IMLebanon

سوريا: العام الدراسي ينطلق بـ”كلفة عالية”

School-Syria-Student-Classroom
رولا عطار

انطلق العام الدراسي في سوريا في الموعد الذي اعلنت عنه وزارة التربية، اي يوم الأحد في 13-9-2015، وذلك على عكس ما اشيع في بعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي عن نية وزارة التربية تأجيل هذا الموعد. وانطلاق العام الدراسي لم تخرقه حتى اللحظة اي عراقيل، بالرغم من الخوف المسيطر على الاهالي، في مناطق كل من النظام والمعارضة، بإستثناء ان “ضاحية الاسد” في منطقة حرستا، شهدت تأجيلاً لبدء العام الدراسي، “الى ما بعد عطلة عيد الاضحى”، لكن من دون تقديم مديرية التربية التي أعلنت الخبر، أي مبرر للتأجيل.

وبالرغم من انطلاق العام الدراسي 2015-2016، ومرور اليوم الاول “على خير”، الا ان الدراسة في المدارس السورية لم تعد كما كانت، فحجم الدمار الذي تعرض له القطاع التربوي لا يستهان به، كما أن التعليم أصبح مرتبطاً بمخاطر عديدة ومن بينها القذائف التي تطال المدارس بين الحين والآخر وتؤدي لسقوط ضحايا من الطلاب أو الأساتذة، مما دفع الكثير من الأهالي إلى الاحجام عن أرسال أطفالهم إلى المدارس، وهناك من فضل السفر إلى الخارج. وما يزيد الوضع سوءاً هو قصف النظام بشكل متواصل للمناطق التي باتت تحت سيطرة الجماعات المعارضة، فبحسب مركز التوثيق التابع للمكتب الإعلامي الموحد في الغوطة الشرقية، لا يوجد حالياً تعليم في الغوطتين، بسبب القصف الذي طال المدارس والهيئات التعليمية هناك.
وقد طال الدمار بسبب القصف معظم المدارس في الغوطة الشرقية، ودمر عدداً منها بالكامل. فكانت البدائل بتغيير أوقات الدوام المدرسي واللجوء إلى أقبية بعض المدارس لمتابعة التدريس، وهناك مدارس توقفت عن التعليم كلياً، فمثلا المعهد المتوسط لإعداد المدرسين في الغوطة الشرقية متوقف حالياً عن الخدمة بسبب وقوعه في المكان الذي وقعت فيه مجزرة دوما هذا الصيف، وبسبب استهدافه بصاروخ أرض أرض مؤخراً. وإجمالاً فإن واقع التعليم في سوريا مترد كثيراً ويحتاج لدعم كبير، كما تسجل حالات متزايدة من التسرب المدرسي مما ينذر بأعداد كبيرة من الأميين.
وبحسب مديرة التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التربية هدى شيخ الشباب، فإن عدد المدارس التي سيتم افتتاحها للعام الدراسي الحالي يبلغ حوالي 15 ألف مدرسة في كافة المراحل، أما مجموع المدارس التي خرجت من الخدمة فهو 7741 في المحافظات كافة وهي 241 مدرسة متضررة بشكل كلي، وهناك 232 مدرسة استخدمت كمراكز مؤقتة للمهجرين، و7268 مدرسة تقع ضمن المناطق الساخنة ويصعب الوصول إليها. كما تضررت 973 مدرسة ضرراً جزئياً، مع استمرارها باستقبال الطلاب.
وتضيف شيخ الشباب، ان الوزارة أطلقت حملة “المدرسة تنادينا” بالتعاون مع اليونيسيف والمجتمع المحلي، حيث تم العمل على إعادة تأهيل وصيانة 1355 مدرسة، كما تمّ إدراج مشروع تحسين المدارس من خلال تقديم غرف صفية مسبقة الصنع، وتجهيزات مدرسية، وتمّ وضع خطة لتأهيل 600 مدرسة وتقييم الأعمال المطلوبة لـ376 مدرسة بالتعاون مع اليونيسيف.
وتمّ تقديم 50 غرفة صفية مسبقة الصنع لمدارس محافظات (دمشق والسويداء وريف دمشق ودرعا وحلب)، كما يتم العمل حالياً على تجهيز 125 غرفة صفية مسبقة الصنع موزعة على ثلاث محافظات: اللاذقية 20 غرفة، حماة 85 غرفة، و20 غرفة موزّعة ما بين ريف دمشق والقنيطرة بالتعاون مع الأونروا. وهناك 65 غرفة صيفية قيد التركيب كما جرى تأمين 15000 مقعد مدرسي وهناك 30000 مقعد قيد التنفيذ كما تم تأمين وطباعة الكتب المدرسية وتوزيعها على المحافظات.
وبدورها تعمل المدارس على التكيف مع التطورات التي تطرأ على القطاع التعليمي، وهذا يفرض عليها زيادة في الأقساط حتى تكون قادرة على تأمين مستلزمات التعليم، وفي هذا السياق تقول صفا حسان من إدارة مدرسة البشائر، ان لكل مدرسة قرارها في رفع الاقساط وبحسب موافقة وزارة التربية، وجميع المدارس بحاجة لرفع الاقساط بسبب تراجع القيمة الشرائية وحاجة الهيئة التعليمية لزيادة الرواتب.
إلا أن هذا الأمر يشكل إرهاقاً مادياً للأهل والطلاب، لذلك قد يكون ارتفاع القسط أقل مما تسمح به الوزارة حالياً، أو بما يمكن أن يساعد على الاستمرار فقط.
من جهته يقول أحد الاداريين في ثانوية السعادة الخاصة (فضل عدم ذكر اسمه): قمنا برفع الأقساط 10 آلاف ليرة أي ما يعادل 30 دولاراً، بناء على بلاغ جاءنا من وزارة التربية بزيادة هذا المبلغ على القسط الأساسي للعام الدراسي الجديد. والتقيد بهذه الزيادة يختلف من مدرسة لأخرى. كما أننا أضفنا مبلغ 6000 ليرة وهي تدفع مقابل خدمات نقدمها مثل الانترنت، رسائل للطلاب، مطبوعات وغيرها”. ويضيف أن “هذه الزيادات فرضتها تكاليف المعيشة العالية، اضافة الى انخفاض قيمة الليرة وتأمين مستلزمات التعليم التي ارتفعت بشكل غير مسبوق، وفي المقابل يترتب علينا دفع رواتب الكادر التعليمي، إلى جانب الأعباء الأخرى المفاجئة، حيث تعرضت مدرستنا لسقوط قذيفة قدرت قيمة أضرارها بحوالي مليون ليرة، ولم تساعدنا الحكومة بتغطيتها أو تعويض جزء منها”.

يرتب انطلاق العام الدراسي أعباءً كثيرة سيتحملها الأهالي في ما يتعلق بتجهيز أولادهم سواء من حيث القرطاسية أو الألبسة المدرسية، حيث بلغت نسبة الارتفاع في أسعار القرطاسية 75% عن أسعار العام الماضي، في حين ارتفعت أسعار الملابس المدرسية بنسبة 50%. وفي هذا المجال طلبت وزارة التربية السورية من المدارس التساهل وعدم التشدد مع الطلاب لناحية التزامهم باللباس المدرسي المطلوب. والى جانب الأكلاف المادية، يُنتظر أن تُظهر الأيام المقبلة الارقام الحقيقية لعدد المدارس التي ستفتتحها وزارة التربية، وعدد التي دخلت حيز الخدمة الفعلية، وذلك تبياناً لحقيقة عمل الوزارة على الأرض.