IMLebanon

“مستشفى الحريري” يُحاول النهوض عبر خطة لإنقاذه الأبيض

RaficHaririHospital2

سلوى بعلبكي

لم تكن الانطلاقة الرسمية لـ”مستشفى رفيق الحريري الجامعي” في العام 2005، انطلاقة ميسّرة. فقد تمّ تشغيل خدماته الخارجية في ظروف صعبة بدأت باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، ثم افتتاح قسم الطوارئ والتوسّع في استقبال المرضى تزامناً مع عدوان تموز 2006. بعد ذلك بدأ المستشفى يعاني، وعلى نحو تدريجي، عجزاً مالياً يقدر حالياً بنحو مئة مليار ليرة، نتيجة اهمال الادارة والموظفين من جهة، وتقاعس الجهات الضامنة من جهة أخرى على الوفاء بالتزاماتها.

ثلاثة مديرين عامين تسلّموا ادارة المستشفى قبل تسلم الدكتور فراس الابيض مهماته في نيسان الماضي. كان الوضع الاداري والمالي للمستشفى يزداد صعوبة حتى وصل العجز الى ما هو عليه من سوء حال. فمن يتحمل مسؤولية ما وصل اليه المستشفى؟ وهل من خطة لإنقاذه؟
منذ تسلمه، رفض الابيض الادلاء بأي تصريح عن المستشفى قبل الغوص في تفاصيل أوضاعه. ولكن بعد نحو 6 أشهر من تسلّمه الادارة أصبح بإمكانه تشخيص العلّة، فحمّل المسؤولية الى بعض الموظفين المنتمين إلى مصالح مختلفة، مشيراً الى انهم لا يقومون بواجباتهم، ما ادى الى الوضع الحالي. كما ان الجهات الضامنة التي تعاقد معها المستشفى لم تكن توفي بالتزاماتها بشكل يضمن تغطية النفقات الناتجة من قرار الإدارة بالتوسّع في تقديم تلك الخدمات، وهذا أدّى ايضاً إلى زيادة العجز. أضف الى ذلك، ان قرار الإدارة السابقة بالاستمرار في التوسّع بخدماتها الاستشفائية، كان له ثمن باهظ حتى بات المستشفى اسير الديون المتراكمة.
من هنا، كانت بداية العجز المالي، الذي أخذ وفق الابيض، يتزايد نتيجة تحمّل المستشفى اعباء أخرى إضافية ألقيت على كاهله كالخدمات التعليمية بلا مقابل، وفائض الموظفين الذين تمّ تعيينهم من خارج الملاك.
ويحكى كثيراً عن صفقات مشبوهة وبيانات مالية لا تعبّر عن واقع المستشفى، وهذا ما لا ينكره الابيض، إذ يؤكد أن بعض الملفات المتعلقة بصفقات مشبوهة أصبحت في عهدة القضاء وأحيل بعضها على الجهات الرقابية، وموقف الادارة من تلك الملفات ينتظر بتها من القضاء.
في ما يخصّ البيانات المالية، فهي وفق الابيض “لا تعبّر عن واقع المستشفى، وقد منعت الضائقة المالية التي يمرّ بها، تطوير نظامنا المعلوماتي وتحديثه بشكل يمكّنه من إعطاء صورة دقيقة عن موضوع البيانات المالية. لقد باشرت الإدارة السابقة في تحديث نظام المعلوماتية، ونحن نستكمل العمل في هذا المجال لتواكب بيانات الإدارة السنوية”.
أما عن موقف الإدارة الحالي من الإهمال، فيشير الى أنه “تمثل في إعادة توزيع المهمات ومراقبة العمل للتأكد من قيام جميع الموظفين بواجباتهم من دون أي تقاعس، تحت طائلة المحاسبة. كما أنه في حال ثبت لدى الإدارة أي إساءة أمانة أو سوء استخدام للأموال العامة، فهي لن تتهاون ولن تتردّد في اللجوء إلى الجهات القضائية المعنية”.
ولكن من يتحمّل مسؤولية الوضع المالي الذي وصل اليه المستشفى؟.
يحمّل الابيض المسؤولية الى “طرف خارجي لم يقم بواجباته تجاه المستشفى كما يجب، خصوصاً حيال الالتزامات المالية. والطرف الثاني، يتمثل بالإدارة والموظفين على حد سواء، اذ لم يكن أداؤهما على المستوى المطلوب”.
ولدى الابيض عتب على الإعلام الذي “لم يتعامل بموضوعية مع المشكلة عبر التركيز على الجوانب الإيجابية وما أكثرها. ومنها أنه مستشفى تعليمي رائد عقد اتفاقات تعاون مع العديد من الجامعات، وهو صرح طبي للبحوث والدراسات العلمية والتطبيقية ويشكّل مرجعاً وطنياً للمعلومات الطبية والعملية، وكذلك يساهم في رسم وتنفيذ السياسة الطبية الوطنية العامة للدولة. ويضم مراكز صحية متخصّصة كمركز وهب وزرع الأعضاء، مركز الوقاية والعناية بأمراض القلب ومركز معالجة سرطان الأطفال والكبار.
يشهد المستشفى كما المؤسسات العامة عموماً توظيفاً عشوائياً (طائفياً وسياسياً)، وهذا الامر لا ينفيه الابيض، لا بل يؤكد أن التوظيف العشوائي يعتبر أزمة جدية وسبباً من أسباب العجز. من هنا، فإن ادارته تحاول إيجاد الحلول القانونية اللازمة لأوضاع المتعاقدين، مع المحافظة على التوازن بين مصلحة المستشفى العامة وحقوق هؤلاء، وهي تعتزم إعادة هيكلة المستشفى إدارياً بما يؤدّي إلى الاستعانة بخدمات الجميع”، مشيراً الى أن الخطة الإنقاذية تضمنت، مسألة قوننة وضع المتعاقدين وحقوقهم”.
على رغم العجز المالي، يرفض الابيض أن يحمّل الدولة مسؤولية عدم دعم المستشفى مادياً. ويؤكد أنها قدّمت العام الماضي مساهمة بمقدار 20 مليار ليرة، وقدّمت هذه السنة سلفة بقيمة عشرة مليارات، اضافة الى السلف والمساهمات السابقة.
إلا أن ذلك لم يثنه عن دعوة مؤسسات الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها والإيفاء بالتزاماتها تجاه هذا الصرح الطبي والمساندة في تسهيل دفع هذه المستحقات. في المقابل يدعو الادارة كي تثبت أنها تقوم بإدارة هذا الصرح بطريقة شفّافة وأن تظهر ذلك من خلال أرقامها وبياناتها المالية”.
وفي تطرقه الى الخطة الانقاذية، يلفت الى أن الإدارة الحالية من توفير ما يعادل 150 مليون ليرة شهرياً عبر إعادة تنظيم الهيكلة الإدارية، وتوفير ما يوازي 70 مليون ليرة لبنانية شهرياً من خلال إعادة هيكلة بعض الأقسام الطبية والإدارية في المستشفى، الأمر الذي مكّننا من إعادة النظر بعقود المورّدين والتفاوض معهم لتعديل العقود بشروط أفضل مع مراعاة الأنظمة المرعية الإجراء. وقد لجأت الإدارة أيضاً إلى اعتماد سياسة الإدارات الحديثة في دورة المشتريات (Lean Management) بما وفّر في مصاريف شراء المواد ما يوازي 80 مليون ليرة شهرياً. وهي تعمل على إبرام اتفاقات تعاون مع العديد من الجهات والمنظمات الرسمية لتفيد من دعمها ومساعداتها التي تقدر بأكثر من مليوني دولار.
ويشير الى ان الإدارة تسعى ايضاً إلى استثمار هذا الوفر، الذي نتج من تنفيذ هذه الخطة، في إعادة تأهيل العيادات الخارجية وتفعيلها، إعادة تشغيل مركز العلاج بالأشعة وتجهيز قسم الأشعة بآلات حديثة ومتطوّرة. كذلك نعمل على زيادة هذا الوفر لاستغلاله في إعادة تأهيل المستشفى ليعود هذا الصرح إلى سابق عهده إيماناً منا أنه العمود الفقري للنظام الصحي اللبناني”.