IMLebanon

افتتاح ملتقى الموارد البشرية في المصارف العربية شرف الدين: التصدي لآفة الفساد وسوء الإدارة يرسخ العدالة الاجتماعية

UnionofArabBanks
افتتح اليوم “الملتقى السنوي للموارد البشرية في المصارف العربية” في دورته الرابعة”، الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب برعاية النائب الاول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، في حضور مسؤولين في مصارف لبنانية وعربية، في فندق “روتانا – جفينور”.

طربيه
بعد تقديم للامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، ألقى رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية ورئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه كلمة قال فيها: “يسعدني أن أرحب بكم جميعا في هذا اللقاء الذي أصبح تقليدا سنويا يعقده إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، بعنوان “الملتقى السنوي للموارد البشرية في المصارف العربية” في دورته الرابعة، برعاية مشكورة من سعادة النائب الأول لحاكم مصرف لبنان الأستاذ رائد شرف الدين”.

واضاف: “تنبع أهمية هذا الملتقى من الدور الإستراتيجي والحيوي الذي تؤديه إدارة الموارد البشرية في المؤسسة، أي مؤسسة، وعلى الخصوص في المصارف، فالمفهوم الحديث لإدارة الموارد البشرية أخذ أهميته من التحول الذي طرأ على الدور مع تطور عمل المصارف وتشعب وظائفها، إضافة إلى الشمول المالي الذي بات يشكل السمة الأساسية والعامة للصناعة المصرفية في العالم المتقدم. وبات العنصر البشري يشكل الركيزة الأساسية لنجاح المؤسسة المصرفية”.

وتابع: “من المعروف أن الرواتب والأجور وملحقاتها تشكل أكثر من 85 في المئة من النفقات العامة في المصارف والمؤسسات المالية، فلنا أن نتخيل المردود الذي يفترض أن يعود على المساهمين أو المالكين في مقابل ما يتم إنفاقه على العنصر البشري في البنك، أو بكلمة أخرى يفترض أن تعمل الإدارة العليا في المصرف على حسن تثمير العنصر البشري مقابل الكلفة العليا لهذا العنصر المتمثلة بالأجور والرواتب والتعويضات والتقديمات الإجتماعية وملحقاتها”.

واردف: “ولكي يتحقق هذا الهدف، لا بد من أن تعمل الإدارة العليا على توفير كل أسباب النجاح لإدارة الموارد البشرية، وتوفير الوسائل التي تتيح لها إنجاز مهماتها وفق أعلى معايير العلوم الإدارية الحديثة. ولعل الأساس في التزام تلك المعايير هو فهم طبيعة السلوك الإنساني في المؤسسة وفهم طبيعة العنصر البشري ومعرفة العوامل المحددة والمحركة لسلوكه. ولا شك أن برامج دراسة العمل وتقويمه وبرامج إختبار الموظفين (التعيين)، وبرامج التدريب وبرامج الرواتب والأجور، والبرامج المتعلقة بخطط الإحلال والإبدال والتهيئة لإدارات الفروع والمراكز القيادية والإشرافية في المصرف، وغيرها من برامج دورات الموارد البشرية لا يمكن أن يكتب لها النجاح ما لم تكن مبنية على معرفة معمقة بطبيعة السلوك الإنساني وطبيعة العوامل المحددة له”.

وقال: “من هنا برزت وتعاظمت أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الإدارة العليا وإدارة الموارد البشرية في المصرف، غير أن هذه الأهمية لا يمكن أن تأخذ أبعادها وتعزز مرجعيتها ما لم يتشكل لدى طرفي المعادلة الاقتناع الكافي بها، وبالتالي العمل وفقا للأصول المبنية عليها. ويتطلب ذلك تعزيز ثقافة الشراكة الإستراتيجية عبر الإقتناع بأهميتها والسعي الى تطويرها، وصولا الى تحقيق أهداف المصرف المتمثلة بتعزيز ربحيته وضمان سلامته ضمن مستويات مقبولة من الأخطار، مع الأخذ في الإعتبار التزام المتطلبات الرقابية الصادرة عن السلطات الدولية والمحلية”.

اضاف: “مما لا شك فيه أن السلوك الإنساني يؤثر على أداء العنصر البشري الذي يرتبط مباشرة بالمخاطر التشغيلية (operation risk)، الأمر الذي يؤثر بدوره على خطط الإبدال والإحلال في المصرف (succession plans)، ومن المعروف أن هناك مجموعة من الإعتبارات والضوابط التي يجب أن يوليها القائمون عنايتهم بتصميم مقياس الأداء، فعليها تتوقف فاعلية المعلومات التي تعطيها المقاييس المستخدمة ودقتها”.

وشدد على أن “المعيار النهائي لفاعلية الأداء يتمثل في قيمة مساهمة الموظف في إنجاح المؤسسة وتحقيق أهدافها”.

واعتبر ان “أحد أهم أسباب نجاح المصرف هو مدى إرتباط الموظف بمؤسسته وولائه لها وهو من دون أدنى شك المفتاح الذي يؤدي الى طريق النجاح، ولكن المحرك الأساسي لتعزيز ولاء الموظف لمؤسسته وإرتباطه وإنتمائه إليها هو ذلك الرابط بين أداء الموظف وتقويم الإدارة لهذا الأداء ومكافأته أو محاسبته، غير أن ذلك لا يتأتى ولا يتحقق إلا عبر وضع سياسات سليمة وموضوعية لإدارة تقويم الأداءPerformance management وقياس الجودة Total quality management”.

وتابع: “من هنا تجد إدارة الموارد البشرية نفسها في قلب الحدث (In the trenches) فعليها أن تمارس دورها الذي ترسمه لنفسها من جهة، والذي ترسمه لها الإدارة العليا في البنك من الجهة المقابلة. وهنا تنشأ إشكالية العلاقة الجدلية بين المنظورتين المتقابلتين لهذا الدور، منظور الإدارة العليا ومنظور إدارة الموارد البشرية.
لذلك يجب على طرفي الإنتاج (الإدارة العليا للبنك وإدارة الموارد البشرية) الجلوس الى طاولة الحوار وطرح هذه الإشكالية وفق المفهوم العصري للشراكة الإستراتيجية للوصول الى رسم “خارطة طريق” مشتركة يكون أساسها الفهم والإقتناع المشترك بالدور الجديد للموارد البشرية وأهميته في تحقيق أهداف المؤسسة”.

وجدد شكره وتقديره “للأستاذ رائد شرف الدين وللحضور مشاركتهم في فعاليات هذا الملتقى الذي نتمنى أن تتحقق الأهداف المرجوة منه”.

شرف الدين
ثم تحدث شرف الدين فرأى أن “هناك ما يكفي من المؤشرات للتثبت من العلاقة الطردية بين الفساد وتفشي العنف في المجتمع، وبحسب “الشفافية الدولية”، ليس صعبا ملاحظة أن كل البلدان التي لفحها “الربيع العربي” هي بلدان تشهد ارتفاعا في مؤشرات الفساد”، لافتا الى ان “تقرير المسح الاقتصادي الذي أعده اتحاد المصارف العربية عن تقرير التنافسية للبنك الدولي، ينقل ما مفاده أن ثقة الشعوب العربية بسياسييها هي في الحضيض، ولا سيما في البلدان التي واجهت وتواجه اضطرابات سياسية (ولبنان في آخر القائمة إقليميا وعالميا”.

اضاف: “بموجب تقرير آخر للبنك الدولي عن الحوكمة، نجد أن بعض الدول العربية، كالإمارات وقطر، تفلح في مكافحة الفساد، في حين أن بعضها الآخر يخفق إخفاقا ذريعا خصوصا عندما يتزاوج الاضطراب السياسي مع المداخيل النفطية. كما يشير تقرير لاتحاد المصارف العربية إلى العلاقة المتلازمة بين الفساد في القطاع العام والفساد في القطاع الخاص. وبحسب تقرير السلام العالمي الذي يعده معهد الاقتصاد والسلم، فإن الدول العربية التي يعصف بها العنف والقلاقل هي الدول التي تعاني سوء الإدارة ومن حدة التفاوت الاجتماعي”، مستنتجا أن “التصدي لآفة الفساد وسوء الإدارة يكون أكثر من مجرد مسعى الى سلامة العمليات الاقتصادية والمالية، بل يصبح إسهاما مباشرا في استتباب العدالة الاجتماعية وفي إرساء الأمن الوطني والسلامة الشخصية: سلامتي وسلامتك وسلامة أبنائنا وأحفادنا”.

ورأى ان “أزمة الاسواق المالية أظهرت مدى عمق المحنة الأخلاقية في الفكر الرأسمالي. فهناك فارق بين مشروعية التطوير والربح، والذي هو حق لجميع الشركات، وبين تحصيل هذه الربحية من خارج إطار المبادئ المهنية والأخلاقية. فمن ناحية، أظهرت أزمة التدقيق إلى أي مدى يمكن الموظف غير المسؤول أن يصل من أجل تحقيق مصالحه. وكذلك، أكدت هذه الأزمة أن صمامات أمان الأسواق والاقتصاد كشركات التدقيق مثلا، ممكن أن تكون، في ذاتها، أداة شريكة في إحداث الأزمات في حال اختلال الفكر الأخلاقي لدى مواردها البشرية”، لافتا الى ان “الأفراد الذين ساهموا في هذه الأزمة الأخلاقية كانوا يعملون وكأنهم فوق القانون. كذلك، فإن الثقة الزائدة التي منحها عالم الأعمال والقانون للمؤسسات الناجحة، أو ربما وفر لها الحماية بتأثير مقولة “Too Big To Fail” – الأمر الذي جعلها بطريقة ما، كمؤسسة وكأفراد، منزهة عن الخطأ. وهنا تكمن الإشكالية الأخلاقية في المؤسسة وفي القانون”.

واعتبر ان “هذه الأزمة يجب أن تكون بمثابة جرس الإنذار لما يمكن أن يحدث في حال تشوه الأخلاق في عالم الأعمال، وفي حال ضعف التشريع أو التراخي في تطبيقه. ولكن، هل كان لنا أي عبرة مما حصل؟ تأتينا الإجابة في العام 2008 مع الأزمة الثانية في الألفية الثالثة، وهي “أزمة الأخطار”، و التي ما زالت مفاعيلها تتبلور في العديد من الدول. أيا كان منظورنا لهذه الأزمة، سنرى أنها نتجت – بدورها- من اختلال مفهوم الأخلاق، والثقة، والشفافية. وهو الخلل الذي أصاب كثرا في عالم الأعمال. وكان غالبا بفعل الطمع، والرغبة بالكسب السريع، وزعزعة المفهوم الأخلاقي عند ممارسة المهن المالية والمصرفية. بمعنى آخر، وبمنظور العديدين في المورد البشري وفي الكثير من المؤسسات، فقد ال Taboo مهابته وتأثيره، وبدأ الكثيرون يتجاسرون في اختبار حظوظهم ويتجاوزون الخطوط الحمر”.

ولاحظ عبر “الاجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية للحيلولة دون حصول أزمة أخطار أخرى، وجود الكثير من الجهود والنوايا الطيبة”، سائلا: “هل يمكننا القول بكل ثقة “وداعا للأزمات؟ أو أننا في صدد أزمة تالية؟ للأسف، قياسا بالطريقة التي عولجت بها الأزمات السابقة، نحن في صدد أزمة أخرى بدأت ملامحها بالظهور. والأزمة الاقتصادية المرتقبة من وجهة نظر الموارد البشرية ستكون – على الأرجح – “أزمة الثقافة المؤسساتية”، والمرتبطة بثغرة الأجيال. جيل الألفية السابقة، المولودون بين العام 1980 والعام 1996، بدأوا الدخول إلى سوق العمل. والثغرة الثقافية والقيمية والفكرية بين هذا الجيل الجديد والجيل القديم ستؤدي ،إذا لم تتم معالجتها، إلى أزمة جديدة أخطر من سابقتيها لأنها تمس جيلا بكامله وليس بعض الطاقات البشرية الذين ضلوا طريق الأخلاق. وأزمة الثقافة المؤسساتية ستكون من الصعوبة بمكان لأنها تتطلب معالجة على المستوى القيمي للطاقة البشرية، والذي هو من أصلب العناصر الموجودة في الطبيعة البشرية”.

واردف: “فالقيم، مثل الأطباع، يصعب التعامل معها وتغييرها، وهي في حاجة الى سنوات من الصقل والتهذيب لتأخذ الشكل الصحيح. هناك تفاوت وتشوه في معنى الأخلاق والقيم الإنسانية التي تشبع بها الجيل الجديد، وسيحملها معه إلى مركز العمل حيث ستصطدم مع القيم المؤسساتية السائدة. وهنا سيحصل اشتباك إشكاليته المحورية هي: ما هو السلوك المهني الصحيح؟ ذاك القائم على معايير صارمة ومتوارثة، أم أنه ما يحمله الكثير من الجيل الجديد من قيم سهلة، حيث الغاية تبرر الوسيلة، والتلاعب شطارة، والجهد ضعف، والولاء غباء، والكفاية مختصرة مقتصرة على بعض المعارف؟”.

واشار الى ان “الحداثة التي نشهدها في عالم الأعمال تحصل بقفزات فجائية وبوتيرة سريعة بحيث لا يتوافر الوقت الكافي للعامل البشري كي يتمثلها ويتفاعل معها”.

ولفت الى ان “الحماسة المتلازمة مع الحداثة تستولي على أذهان روادها وتستحوذ على أفئدة مطبقيها”، منبها من ان “ثمة ما يتجاوز الاستحواذ إلى الاجتياح، وليس هناك أدنى مجال للتروي ولمحاولة مواءمة الابتكارات التكنولوجية والعلمية مع القدرة الاستيعابية للمستهلكين، ناهيك بقدرتهم أو حاجتهم الى مواءمة ما يستوردون ويستهلكون مع السائد من قيمهم وعاداتهم وسلوكهم”، معتبرا ان “الخلل يحصل عندما يعلو بلوغ الهدف النهائي على كل اعتبار آخر ويصبح مبررا لفعل أي شيء”، لافتا الى انه “إذا طبقنا هذا الأمر على القطاع المصرفي، وتحديدا عند مستوى العامل البشري في المؤسسات، يمكننا أن نلاحظ ارتباط أزمتي العامين 2001 و2008، وربما الأزمة المقبلة، ارتباطهما بالمحتوى الحداثوي، أي اضطراب الحدود الفاصلة بين الغاية والوسيلة، وتعمشق بعض الوسائل إلى مصاف الغايات.

وتابع: “فمن جهة، نلاحظ ميلا جارفا الى تكثيف التكنولوجيا الحديثة في العمل المصرفي، كما في الانتاج والإعلام والتربية. وهي لكونها تكنولوجيا مستوردة، حمالة قيم وأفكار ومفاهيم ومضامين. والزعم أننا قادرون على انتقاء ما يناسبنا يجافي الحقيقية والواقع. لنكتف بأبسط الأمثلة ولنتأمل ما فعله الواتسآب في لغتنا العربية! فهل يمكننا أن نعزل عمليات التفكير والتأمل والابتكار عن اللغة؟ ولعل اجتياح الغرب للشرق بهذا الكم من الإنجاز والتفوق والإبهار ساهم في انكفاء المجموعات المغلوبة على أمرها إلى مجد ضائع، أو إلى عزلة ساترة”.

وقال: “ليس دقيقا الزعم بديموقراطية تكنولوجيا المعلومات والمعرفة، بل إن الوصول إلى هذه الوسائط والتحكم بمحتوياتها ينحسر نحو دائرة مختصرة من المقتدرين تاركا خلفه ملايين البشر في دوامة الإقصاء والرهاب والفقر؛ فالابتكار التكنولوجي يتوالى هندسيا في بعض الأماكن وفي أطر ضيقة من العلماء والباحثين، أما الفكر الحداثوي، بمعنى الثقافة والتمثل والتفاعل، فيتحرك ببطء شديد، بل يعاني اختناقات حادة ولا سيما في منطقتنا العربية”.

ورأى ان “لا نجاة من هذه الدوامة المخيفة إلا بالمواجهة. المصارف العربية وبعض الشركات النفطية والصناعية وبعض الجامعات والمراكز البحثية، استطاعت تسجيل خرق في الجدار السميك. إلا انه خرق قد يفضي إلى المجهول إذا لم يتحصن بالحاضنة الشعبية ويحظى بشرعيتها ومشاركتها. المجهول هو القنبلة البشرية المخيفة، أي عشرات ملايين الشباب العاطلين عن العمل والممنوعين من الأمل. معظمهم من حملة الشهادات العلمية وبتأهيل ملائم إلى هذه الدرجة أو تلك. إيجاد فرص العمل يحتاج إلى مبادرات القطاع الخاص المطمئنة إلى كفاية التشريعات وملاءمتها وإلى بساطة الإجراءات الإدارية وشفافيتها. ومسيرة القطاع الخاص في حاجة إلى وقود يدفعها قدما تحتاج إلى استثمارات وتسليفات وحاضنات”.

ابي حنا
اخيرا، تحدث رئيس مجموعة مديري الموارد البشرية في الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جورج ابي حنا فعرف بالمجموعة عارضا انجازاتها، لافتا الى ان “الحصول على مورد طبيعي هو امر مهم وسهل المنال، لكن ما يميز مصرف عن آخر هو الاستراتيجية التي ترسمها الادارة عبر عملية استقطاب العناصر الموهوبة واستبقائها والتي تقوم من خلالها ببناء أسس العمل المصرفي السليم مما يجعل ادارة المواهب من اهم ادوات الموارد البشرية التي تعزز دورها العصري كشريك استراتيجي في صناعة القرار”.
واعلن فتح باب الترشيح لرئاسة المجموعة.