IMLebanon

الاستثمارات تتحول من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الإلكتروني

Print-Online-Media
تسارعت وتيرة الاستثمارات بشكل مفاجئ في مشاريع الإعلام الإلكتروني حيث يتزاحم المستثمرون على ضخ أموالهم في مشاريع إعلامية على الإنترنت، بالتزامن مع عزوفهم بشكل تدريجي عن الإعلام التقليدي.
ويقول محللون إن تدفق الاستثمارات بغزارة على الإعلام الإلكتروني يعود في الأساس إلى ثقة المستثمرين في تحقيق أرباح كبيرة، وفهمهم لقدرة القطاع النامي بقوة على جذب القراء، خاصة الشباب الذين تخلوا بشكل كبير عن وسائل الإعلام التقليدية.

وأعلنت شركة “بز فييد” الأميركية الأسبوع الماضي أن مجموعة أن.بي.سي العالمية ستستثمر نحو 200 مليون دولار في الشركة التي تعتبر من شركات الإعلام الإلكتروني الواعدة. وقبلها بأيام وقعت مجموعة الإعلام الأميركية الكبيرة عقد شراكة مع موقع ياهو الناطق باليابانية لإنشاء شركة إعلامية في طوكيو.

وفي منتصف الشهر الماضي، أعلنت مجموعة أن.بي.سي عن نيتها استثمار 200 مليون دولار أخرى في مجموعة فوكس الإعلامية، في إطار خططها لتطوير سلسلة مواقعها الإلكترونية، ومن بينها “فوكس دوت كوم” و”فيرج”.

وبذلك تكون شركتي بز فييد وفوكس قد انضمتا إلى سلسلة مواقع إخبارية تصل قيمتها إلى مليار دولار. ومن بين تلك المواقع “فايس ميديا” الذي كشف عن خطة تمويل العام الماضي تخطت حاجز 500 مليون دولار.

وقال كين دوكتور المحلل الإعلامي في شركة أوتسيل للإعلام إنه “أصبح الأمر سباقا. هذه الشركات تنمو بسرعة، وينبغي لها أن تنمو بسرعة”.

وأضاف أن الهدف الأساسي لهذه الشركات هي جذب انتباه جيل الشباب المولودين ما بعد عام 1980، والذين نادرا ما يقدمون على الاشتراك في صحيفة مطبوعة أو قناة تلفزيونية، وينظرون إلى الإنترنت باعتبارها مصدرهم الرئيس للمعلومات.

وأوضح دوكتور أن “المستثمرون أدركوا أن مستوى المعيشة في ارتفاع مستمر، لذلك فإنهم يرون إمكانية الاستفادة” من نمو الإعلام الإلكتروني.

ومن المفارقة أن أموال الاستثمار في الإعلام الإلكتروني تأتي من جهة الإعلام التقليدي المقابلة.

فقد اتجهت مجموعة “تونتي فيرست سينتشري” المملوكة لعائلة موردوخ إلى الاستثمار في موقع “فايس نيوز”، في الوقت الذي ذهبت مجموعة “تايم وارنر” الإعلامية إلى ضخ أموال إضافية في موقع “ماشابل”.

ويقول دوكتور إن “القطاع يشهد استثمارا متراكما كأي قطاع آخر… حجم الأموال كبير حقا، لكنه ليس حجما مخيفا”.

ومنذ ما يقرب من العقد، تعاني شركات الإعلام الكبيرة من تقلص حجم صناعة الصحف والمطبوعات. واستيقظت هذه الشركات الآن على كابوس تراجع صناعة التلفزيون بوتيرة متسارعة أيضا.

ويقول دوكتور إنه “مع عزوف المتابعين تدريجيا عن باقات التلفزيون يمكنك ملاحظة التصدع في جسد الصناعة التي لطالما كانت مهيمنة… الإنترنت تأكل كل شيء، والتلفزيون ليس محصنا”.

ووجدت المواقع الإخبارية الجديدة طرقا للتواصل مع متابعيها واستخدام التكنولوجيا بشكل انعكس إيجابيا على خدماتها وبجودة تخطت بكثير خدمات الشركات الكبرى.

وتقول نيكي آشر لايسر، أستاذة الإعلام في جامعة جورج واشنطن الأميركية، إن “المواقع الإلكترونية الصاعدة لا تنظر إلى نفسها باعتبارها شركات ترفيه فقط، ولكنها شركات تكنولوجيا أيضا”.

وأضافت أن ذلك “يعني كيفية توظيف تكنولوجيا المعلومات في نشر الأخبار وتلقي انطباعات أكثر دقة من القراء ومساعدة المعلنين في استهداف شرائح محددة لهم”.

وتستخدم بز فييد التكنولوجيا لدراسة كيفية نشر الاخبار على نطاق واسع، بينما تلجأ ماشابل لنظامها الخاص لفعل الشيء نفسه.

وباتت شركة أي.أو.أل، التي تمتلك موقع هوفينغتون بوست الإخباري وأيضا موقع تك كرنش، معروفة بتوظيف تكنولوجيا الإعلانات لقياس فاعلية الرسائل عبر الإنترنت.

وترى ريبيكا ليب، المحللة المستقلة في شؤون الإعلام، إن الجمع بين الإعلام القديم والجديد معا له فوائد كثيرة. وقالت “إننا نشهد تراجعا ملحوظا في نسبة مشاهدة التلفزيون وفي المقابل زيادة حادة في سرعة انهيار الصناعة بشكل عام”.

وأضاف “لدينا عدد كبير جدا من الشباب الذين أصبح من المستحيل استقطابه للاشتراك في القنوات التلفزيونية، لذلك يمكنني أن أؤكد أن أن.بي.سي تأمل في أن تساعد بز فييد على جذب عدد أكبر من الجمهور”.

وتظل الصحافة هي الرابح من وراء هذا الزخم الإعلامي الجديد. فالمستثمرون الذين يضخون أموالا كبيرة يركزون اهتماماتهم على المحتوى الخبري، وهو ما يعني بالدرجة الأولى توظيف أكثر وتحليلات أعمق، في وقت تتزايد فيه حركة تقليص الموظفين في غرف الأخبار التقليدية.

ودأبت شركات الإعلام الإلكترونية الجديدة، مثل أوزي وفيوجن وفوكاتيف، على توظيف أعداد أكبر.

وعلاوة على ذلك، خصص بيير اوميديار، مؤسس موقع إي.باي للتسوق على الإنترنت، 250 مليون دولار للاستثمار في مجموعته الإخبارية التي تضم موقع التحقيقات الصحفية انترسيبت.

ويقول دوكتور إن غالبية الشركات الإعلامية الكبيرة باتت تنفق ما بين 60 و70 بالمئة من ميزانياتها على صناعة الإعلام الإلكتروني والتأكد من المحتوى الخبري، مقارنة مع نحو 12 بالمئة تنفق على المطبوعات والصحف.

وأضاف أن تلك الشركات “تعتقد أن المحتوى الصحفي الجيد الذي يتميز بالمصداقية بإمكانه قيادة السوق”.

ومن غير الواضح ما إذا كان المستثمرون يدركون حجم الفقاعة الاستثمارية التي تعطي مؤشرات غير حقيقية للسوق أم لا.

وتقول لايسر إنه أصبح “لدينا مؤشرات واضحة أن بعض الأموال التي تم ضخها عادت مرة أخرى للمستثمرين… لم نعد نرى أن هناك رصاصة سحرية يمكن أن تقوم بفتح الطريق فجأة أمام المستثمرين لتحقيق الأرباح فورا”.