IMLebanon

معارضو باسيل: ليته يفصلنا!

gebran-bassil

 

 

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:

بعد الاطمئنان لوصول جبران باسيل إلى رأس الهرم الحزبي، صار لا بد من البحث عن مصير الهرم نفسه. وبعد أن تخطى باسيل كل العقبات التي واجهها في طريقه إلى رئاسة «التيار الوطني الحر»، إن بقوته الذاتية أو بـ«ديموقراطية التوريث»، صار لا بد من السؤال عن مصير معارضيه أيضاً.

لم يكن سراً أن أبرز المعارضين من النواب كان ألان عون، زياد أسود، ابراهيم كنعان وسيمون أبي رميا، إلى جانب القياديين نعيم عون، رمزي كنج، انطوان نصرالله، زياد عبس وجورج عطالله وآخرين. هؤلاء قادوا معركة قاسية لتثبيت الديموقراطية في النظام الداخلي لـ«التيار» في نهاية العام 2014. دافع ميشال عون، حينها، عن الشراكة الداخلية، كما يدافع الآن عن الشراكة السياسية. كان في ذلك الوقت من أنصار الحياد وترك أبنائه يتنافسون ديموقراطياً، لأن «الانحياز قد يعرض سلامة التيار ومستقبله للخطر». لذلك، وافق، خلافاً لرغبة باسيل، بأن يكون للمكتب السياسي صلاحيات تقريرية، بما يجعله، عملياً، شريكاً لرئيس الحزب في القرار، وبالتالي تكريس الممارسة الديموقراطية في الهيكلية التنفيذية للحزب، بغض النظر عن اسم الرئيس.

المعارضون كانوا مرتاحين للنتيجة، التي وافق عليها باسيل، حتى لو على مضض. ما حققوه جعلهم لا يهتمون لاسم الرئيس إن كان جبران باسيل أو أي منافس آخر، إلا أن باسيل كان يتعامل مع الأمر بشكل مختلف. «لم يكن كافياً بالنسبة اليه أن يكون رئيساً، بل يجب أن يريد أن يكون رئيساً مطلق الصلاحيات».

وبالفعل، لم تدم فرحة المعارضين طويلاً. بعد ستة أشهر من إنجاز النظام الداخلي وتسليم نسخة منه إلى وزارة الداخلية، «تمكن باسيل من إقناع عمه بأهمية تعديله» ولعب بعض أفراد العائلة دورا ساهم في تغيير قناعة «الجنرال». فجأة، تقرر «تفصيل النظام الداخلي على قياس شخص»، كما يقول أحد الغائبين عن «تجديد الميثاق»، في حزيران الماضي، لكن هذه المرة من دون مشقة السعي لإقناع المعارضين الذين غيبوا تماماً عن التعديلات الجديدة.

سقطت الشراكة، والهيئة التقريرية صارت شبه استشارية. ومع ذلك لم يستسلم المعارضون وقرروا خوض المعركة حتى النهاية، قبل أن يفاجأوا بانقلاب آخر. تعديل النظام الداخلي كان الجرعة الأولى، فيما الجرعة الثانية كانت خلع ميشال عون لقفازيه وإعلانه الانحياز التام لجبران باسيل بعدما كان قد قال في مقابلات صحافية واحداها مع «السفير» أنه سيقف على الحياد.

هنا ضاع المعارضون مجدداً. لم يكن أي منهم مستعداً لخوض معركة ضد عون الذي اعتبر أن الاستمرار في المعركة ضد باسيل هو تحد شخصي. لذلك، قاد ابراهيم كنعان عملية تفاوضية، سعيا لتجنيب «التيار» معركة قيل إنها «يمكن ان تؤثر على بنيته، في وقت هو أحوج ما يكون للتماسك في خضم المعارك المصيرية التي يخوضها».

وبالفعل، أسفرت هذه المفاوضات عن تسوية، أبرز بنودها، الرئاسة لجبران مقابل الاتفاق على سلّة تفاهمات داخلية تعزز منطق الشراكة والتضامن.

نفذ البند الأول، وصار باسيل رئيساً لـ «التيار». في الكتلة النيابة تفاؤل بإمكان تنفيذ الشق الآخر من الاتفاق. يؤكد أحدهم أنهم ليسوا سلبيين في التعامل مع المرحلة الجديدة، وهم ملتزمون بالاتفاق. ويضيف: طوينا صفحة الانتخابات والتنافس ونفتح صفحة إعادة تصويب العلاقات داخل «التيار». وعليه، فإن الأداء الحزبي وحده هو الذي يمكن أن يحدد الخيارات المستقبلية، أي بعبارة أخرى إن «العلاقات داخل التيار هي في مرحلة الاختيار حالياً».

الموقف النيابي لا ينسجم مع موقف قيادات تاريخية غير نيابية. في الضفة الأخرى ما يزال السخط عارماً. الاعتراض منصب على «الأنا أو لا أحد». مع ذلك، فإن للعماد عون دائماً حيثيته الخاصة عند هؤلاء. هم يؤكدون التزامهم برؤيته السياسية الاستراتيجية، حتى أنهم يجزمون أنهم أمامه في مطالبه وليس خلفه. لكن الملاحظات تنصب على الإدارة السياسية التي كان باسيل مسؤولاً عنها وعن الإحباطات التي رافقتها طيلة السنوات الماضية. أضف إلى ملاحظاتهم الجوهرية على سعي باسيل للتفرد في القرار الحزبي وتعمده بناء منظومة مصالح من خارج «التيار».

اللافت للانتباه أن أياً من المعترضين لا يفكر في هجرة «التيار». هو شجرتهم التي رعوها منذ رحل عون الى باريس تاركاً لهم «بذرة التيار»، التي ثبتوا جذورها في الأرض. لذلك هم مصرون على الاستمرار ورفض الأمر الواقع. لم تحبطهم خسارة معركة، طالما هم واثقون أن قواعد «التيار» تؤيدهم. لا يعول هؤلاء كثيراً على التسوية التي أنجزت، بالرغم من اقتناعهم أنها كانت الحل الوحيد. لكن اعتراضهم يتركز على طريقة الإخراج، التي «كان يمكن أن تكون أفضل»، بحسب رأيهم، «ولا سيما لناحية تحصيل مكاسب أفضل للمؤسسة الحزبية وتحسين شروط التسوية».

باختصار، هم قرروا إكمال الطريق، وانتظار ظروف أفضل لتجديد سعيهم إلى إرساء الديموقراطية. هم يريدون أن تكون علاقة أبناء «التيار» برئيسهم «علاقة شراكة لا علاقة تزلف أو استزلام». لديهم الكثير من الأوراق التي يحتفظون بها، لاسيما منها ما يتعلق بالعملية الانتخابية نفسها أو مدى مراعاة القوانين والأنظمة، لاسيما في ما يتعلق بالتعديلات على النظام الداخلي.

المعارضون انفكوا عن بعضهم مرحلياً. بعضهم يقول ان المكتوب يقرأ من عنوانه، ومن عمل المستحيل لينبذ الشراكة لن يكتشف فجأة أهميتها، ولننتظر كيف ستترجم سلة الوعود التي قطعت لآلاف المنتسبين.

ماذا لو قرر باسيل فصل المعترضين؟ يرد أحدهم: «ليته يفعل ذلك»؟