IMLebanon

بري يوضح القاسم المشترك بين “طاولتي” 2006 و2015

nabih-berri

كتبت ريتا شرارة في صحيفة “المستقبل”:

ليست دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، على شاكلة ذاك الذي استمر شهوراً طويلة في مجلس النواب عام 2006، رد فعل آنياً على التحرك الاخير للشارع في ساحتي الشهداء ورياض الصلح.

فبري، بحسب النواب الذين التقوه في عين التين امس في اطار “لقاء الاربعاء” النيابي، يفكر في هذه الطاولة من فترة نتيجة التعطيل الذي ضرب عمل مجلس النواب وشل أداء الحكومة ويستمر في إفراغ الرئاسة الاولى من شاغلها. فيكون الحوار الذي يعتبر رئيس المجلس أنه “ضرورة ملحة على غير صعيد” رفضاً للتعطيل ومحاولة، تالياً، لاستيعابه ومعالجته.

من هنا، أراد بري أن يوضح للنواب أن القاسم المشترك بين طاولتي 2006 و2015 هو انعقادها في مجلس النواب في حين أن جوهرهما مختلف. فعام 2006، أراد بري أن يساهم الحوار بين المكونات اللبنانية في “كسر الجليد الذي تجمع على أرض الواقع السياسي بسبب الاجتياح الاسرائيلي للبنان”. فيومها، يقول نواب شاركوا في “لقاء الاربعاء” لـ”المستقبل”، انقسم الشارع اللبناني حول موضوع المقاومة و”الثلاثية” (جيش، وشعب ومقاومة) مما حدا بري على أن يقترح جدول أعمال “ذا طابع خارجي يخضع تنفيذه لاعتبارات تتجاوز اللبنانيين”.

الا أن هذا المعطى تغير في طاولة 2015 في ضوء تعقيدات “أدهى، وأخطر” على الرغم من أن جدول أعماله محصور بالقضايا الداخلية التي كررها بري على مسامع النواب وسيرسلها طياً الى المعنيين مع الدعوة الى الطاولة وهي، تراتبياً: الانتخابات الرئاسية، عمل مجلس النواب، الحكومة، اجراء الانتخابات النيابية واقتراح استعادة الجنسية ودعم الجيش اللبناني. وهذه التراتيبة، عند بري، لا تعني أنه لا يبرحها. فربما يصير هناك تدافع في الاولويات ومحاولات لنقل التراتبيات من أولها الى آخرها، وهذا يعني أن المهمة ستكون “شاقة”، الا أنها ستفتح بالتأكيد الطريق لاعادة الحياة الى العمل السياسي. من هنا، أمل رئيس المجلس في كلامه الى النواب “أن تأخذ هذه القضايا طريقها الى التنفيذ بالارادة اللبنانية في حال الاتفاق عليها”.

عليه، لا يرى رئيس المجلس في “تردد” البعض في المشاركة بهذه الطاولة “حكمة” ولا سيما أن الازمة تضيق على المؤسسات الرسمية، والشلل يجتاحها، مع تسليمه أن إنجاح هذا الحوار يعني أن يحصر بالكتل السياسية التي تشكل مكونات الحكومة بحيث أن الكتل موزعة على الخارطة التمثيلية في المجلس. عليه، وضع بري مراحل هذا الحوار في أكثر من محطة: فالاستجابة له شيء، والسير به الى النهاية شيء ثان، والنظر في نتائج أي محصلة أمر آخر. فالمهم أن تحاول هذه المبادرة إخراج الازمة من الشارع “حتى لا ينزلق بنا جميعاً الى منزلقات لا تتناسب وطبيعة لبنان، مع الابقاء على الغطاء الدولي او الاقليمي او المحلي فوق سمائنا انطلاقاً من واقع أن الحرب أكره الامور”.

انطلاقاً من هذه الخلاصة، يذكر بري النواب بأن “الواقع في المنطقة مفتوح على كل الاحتمالات، والمرحلة المقبلة لا تزال تؤشر الى استمرار الاشتباكات والتجاذبات اقليمياً”. لذلك، “على اللبنانيين أن ينصرفوا جميعاً الى حماية بلدهم وتحصينه من الحرائق الكثيرة المحيطة به”. وهذا الكلام، بتفسير النواب، يؤشر الى أن “هناك استهدافاً للأنظمة القائمة في المنطقة مما سمي الربيع العربي”. وهذا الربيع، يقول هؤلاء، “هدد غالبية الدول ونشر الارهاب على مساحة الجغرافيا العربية ودمر المقومات الحضارية والانسانية فيها”. فيترجم النواب لـ”المستقبل” العبارة التي ساقها اليهم بري عن التحركات الميدانية الاخيرة عندما قال: “ان الخوف من تسلل الذين لهم مآرب أخرى الى هذا الحراك”. ويقولون ان هذا الحراك “يؤخذ نسخة او استيحاء من ميادين التحرير مما يطرح علامات استفهام حول الجهة التي يمكن أن تبلور حراكاً منضبطاً بهذه الطريقة”. لذا، لا يرى النواب أن الصيغة اللبنانية “تتغير بالشارع الذي يمكن بدوره أن ينزلق الى أمكنة خطيرة بسبب سوء نيات البعض”. وتدليلاً على ما يحللونه، يتساءل النواب “لماذا تصويب البنادق الى الوزارة الاضعف (البيئة) بشخص وزيرها المعتدل والنزيه (محمد المشنوق)؟، فتوجيه التظاهرات صوب “الاضعف” يعني أن المدخل الى الحراك “غير طبيعي”. فبين شعاري رفع النفايات واسقاط النظام مسافة ضوئية كبيرة”. ويتأفف النواب، مع بري، من استخدام الشتائم من دون ضوابط وتسويقها عبر وسائل الاعلام، مؤكدين أن الشتم “ليس سلاحاً فاعلاً أبداً”. وهذا يعني لزوار عين التينة أن هناك “محاولة للالتفاف على هذا الحراك على الرغم من أن شريحة كبيرة من اللبنانيين نزلت الى الساحتين بنيات طيبة”.