IMLebanon

“ستاندرد أند بورز” عدّلت التصنيف الائتماني للبنان من “مستقر” إلى “سلبي”

Standard&poors

سلوى بعلبكي

تنشغل الاوساط الاقتصادية والمصرفية هذه الفترة بخفض الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني للبنان، وكان آخرها وكالة “ستاندرد اند بورز” التي عدّلت النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي للبنان من “مستقرة” إلى “سلبية”، فيما أبقت تصنيف لبنان الائتماني بالعملات المحلية والاجنبية على المديين المتوسط والطويل، على “B-/B”.

بهذا القرار تصبح النظرة المستقبلية لتصنيفات لبنان الائتمانية “سلبية” من وكالات التصنيف العالمية الثلاث Moody’s Investors Service وFitch Ratings اضافة الى Standard & Poor’s”.
وفيما عزت “ستاندرد أند بورز” هذا التعديل في النظرة المستقبلية إلى الأثر السلبي من عدم اليقين السياسي الداخلي وعدم الاستقرار في المنطقة على النمو الاقتصادي في لبنان، اعتبرت أنه من شأن استمرار عدم الاستقرار السياسي أن يحدّ من قدرة المسؤولين على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتوسطة والطويلة الأجل.
وفي ضوء هذا القرار، يوضح كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل، “أن الخفض ليس خفضاً للتصنيف السيادي للبنان، بل هو تغيير في النظرة المستقبلية لهذا التصنيف”، إلاّ أنه في الوقت عينه، يعني ارتفاع احتمالات خفض التصنيف السيادي للبنان في الـ12 إلى 18 شهراً المقبلين إذا لم تتحسّن أوضاع المالية العامة حيال خفض العجز في الموازنة العامة جدياً وتحقيق فائض أوّلي وإبداء جدية في تطبيق الإصلاحات التي من شأنها خفض حاجات الدولة للاستدانة.
وأشارت الوكالة إلى أن سير العمل في الدولة في تراجع، نظراً إلى أن لبنان يشكو غياب رئيس للجمهورية منذ أيار2014، ونظراً الى فشل مجلس النواب في إقرار موازنة عامة منذ 2005 ونظراً إلى أن المجلس صوّت على تمديد فترة ولايته لغاية 2017.
ويعتبر غبريل ان نظرة الوكالة حيال لبنان “بمثابة تحذير للسلطات المعنية، وعلى المسؤولين عن الشؤون المالية والاقتصادية في لبنان إعطاء إشارات إيجابية للسوق المحلية كما للمستثمرين غير المقيمين، بجديّة تنفيذ الإصلاحات. كذلك على الطبقة السياسية إبداء إرادة سياسيّة حقيقيّة لتطبيق الإصلاحات، إذ أن الوعود والنيّات لم تعد تكفي لتجنيب لبنان خفض تصنيفه الائتماني. علماً ان التعطيل المنهجي لعمل المؤسسات الدستورية اوصلنا الى هذا الوضع”.
وفي حين توقعت الوكالة أن تبقى نسب استهلاك القطاع الخاص واستثماره مقيّدة في 2015، لم تتوقع انتعاشاً كبيراً في القطاع السياحي، والخدمات المالية والتجارية، أو في الاستثمار الأجنبي المباشر. إلا أنها لاحظت أن ارتفاع الدخل القابل للصرف، بسبب خفض أسعار النفط العالمية، متزامناً مع حزمة التحفيز التي أطلقها مصرف لبنان، سيساهمان في تحقيق نمو متواضع في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة الممتدة ما بين 2015 و2018. واللافت ان الوكالة لم تتوقع أن تفيد الحكومة من فرصة أسعار النفط المنخفضة، والحيّز المالي الناتج منها، لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها الحدّ من الخلل في المالية العامة وتعزيز النمو الاقتصادي.
ويعتقد غبريل ان الإصلاح المنشود يبدأ بخفض النفقات العامة عبر مكافحة الاهدار، ووقف التوظيف العشوائيّ في مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء، وإصلاح النظام التقاعدي للقطاع العام، ومكافحة التهرب الضريبي على كل المستويات، وتفعيل الجباية. إضافة إلى إعطاء الأولوية لدفع مستحقات الدولة كاملة إلى القطاعات المعنية، ولدفع سندات الدولة حين تستحق، بدل الاستدانة مجددًا عند الاستحقاق. حينها، يقول غبريل “ان لبنان يتجنب خفض تصنيفه الائتماني، لا بل يعبد الطريق الى احتمال رفع هذا التصنيف. ولكن في المقابل، إذا خفضت الوكالات تصنيف لبنان، سيكون هذا الخفض مكلفاً على المواطن والقطاع الخاص، قبل أن يكون مكلفاً” على الدولة”.
واذ اعتبرت الوكالة أن المالية العامة والمرونة المالية ستظل مقيّدة بالنفقات الهيكلية التي تشمل التحويلات إلى مؤسسة الكهرباء وخدمة الدين المرتفعة، توقعت أن يتسّع العجز المالي من 6,2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 إلى 9,8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015، رغم المدّخرات المتوقعة لهذه السنة والتي ستبلغ بين 1,5% إلى 2% من الناتج المحلي والناتجة من خفض التحويلات لمؤسسة الكهرباء في ظل أسعار النفط المنخفضة. وتوقعت أن يرتفع صافي الدين العام من 116% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 إلى 120% من الناتج المحلي الإجمالي في 2016.
وفي حال حزمت الدولة أمرها في اتجاه اصلاح المالية العامة، وهو ما تشدّد عليه الوكالات الدولية، فإن هذا الامر يتم وفق غبريل، عبر تجنّب زيادة أي نوع من أنواع الضرائب، إن على الاستهلاك أو الدخل أو الأرباح، خصوصاً في ظلّ الجمود الاقتصادي والتهرّب الضريبي. ويؤكد ان الأولويّة يجب أن تكون لخفض النفقات العامة، إذ أنه من غير المقبول أن تنفق الحكومة 14 مليار دولار سنوياً من دون أن تستطيع خفض هذه النفقات بنسبة 5% على الأقل سنوياً”. فمؤسسات القطاع الخاص تعاني منذ 2011 من التباطؤ الاقتصادي وحال عدم اليقين السياسي والأعباء التشغيليّة المرتفعة، مما اضطرها الى شدّ الأحزمة وخفض نفقاتها بغضّ النظر عن سلامتها المالية. فكيف بالأحرى بالنسبة الى المالية العامة التي ترزح تحت دين عام مرتفع وعجز مستدام؟”.
وبالنسبة الى القطاع المصرفي، اعتبرت الوكالة أن الثقة حياله قوية، وهي مدعومة من سياسات مصرف لبنان للحفاظ على مستوى مرتفع من احتياطات العملات الأجنبية، مشيرة الى أن القدرة على خدمة الدين العام تعتمد أساساً على تدفق الودائع وعلى استعداد القطاع المصرفي وقدرته على الاستمرار في الاكتتاب للسندات الحكومية. إلاّ أنها اعتبرت أن اعتماد الحكومة على مصدر وحيد لتمويل حاجاتها هو ضعف هيكلي يزيد من تعرّض لبنان لظروف مالية واقتصادية سيّئة. وتوقعت أن تنمو الودائع المصرفية بنسبة 6% هذه السنة، وهذا كاف لتمويل حاجات القطاعين العام والخاص. كذلك لم تتوقع أن تنخفض تحويلات المغتربين في المدى القريب من جراء تباطؤ محتمل في النشاط الاقتصادي ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.