IMLebanon

الإصلاح والتغيير في انتخابات “التيار” (بقلم رولا حداد)

gebran-bassil

كتبت رولا حداد

وأخيراً أُعلن ما كان منتظراً منذ اللحظة الأولى في ما سُمي “انتخابات” في “التيار الوطني الحر”: جبران باسيل رئيساً للتيار بما يشبه التزكية.

لم تكن النتيجة مفاجئة لأحد، ولا حتى لأكثر المتفائلين بإمكان إجراء انتخابات، ولو شكلية. مسار الأمور منذ اللحظة الأولى أكد الوصول الى هذه النتيجة، بدءًا من التهرّب المتكرّر من إجراء الانتخابات، مروراً بتهريب تعديل النظام الداخلي، وصولا الى التدخل المباشر للعماد عون بكل ثقله لمصلحة صهره جبران باسيل.

كل شعارات “الإصلاح والتغيير” سقطت في اللعبة العائلية الداخلية في عملية “التوريث”. فما يُطلق من شعارات على الوضع العام في البلد لا ينطبق أبدا على “التيار”، بدءًا من ضرورة الاحتكام الى الشعب، وبالتالي الاحتكام الى القاعدة الجماهيرية الحزبية، مروراً بضرورة إجراء انتخابات نيابية عامة في الحالة الوطنية، والتي يقابلها فرض “تزكية” في الانتخابات الحزبية تحت شعار أن “التيار” مستهدف. وفي حين أن الوقائع أثبتت بما لا يقبل الشك أن باسيل ليس الرجل الأقوى داخل “التيار” فإن الجنرال ميشال عون سعى الى فرض “توافق” حول شخصه لرئاسة الحزب، وفي المقابل يرفض عون نفسه أي حديث عن مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية ويصرّ على شخصه على اعتبار انه المرشح الأقوى. لماذا الازدواجية في المعايير؟ لا مبررات واضحة حتى الساعة. كما أن لا جواب على الإطلاق للسؤال حول كيف أن من يطالب بإجراء انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب في مجتمع متنوّع كالمجتمع اللبناني، وخلافا للدستور القائم الذي ينص على انتخاب رئيس الجمهورية من مجلس النواب، يتهرّب من إجراء انتخابات لرئاسة حزبه مباشرة من القاعدة الحزبية كما ينص نظامه الداخلي؟

إذا كل الشعارات سقطت، ليتضح أن لا تغيير ولا إصلاح، بل عملية توريث عائلية لا أكثر ولا أقل. وفي الأساس المعركة كانت ولا تزال في قلب “التيار الوطني الحر” معركة أحجام عائلية بين الصهر وابن الأخت وابن الأخ في حين يتم عمليا استبعاد جميع المناضلين غير التابعين لأحد أفراد “العائلة المالكة”. هكذا أثبت “التيار” أنه لا يختلف أبداً عن أي تركيبة حزبية لبنانية قائمة على معادلة التوريث، لا بل إن “التيار” بات يمثل نموذجاً فاقعاً لمنطق تغليب المصلحة العائلية على كل المصالح العامة والوطنية، بدءًا من تعطيل تشكيل الحكومات لتوزير الصهر، وصولاً الى تعطيل عمل الحكومة الحالية بهدف فرض تعيين الصهر الثاني قائدا للجيش!

أي “تيار” بعد “الجنرال”؟ قد تستطيع التركيبة العونية القائمة أن تشكل حالة سياسية برئاسة جبران باسيل، لكنّها حتما ستكون أعجز من أن تشكل حالة شعبية، وخصوصا حين يكون رئيس “التيار” الجديد أعجز من أن ينجح في انتخابات نيابية في قضاء البترون ذات الأكثرية المسيحية الصافية. كما أن ترؤس باسيل للحالة العونية سيزيد من خصومها بين من يُفترض أنهم حلفاؤها.

في الانتظار قد يكون العماد ميشال عون تمكّن أن يتجنّب انتخابات حزبية، كان يمكن لعدد الناخبين فيها أن يشكل صدمة حقيقية بفعل تراجع أعداد الحزبيين البرتقاليين، من حوالي 70 ألف حامل للبطاقة الحزبية في العام 2005 الى ما دون الـ14 ألف حامل للبطاقة، وكان سيصوّت منهم حكما أقل من 10 آلاف ناخب في أفضل الأحوال!