IMLebanon

الأهل يجدون صعوبة في دعم تعليم أولادهم في سوق عمل تحتدم فيها المنافسة

Parent-Kids-Teaching-Education
يحتدم التنافس على المسيرات المهنية الممتازة حول العالم، على ضوء ازدياد تعقيد الأسواق العالمية والفورة السكانية التي تشهدها الطبقة الوسطى في الدول الناشئة، فستضطر الأجيال الجديدة من خرّيجي الجامعات إلى أن تزيد من كفاءاتها الأكاديمية لكي تتميّز عن المنافسين. وسيتطلّب ذلك سنوات من التعليم العالي، ويظهر هذا الاعتقاد أكثر وأكثر لدى الأهل في الإمارات العربية المتحدة، إذ كشف تقرير جديد صدر عن بنك HSBC أنّ 9 من بين 10 أولياء أمور يعتقدون بأنّ التعليم الجامعي أمر لا بدّ منه لأطفالهم لكي يحقّقوا أهدافهم في الحياة.

الصمود في سوق عمل صعبة

بعد الاطلاع على آراء أكثر من 5,500 ولي أمر في 16 بلداً، منهم أكثر من 450 ولي أمر من دولة الإمارات، بيّن تقرير “قيمة التعليم 2015: التعلّم لمدى الحياة” الصادر عن بنك HSBC أنّ الأهل في أنحاء العالم باتوا يدركون أنّ أولادهم يواجهون سوق عمل أصعب اليوم، وهذا رأي حوالي نصف الأهل الذين لديهم أولاد في سنّ الدخول إلى الجامعة في دولة الإمارات (48%).

وتؤكّد النتائج التي توصّلت إليها منظّمة العمل الدولية هذه المواقف، إذ من المتوقّع أن تتراجع أسواق العمل العالمية في السنوات المقبلة، ما سيؤدي إلى تزايد تفاوت مستويات الدخل وارتفاع معدل البطالة بين الشباب. ومن المرتقب أن ترتفع البطالة حول العالم من 201 مليون عاطل عن العمل عام 2014 إلى 212 مليون عاطل عن العمل بحلول العام 2019، وتشير التوقّعات إلى أن يشكّل الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، نسبة غير متكافئة من سوق البطالة هذه، إذ سيكون عددهم أكثر بثلاث مرّات تقريباً من نظرائهم الأكبر سناً.

في هذا السياق، قال خالد الجبالي، رئيس الخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك HSBC الشرق الأوسط المحدود: “لا عجب أن نلمس تزايد قلق الأهل اليوم من الآفاق المهنية لأولادهم. فقد رأينا في السنوات العشر الأخيرة تقلّبات متزايدة في الأسواق العالمية، وبسبب طبيعة الاقتصاد الراهن التي تزداد ترابطاً، يشعر الناس حول العالم بآثار هذه التقلّبات. وتبرّر هذه البيئة المعقّدة اعتماد الأهل على التعليم العالي ليمنحوا أطفالهم الأساس اللازم للنجاح في الحياة”.

بالنظر إلى المخاوف التي أعرب عنها الأهل، تبيّن دراسة HSBC أنّ لديهم طموحات كبيرة لتعليم أولادهم. ويُعتبر الأهل في دولة الإمارات من بين الأكثر اهتماماً بمسيرة أولادهم المهنية في العالم، إذ أنّ 89% منهم سبق أن اختاروا مهنة معيّنة لأولادهم. ويأمل ثلث الأهل (33%)، وهي النسبة الأعلى في العالم أن يدرس أولادهم الطبّ، فيما تشمل المجالات الأخرى الأكثر طلباً الهندسة (16%) وعلوم الكمبيوتر (11%).

ويبدو أنّ الأهل لديهم هذه الطموحات الكبيرة لإنّهم يُدركون بأنّ سوق العمل لا تنفكّ تزداد تنافسية، ويُعزى ذلك إلى الفورة السكانية في الأسواق الناشئة. بحسب الأمم المتحدة، تضمّ الهند أكبر عدد من السكان الشباب على صعيد العالم، إذ 365 مليون شخص من سكانها تتراوح أعمارهم بين العاشرة والرابعة والعشرين، تليها الصين (269 مليون) [ii]. وبما أنّ هاتين الدولتين تشكّلان النسبة الأعلى من الطلاب الأجانب في أسواق التعليم الدولية المفضّلة لدى الأهل في دولة الإمارات، وهي المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية[iii]، يبحث أولياء الأمور في الإمارات عن سبل تمنح أولادهم الأفضلية على منافسيهم. بالتالي يعتبر 80% من الأهل هنا أنّه من الضروري أن يحصّل أولادهم شهادة دراسية عليا، وهي ثاني أعلى نسبة تُعرب عن هذا الطموح على صعيد العالم.

سدّ الفجوة بين التوقّعات والواقع

من الجليّ أنّ الأهل في دولة الإمارات لديهم طموحات علمية كبيرة لأولادهم والكثير منهم يحلم بمسيرة مهنية مرموقة لهم، إلا أنّ هذه الأهداف غالباً ما تتطلّب سنوات من التخطيط المالي، وهنا تظهر الفجوة بين التوقّعات والواقع. ومع أنّ غالبية الأهل في دولة الإمارات الذين يفكّرون بإرسال أولادهم إلى الخارج لمتابعة تعليمهم مستعدّون لدفع أموال أكثر من كلفة التعليم محلياً (74%)، فإنّ حوالي ثلثي الأهل في الإمارات (64%) يعتبرون أنّ معظم الناس غير قادرين على تحمّل نفقات التعليم.

ومن الواضح أنّ الأهل غير مستعدين مالياً لسداد نفقات التعليم الجامعي لأولادهم لأنّه على الرغم من أنّ ثلثَي الأهل (66%) الذين لديهم أطفال في المرحلة ما قبل الابتدائية يعتبرون أنّهم سيدّخرون المال الكافي وفقط 11% يعتقدون بأنّهم سيتّكلون على الدخل اليومي، فإنّ 40% فقط من الأهل الذين لديهم أولاد في الجامعة أعربوا أنّهم وضعوا خطة ادخار و34% من الأهل اضطروا إلى سداد النفقات عبر دخلهم اليومي. وكشف تقرير HSBC أيضاً أنّ أكثر من واحد من بين خمسة أولياء أمور (21%) الذين قالوا إنّهم لم يدّخروا ما يكفي من المال فعلوا ذلك لأنهّم لم يفكّروا ملياً بالأمر أو لأنهّم وضعوا المسألة جانباً ظنّاً منهم بأنّ الأمر يحتمل التأجيل.

وأضاف الجبالي قائلا: “تبيّن لنا أنّه منذ مرحلة الدراسة ما قبل الابتدائية، يبدأ أكثر من أربعة من بين خمس أولياء أمور 87)%) بالتفكير بما يطمحون أن يصبحوا أولادهم عندما يكبرون، إلا أنّ المستلزمات الضرورية لدعم هذه الطموحات تؤجل إلى وقت لاحق، حتّى ولو كان الأهل يدركون قيمة التعليم الجامعي. وفي سوق لا تنفكّ تزداد تنافسية، ستزداد أهميّة التعليم ما بعد الثانوي أكثر بعد، ويجب على الأهل في دولة الإمارات أن يبدؤوا بالنظر إلى هذه المسألة بمزيد من الاستباقية ليتمكّنوا من إعطاء أولادهم الأساس اللازم لكي ينجحوا في مساعيهم”.