IMLebanon

“وزارة الطاقة لا يمكنها معالجة الأمور فقط بـ”مطابع بيانات

MinistryEnergyWater

رائد الخطيب

لا تعدو مشكلة التقنين في بيروت، إلا جزءاً من أزمة عامة تلف قطاع الكهرباء، خصوصاً وأنَّ الحاجة المطلوبة بحسب مصادر قريبة من «كهرباء لبنان»، تتعلق بارتفاع الطلب الى مستويات تصل الى نحو 3500 ميغاوات، فيما المتوافر لا يكاد يصل الى 1400 ميغاوات بأفضل حالاته، فضلاً عن الأعطال المرتبطة بالمحولات والشبكات بفعل الرطوبة وموجة الحر الشديد التي تجتاح لبنان منذ نحو الشهر، وبحسب هذه المصادر فإنَّ أوضاع الكهرباء لن تميل الى التحسن قبل نهاية ألأسبوع الأول من أيلول المقبل، مع انتهاء ورشة صيانة وحدتين انتاجيتين في معمل الزهراني، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من بيروت لا يستطيع التعويض من خلال شبكة المنصورية وهو ما يفرض واقع تقنين بمعدل ثلاث ساعات تغذية مقابل ثلاث ساعات قطاع، لكن ليس في كل بيروت بل فقط من تلك التي تستمد التيار من معمل الزهراني.

وعلى أي حال، فإن وضع الكهرباء حتى حتى الآن، هي كالتالي على مستوى الانتاج والمعامل:

-معمل الزوق الحراري من أصل 642 ميغاوات لا يعطي أكثر من 230 ميغاوات.

-معمل الجية من أصل 347 لا يعطي أكثر من 75 ميغاوات.

-معمل دير عمار من أصل 470 ميغاوات لا يعطي أكثر من 402 ميغاوات، وتتفاوت أعمال التصليحات والصيانة فيه، الان هو على هذه النسبة من الانتاج.

-معمل الزهراني من أصل 470 ميغاوات لا يعطي أكثر من 290 ميغاوات.

-معمل بعلبك من أصل 70 ميغاوات لا يعطي أكثر من 60 ميغاوات.

-معمل الحريشة من أصل 140 ميغاوات لا يعطي أكثر من 60 ميغاوات.

-معمل صور من أصل 70 ميغاوات لا يعطي أكثر من 33 ميغاوات.

-الباخرتان التركيتان من أصل 300 ميغاوات تعطيان نحو 30 ميغاوات.

وعليه، فإنَّ الحاجة الفعلية التي هي من 3100 الى 3500 ميغاوات، لا يتوفر منها سوى نحو 1450 ميغاوات، حيث أن من المفترض أن تعمل الكهرباء بطاقة (اسمية) تقدر بنحو 2519 ميغاوات، لكن للأسف هي لا تنتج حتى نصف هذه الطاقة الاسمية إذا ما تمَّ عدم احتساب ال300 ميغاوات من البواخر، وهو ما يجعل الانتاج بحدود 1150 ميغاوات.

وعلى الرغم من مؤسسة كهرباء لبنان كانت تستجر نحو 100 ميغاواط عبر خط سمريان – دير نبوح 220 ك.ف. إلا أنها توقفت وهو ما يزيد أمر الكهرباء تعقيداً، تضاف الى جملة التعقيدات السياسية والمالية التي تعيشها الحكومة، وبالتالي فإنَّ «ألواح الوصايا» ستبقى ألواحاً وعلى المواطن أن يكون مرغماً على التذلل لأصحاب مولدات الكهرباء، الذين باتوا المنافس غير الشرعي للدولة وكهربائها، وفي هذا ما يطرحُ علامةَ استفهام كبيرة، كيف يمكن للدولة أن تستمر في استيلاد أزماتها، سيما وأنَّ الخطط واضحة وجاهزة، ولكن المسألة تبقى رهن التوافق السياسي، لكن من أين التوافق الذي اختفى في أكثر الملفات ثانويةً، وتحول بفعل الخلافات الى ملف رئيسي ومادة قابلة لاشتعال الشارع.

وبالطبع، هذا لا يعفي وزير الطاقة آرتور نظريان من مسؤولية، عدم اتخاذ قرار جدي، ولا سيما بشأن القانون 181 الذي أمن تمويل بقيمة 1,772 مليار ليرة حيث قام مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 16/09/2010بتلزيم شركة كهرباء فرنسا بأعداد دفاتر الشروط الازمة لإنجاز هذه الخطة حيث من المرتقب ان تصل القدرة الانتاجية المجهزة((Capacity، وعند انجازها وبعد تأهيل معملي الذوق والجيه بتمويل من الصندوقين العربي والكويتي وفق مشاريع قوانين موجودة في مجلس النواب لحدود 3259 ميغاوات علماً ان الاستهلاك الذي كان مقدرا» عند انجاز، بحيث أن كان يفترض أن تصل تلك الخطة في عامنا الحالي، الى نحو ال 3200 ميغاوات أي تأمين الكهرباء نحو 24 ساعة في اليوم مع 59 ميغاوات فقط كطاقة احتياطية، إلا أنَّ شيئاً لم يحصل بل نحنُ أمام كارثية حقيقية.

فعلى صعيد الانتاج، لم يتم انشاء معمل ديرعمار 2، الذي كان مقدراً أن يعطي نحو 500 ميغاوات والذي لم يبدأ العمل به لغاية تاريخه. وهو المشروع الذي كان ينبغي البدء بهِ منذ العام 2011، إلا أنَّ العائقين السياسي والمالي، حالا دون تنفيذه، وانتاج نحو 530 ميغاوات، وتغذية الشبكات والنقص الفاضح في الانتاج الكهربائي، وتبين أنَّ المشكلة تقع على عاتق التفسير القانوني لدفتر الشروط الذي على أساسه تمّ تلزيم الشركة القبرصية اليونانية J &P AVAX، التي اعتبرت أنه على الدولة تأمين مبلغ الـ72 مليار ليرة أي قيمة الـTVA لتبدأ عملها، وعلى الرغم من مضي نحو 4 سنوات إلا أنَّ كل شيء بات متوقفاً، بانتظار إما الحصول على تمويل خارجي، لكن الخوف هو امكان لجوء الشركة الى التحكيم الدولي فيما لو تم فسخ العقد معها أو اجراء مناقصة تلزيم جديدة، لكن توافق الجميع على رفع توصية الحكومة بالاسراع ببت موضوع تلزيم معمل دير عمار، كما أوصت باقرار الخطة التي وضعتها كهرباء لبنان مع كهرباء فرنسا لفترة تراوح بين 12 و 15 سنة وتؤمن 500 ميغاوات. كما لم يتم انشاء معملين من المحركات العكسية للتوليد في معامل الذوق180 ميغاوات و 80 ميغاوات في الجيه. كما لم يتم تأهيل معملي الذوق والجيه للوصول الى قدرتهما الاسمية 607 ميغاوات للذوق و 346 للجيه. كما لم يتم انشاء مزارع توليد الطاقة بواسطة الرياح بقدرة ترواح بين40 و 60 ميغاوات في كل من القبيات، مرجعيون وراشيا. ما تحقق فقط هو استئجار باخرتين لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 270 ميغاوات.

في آخر بيانات وزارة الطاقة كان التبرير الوحيد لأزمة التقنين، هو أنَّ «التأخر في إنجاز المشاريع الإنتاجية المدرجة في خطة الكهرباء، التي أقرها مجلس الوزراء عام 2010، وخصوصا تلك المدرجة في القانون 181 الذي أقره مجلس النواب عام 2011 لأسباب خارجة عن إرادة وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان…مشاريع وحدات الإنتاج الجديدة في الذوق والجية، توقفت لفترة ثمانية أشهر لاسباب لم تعد خافية على أحد، ومشروع بناء معمل دير عمار 2 متوقف لأسباب مالية وإدارية. ولو قيد لهذه المشاريع ان تبصر النور لكان لبنان يتمتع تقريبا ب 24 ساعة كهرباء يوميا«.

ولكن وزارة الطاقة لا يمكنها معالجة الأمور فقط ب»مطابع بيانات»، وكأنها هي المستهدفة، خصوصاً وأنَّ الكهرباء منذ اقرار ورقة سياسة القطاع في حزيران 2010، لم تقدم أي حل بل إنَّ أزمة التيار الكهربائي هي الى المزيد من الاخفاق في ما لو تم تجاهل التحذيرات التي يطلقها كل من لجنة الأشغال والطاقة النيابية والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك، حول الأوضاع المهترئة للمؤسسة والتي فعلياً تحتاج الى اقرار المخطط التوجيهي للنقل والانتاج، وهو ما لم يحصل الى اليوم.

يبقى أنَّ الموضوع ألأهم والذي يثارُ في كل اجتماع لمعالجة أوضاع الكهرباء، هو موضوع التعرفة التي ترهقُ فعلياً الخزينة، حيث أن التعفرة الوسطية للكيلوات ساعة المعتمدة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان نحو 9 سنتات أو 135 ليرة لبنانية، وهذه التعرفة لم تتغير منذ العام 1994، في حين تبلغ تعرفة الكيلوات ساعة اشتراك بالمولدات الخاصة نحو 33 سنتاً أو 500 ليرة، وبالتالي فإنه مع انتاج نحو 10.000 GWH سنوياً، فإن خسائر المؤسسة المتأتية فقط من التعرفة تبلغ نحو مليار وثلاثة وخمسون ملبون دولار.

المضحك/المبكي…..أنَّ وزارة الطاقة الطاقة عاجزة عن تعديل التعرفة، مقابل إصدارها جدولاً شهرياً لا يطبق بنسبة لا تقل عن 60 في المئة، بالنسبة لاشتراكات مولدات الكهرباء الخاصة، بل وتعجز عن إضافة قرش منها أو إضافة 1 ميغاوات لصالح الشعب اللبناني.