IMLebanon

عن بشير الجميّل الذي لم أعرفه ( بقلم رولا حداد)

 

bachir-gemayel

 

 

كتبت رولا حداد

إنه 14 أيلول. 33 مرّت على اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميّل. لم أعرف “الباش” شخصياً، لكنني أعرف عنه كمن يعرفه شخصياً وأكثر.

لست ممن يألهون الأشخاص ولن أفعل يوماً. بشير الجميّل بالنسبة لي هو انسان قد يكون أخطأ في أمكنة عدة، لكن ما يميّزه عن غيره إذا أخطأ أنه يعمل للبنان وليس لمصالح خاصة. أما المحصلة الشاملة للرئيس الشهيد فهي أنه حقق في مسيرة 34 عاماً ما يعجز غيره عن تحقيقه في 100 عام.

ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن أحد أهم أسباب نجاح بشير الجميّل هو أنه كان من الشعب، وكان رفيقا وصديقاُ لجميع رفاقه المقاومين، يقاتل مثلهم والى جانبهم، ولم يكن يوماً إلا واحداً منهم.

بشير الرئيس المنتخب كان يملك مع فريق عمله رؤية شاملة لكل الحلول المطلوبة لأزمات البلد، وهذا ما كان يجعله يتحدث في كل الملفات بثقة كبيرة بالنفس، وخصوصاً أن اللبنانيين كانوا يعرفون عنه أنه متى وعد صدق ونفّذ. ونظافة كفّ بشير جعلت إدارات الدولة وموظفيها يبتعدون لمدة 21 يوماً عن كل الفساد وقبول الرشوات، لأن الرئيس المنتخب استطاع أن يفرض هيبة الدولة بسرعة قياسية.

وبشير الرئيس المنتخب استطاع في 21 يوماً أن يجمع أكثرية اللبنانيين ويوحّدهم خلف مشروع الدولة. فإلى جانب رئيس مجلس النواب الراحل كامل الأسعد الذي تعاون الى أقصى الدرجات معه وأمّن حضور النواب الشيعة لانتخابه، فتح الشيخ بشير قنوات التواصل مع الرئيس الراحل صائب سلام الذي عاد ورأى في بشير رجل دولة بكل معنى الكلمة، إضافة الى أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لم يكن دخل عالم السياسة يومها أرسل جرّافات شركاته لإزالة الركام والمتاريس من قلب بيروت لأنه آمن أن لبنان يدخل عصراً جديداً. كما أن اللبنانيين لا ينسون مشهد وفد المشايخ الدروز يقدّمون التهنئة للرئيس المنتخب في دارته في بكفيا.

وبشير الجميّل قائد المقاومة اللبنانية تمكّن من أن يحقق انتصارات عسكرية وسياسية ودبلوماسية غير مسبوقة على منظمة التحرير الفلسطينية أولا والتي حاولت أن تجعل “طريق القدس تمرّ في جونية” لتحويل لبنان وطناً بديلاً، وعلى حافظ الأسد وجيشه عندما حاول أن يحتلّ لبنان. ومعارك “الباش” العسكرية خاضها بنفسه على رأس قواته اللبنانية في كل المعارك، وأشهرها على الإطلاق حرب المئة يوم في قلب الأشرفية، والتي أجبرت جيش الأسد على الانكفاء والانسحاب بعدما أظهر بشير الجميّل وشبابه مقاومة أسطورية الى جانب أهل الأشرفية.

بعد 33 عاماً على استشهاده أثبت جميع مناوئي بشير أنهم مجرّد أدوات صغار وعملاء لمحاور وعاجزون عن بناء أبسط أسس الدولة. فاغتيال بشير الجميّل قضى على الحلم بلبنان القوي والسيد والحر والمستقلّ، ورمى لبنان في أحضان الاحتلال السوري، وأعاده الى منطق المزرعة التي يحكمها أكلة الجبنة.

بعد 33 عاماً على محاولات تغيير وجه لبنان، نجح قتلة بشير الجميّل في منع قيام دولة في لبنان، لكنهم فشلوا في القضاء على روح بشير الجميّل ومشروعه اللذين يستمران في قلوب الشباب المؤمنين بنهج المقاومة الحقيقية حتى تحقيق حلم البشير مهما طال الزمن.