500 ليرة، لأن المصارف مُقرضة للدولة بأكثر من نصف ودائعها، وخير مثال على استفادة المُقرض أو الدائن وتضرّر المقترض من رفع سعر الصرف، أن الدين الذي تبلغ قيمته اليوم 150 ألف ليرة لبنانية يساوي مئة دولار أميركي، أما بعد رفع سعر الصرف الى 1000 ليرة، تصبح 150 ألف ليرة تساوي 150 دولاراً، أما الديون المعنونة بالدولار فتبقى كما هي دون تغيير.
أما إذا نظرنا الى تعديل سعر الصرف وآثاره على القطاعات الإقتصادية فلتعديله إيجابيات لا يمكن تجنب ذكرها، فرفع سعر صرف الليرة ينعكس انخفاضاً على أسعار الواردات المقومّة بالليرة، كأن تصبح السلعة التي تبلغ قيمتها دولاراً واحداً في بلد المنشأ مساوية لـ 1000 وليس 1500 ليرة، وتستفيد من هذا الإنخفاض الصناعة المحلية المعتمدة في موادها الأولية على الاستيراد من الخارج، كما يستفيد المستهلك عموماً، والعكس بالعكس، فإن خفض سعر الصرف سيشجع السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين والإقبال على شراء العقارات والموجودات في لبنان، في مقابل ارتفاع معدلات أسعار السلع المستوردة وبالتالي تضرر الصناعات المحلية.
من هنا ونظراً الى فداحة الخسائر إن لجهة رفع سعر صرف الليرة أو خفضها، وانطلاقاً من فقدان الثقة بقدرة الدولة على الحفاظ على قيمة العملة، يصرّ غالبية الخبراء على الإستمرار بتثبيت سعر الصرف، لأنه يترك هامش تحرّك لديه في محيط 1500 ليرة للدولار.