IMLebanon

حوار.. على التوقيت المحلي؟!

dialogue-national

 

 

اشارت صحيفة “النهار” الى ان حركة اتصالات مسيحية تركزت على ضرورة جعل انتخاب الرئيس بنداً أول في الحوار لا يمرر بسهولة ثم يجري الانتقال الى ما بعده. ونوقشت أفكار تقضي بانسحاب أطراف مسيحيين من الحوار إذا ما طرحت اقتراحات لتقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية، وهو ما قد يؤدي الى فرط عقده بعد جلستين او ثلاث، إذ نقل عن بري قوله بتوقف الجلسات اذا ما انسحب مكون آخر بعد حزب “القوات اللبنانية”.

صحيفة السفير” كتبت أنه مع بدء العد التنازلي لعقد طاولة الحوار، بعد غد الاربعاء، تبدو فسحة الخيارات الممكنة أمام الطبقة السياسية ضيقة جدا، بعدما تبدلت قواعد اللعبة التي اعتادت عليها، ولم يعد بمقدورها أن تواصل العبث بمصالح الناس والدولة في ملعب «شاغر»، كان من دون جمهور ومن دون حَكَم.. قبل انتفاضتي 22 و29 آب!

ولكن، ما الذي يمكن أن تضيفه طاولة مجلس النواب الى حوار «تيار المستقبل» ـ «حزب الله»، والذي لم يستطع أن يحقق الكثير مما كان مأمولا، بل ان انتفاضتي آب ساهمتا في تنفيس الاحتقان المذهبي أكثر مما فعلته صورة عين التينة على مدى قرابة سنة؟
وما الذي تستطيع أن تضيفه هذه الطاولة الى حوار «التيار الوطني الحر» ـ «القوات اللبنانية» الذي استطاع ربما ترتيب العلاقة بين الطرفين لكنه لم ينجح في تحقيق تقدم على مستوى الملف المركزي وهو انتخاب رئيس الجمهورية؟

ولماذا سينجح حوار 2015 حيث تعثر حوار 2006 في المجلس النيابي، وحيث فشل حوار قصر بعبدا برعاية الرئيس السابق ميشال سليمان؟

وهل ثمة احتمال واقعي بأن يولد في بيروت «حل توافقي»، بينما تحتدم الصراعات العربية – العربية، والعربية – الايرانية في سوريا والعراق والبحرين واليمن التي ينزف فيها بغزارة الدم العربي الذي أضاع الطريق نحو الارض المحتلة في فلسطين؟

صحيح أن الرئيس نبيه بري أعدّ جدول أعمال مدروساً ومتوازناً، لكن هناك تفاوتاً واضحاً بين المتحاورين في تحديد الأولويات، إذ ان «تيار المستقبل» وحلفاءه يعتبرون ان الانطلاقة الصحيحة تكون في التفاهم على إجراء الانتخابات الرئاسية اولا، بينما يشدد العماد ميشال عون وحلفاؤه في «حزب الله» و «8 آذار» على أن المنهجية السليمة للمعالجة تكون باعتماد واحد من الخيارين اللذين طرحهما «الجنرال» وهما انتخاب الرئيس من الشعب، أو إقرار قانون للانتخابات يليه انتخاب مجلس نيابي جديد يتولى اختيار رئيس الجمهورية.

وإذا كانت شروط التفاهم الرئاسي غير مكتملة بعد، إلا أن الملاحظ هو أن منسوب الاستجابة لمبدأ النسبية في قانون الانتخاب المفترض آخذ في الارتفاع، الامر الذي قد يسمح بفتح «ممر آمن» أمام مشروع إصلاحي للنظام، ربما للمرة الاولى في التاريخ الحديث للجمهورية اللبنانية.. إذا ترفع البعض عن النقاش العبثي حول أيهما أولا: البيضة ام الدجاجة.. رئاسة الجمهورية ام الانتخابات النيابية.

وقد أعطى الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس إشارة الى الخطة «ب»، بقوله إنه سيطرح بند رئاسة الجمهورية للنقاش أولا، فإذا تعذر التفاهم عليه، يتم الانتقال الى بند آخر والبناء عليه، «ومن يعلم.. ربما نتفق على قانون الانتخاب وفق النسبية، وبالتالي نحقق من خلاله اختراقا في جدار الأزمة، إذ قد نتوافق على إجراء الانتخابات النيابية، ثم ننتخب على الفور رئيس الجمهورية، وفي هذه الحال نكون قد نجحنا في لبننة آلية الحل، بمعزل عن الخارج».

ولئن كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قد اختار أن ينأى بنفسه عن الحوار اللبناني مفضلا الحوار مع قطر التي وصل اليها أمس، فإن العماد ميشال عون سيجلس الى الطاولة «مدججاً» بدعم شعبي مسيحي كاسح، عكسته التظاهرة البرتقالية الحاشدة التي ستحسّن من ناحية الموقع التفاوضي للجنرال، وستصعّب من ناحية أخرى إمكانية تقديمه تنازلات في هذه اللحظة بالذات.

ولكن الإحراج الذي سيواجه عون بالدرجة الاولى يتصل بحسم تموضعه، والبت في ما إذا كان موقعه الطبيعي هو في الشارع الى جانب المتظاهرين الذين سيهتفون الاربعاء ضد الطبقة السياسية، ام في قاعة الحوار التي ستجمعه مع عدد من رموز هذه الطبقة.

ولعل التحدي الأصعب الذي يواجه الحوار هو أنه ينعقد هذه المرة على التوقيت المحلي الذي فرضه تسارع إيقاع الاهتراء الداخلي وصولا الى تخوم الانهيار الشامل، فيما لم تنضج بعد الصفقات الإقليمية – الدولية التي تشكل في العادة «الحاضنة» للتسويات اللبنانية.

وهنا، سيكون المتحاورون أمام خيارين، فإما أن يمتلكوا شجاعة «الفطام» عن الخارج ويثبتوا أنهم يتحلون بقدر كاف من المسؤولية لإحداث كوة في النفق، فتكون هذه فرصة إنقاذ لهم بقدر ما هي فرصة للبنان، وإما أن يفشلوا مجددا في اختبار «إحياء اللبننة» مع ما سيحمله ذلك من تداعيات غير مسبوقة على النظام السياسي وأهله في ظل الحراك الشعبي المتحفز، مع الاشارة الى أنه سبق لبري أن نعى اللبننة، الأمر الذي يدفع الى التساؤل عما إذا كان إحياؤها مجددا يندرج في سياق تقطيع الوقت ام يعبّر عن معطيات جديدة وإيجابية يملكها رئيس المجلس.

ومن المتوقع أن يتردد صدى هدير الحراك المدني بقوة في داخل قاعة الحوار، التي ستكون محاطة بحشد من المواطنين المتمردين على الاصطفافات الطائفية والمذهبية والناقمين على كل المتورطين بالفساد المتمادي.

ولعل الانتفاضة الشعبية، بمعناها العريض العابر للحملات والمجموعات، ستكون الحاضر الأبرز والرقم الأصعب على طاولة الحوار التي لن يكون بمقدورها تجاهل صوت الأكثرية «الصامتة – الصارخة»، وما أفرزته من معنى جديد للأكثرية والأقلية.

إلى ذلك، أفادت معلومات صحيفة “اللواء” ان “التظاهرة التي دعت إليها حملات الحراك المدني ـ السياسي ـ الحزبي، والتي تحشد لها هذه الحملات في نفس موعد انعقاد طاولة الحوار وعلى نحو يُعيد تكرار التجمّع الحاشد في 29 آب الماضي، ليست هي المشكلة، إذ أن تفاهمات وإجراءات اتخذت من شأنها أن تمنع أي احتكاك يؤثر على انطلاق طاولة الحوار، إلا أن المخاوف هي بما ستؤول إليه المناقشات على الطاولة التي تعقد بهدف إحتواء التشنج ونزع الألغام من أمام استئناف عمل الحكومة والمؤسسات بما فيها المجلس النيابي، إذا ما تأخر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

1 ـ استبق التيار العوني الجلوس إلى الحوار، محاولاً رسم إطار المتحاورين، من خلال تثمير تظاهرة 4 أيلول، واعتبارها حجر الرحى في معالجة الشغور الرئاسي، وهي تعديل فقرة في المادة 49 تسمح بانتخاب الرئيس من الشعب، أو إقناع المتحاورين بالذهاب إلى جلسة يتفق عليها تقضي بانتخاب (رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب) العماد ميشال عون رئيساً، وإلا فإن “الزمن وحده بين الشعب وبين مغتصبي حقوقه، مهما طال الفراغ أو الشغور”، وهذه هي رسالة العونيين ـ وفقاً لـO.T.v- “”لتصحيح ثغر الحوار، وترتيب أولوياته المبعثرة”.

2 ـ تمسك الإجتماع الخماسي لفريق 14 آذار الذي عقد الخميس الماضي في “بيت الوسط” بين الرئيس فؤاد السنيورة وكل من رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل والنائب جورج عدوان عن “القوات” اللبنانية والوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون عن المسيحيين المستقلين، بالبند رقم واحد المدرج على جدول الأعمال وهو انتخاب رئيس الجمهورية، ويعني هذا التمسك، وفقاَ لمصدر مطّلع، رفض الإنتقال إلى البند رقم 2 المتعلق باستعادة عمل مجلس النواب أو إلى أي بند آخر قبل بتّ البند الأول، بمعنى الاتفاق أو اتخاذ قرار حوله.

واستناداً إلى المصدر نفسه، فإن “فريق 14 آذار، يصرّ على حضور كل النواب إلى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس وفق الأصول الدستورية والديموقراطية، إذا ما تعذّر الإتفاق على رئيس توافقي، وربما أثار البعض فكرة قديمة تتعلق بنصاب الجلسة، ومفهوم هذا النصاب وتغيّره بين الجلسة الأولى للإنتخاب والثانية، في حين يقف “حزب الله” وراء النائب ميشال عون ومعه المدعوون من فريق 8 آذار في ما خص وجهة البحث والسير في بتّ بند رئاسة الجمهورية، مع التذكير بأن النائب عون يذهب مع فريقه إلى الجلسة إذا انحصرت المنافسة مع الدكتور سمير جعجع الذي لن يُشارك فريقه في جلسات الحوار، سواء تمّ بتّ بند الرئاسة في جلسة أو أكثر من جلسة”.

واستبعد مصدر نيابي أن “ينتهي البحث في هذا البند في جلسة الأربعاء التي ستبدأ عند الثانية عشرة ظهراً، وربما تتابع في جلسة ثانية في اليوم نفسه بعد استراحة غداء، من دون مغادرة المدعوين”.

3 ـ أما في ما خصّ جلسة مجلس الوزراء، فإن سحابة المخاوف السياسية تضعها في الحسبان، سواء احتاج تقرير الوزير المكلّف بملف النفايات أكرم شهيّب إلى مجلس وزراء أو بتّه، فإن اجتماع وزراء “اللقاء التشاوري” مع الرئيس ميشال سليمان أمس شدّد على الحاجة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء لتسيير مصالح النّاس الملحّة التي لا يمكن التلكؤ في تلبيتها حتى لا تتكرر أزمات شبيهة بأزمة النفايات.

وكشف مصدر وزاري لـ”اللواء” أن “أي قرار لم يتخذ بعد، وأن الاتصالات ما تزال قائمة، ويجريها الرئيس تمام سلام، حتى يأتي تحديد موعد الجلسة متفقاً عليه، منعاً لأية مقاطعة قد تؤثر على جلسات الحوار نفسه”.

إلى ذلك، اعلن قيادي بارز في تيار “المستقبل” لصحيفة “الحياة” ان “التجارب السابقة في الحوار لم تكن مشجعة لأن ما جرى التوافق عليه اصطدم بمعارضة من قبل أطراف كانوا أجمعوا على ضرورة تنفيذه لكنهم سرعان ما انقلبوا على موافقتهم لأسباب خارجة عن إرادة الغالبية العظمى من اللبنانيين”.

أضاف: “ان المستقبل لن يرفض المشاركة في الحوار لأنه من دعاته ولا يملك مشروعاً خاصاً به غير مشروع الدولة وبالتالي استجبنا لدعوة الرئيس بري للحوار لأنه يتميز عن حليفه “حزب الله” لجهة تمسكه بتطبيق اتفاق الطائف وعدم مشاركته في القتال في سوريا الى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد واصراره على تلبية الدعوات لانتخاب رئيس جديد اضافة الى اختلافه مع التيار “الوطني الحر” حول أمور عديدة”.

ولاحظ المصدر القيادي ان “لمشاركة التيار في الحوار حدوداً سيتقيد بها ولن يفرط فيها وأولها انتخاب رئيس جديد لأن هذا البند هو البند التنفيذي الوحيد على جدول أعمال الحوار بينما البنود الأخرى تعتبر تفصيلية ولأن المدخل للتفاهم عليها لن يكون إلا بانتخاب الرئيس”.

وأكد ان “المستقبل لن يكون شريكاً في تضييع الوقت، أي لن يسمح بالقفز فوق بند انتخاب الرئيس من دون حسمه بقرار واضح الى البنود الأخرى”. وقال: “مشاركتنا تهدف أيضاً الى تظهير موقف الآخرين أمام الرأي العام اللبناني، خصوصاً أولئك الذين يحاولون ربط انتخاب الرئيس تارة بأولوية إجراء انتخابات نيابية بعد وضع قانون انتخاب جديد على أن ينتخب البرلمان الجديد الرئيس العتيد وأخرى بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب”.

اضاف ان “كل هذه الأطروحات من خارج انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن تهدف الى تضييع الوقت ولن نكون شركاء في ترحيل بند الانتخاب وسيكون لنا موقف حاسم في الوقت المناسب”. وزاد ان الدعوة الى “الحوار ليست للبحث في جنس الملائكة وإنما لإيجاد المخرج الذي من شأنه ان يسرع في انتخاب الرئيس من دون شروط ونقطة على السطر”.

ودعا مصدر “الحياة” “الجميع الى تحمل مسؤولياتهم لأن البلد لم يعد يحتمل إطالة أمد الشغور في سدة الرئاسة الأولى”. وختم: “لن نتحول الى شاهد زور وسنضطر الى اتخاذ موقف يقضي بوقف مشاركتنا فيه، خصوصاً ان البلد بدأ يتفكك بسرعة ومؤسساته الى انفراط في ظل استمرار تعطيل الحكومة وتغييب التشريع عن البرلمان”.