IMLebanon

روسيا تختبر ردّ الفعل الأميركي

putin-obamaكتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تكشف مصادر ديبلوماسية أنّ الحد الأدنى في ردّ الفعل الدولي، على لجوء روسيا إلى قصف المعارضة داخل سوريا، هو زيادة تسليح هذه المعارضة. أمّا الحد الأقصى، فهو تأمين غطاء جوّي لها عبر الطيران.

بعد الضربات الروسية الجوية، كان السؤال الغربي لماذا تقوم روسيا بذلك؟ هل من أجل إبقاء النظام حياً، أو لضرب المعارضة؟ لكن بات واضحاً لديه أنّ تدخّلها العسكري هو لضرب المعارضة. الروس استفادوا من الفراغ في الاهتمام الدولي الفعلي لإيجاد حل للوضع السوري، من أجل السعي لتعزيز الدعم للنظام عبر ضرب المعارضة.

الكلام الروسي عن سعي موسكو إلى حل سياسي لم يكن نهائياً. حسب المصادر، فقد باتت موسكو تلعب بالغرب كما بالكرة، الغرب قَبِلَ ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية للحل. وإذا فعلاً كانت روسيا تريد الحل فلماذا لجأت إلى الضربات العسكرية، ولكانت ضغطت في المقابل على الاسد للقبول بهذه التسوية، وأظهرت جدّية في التفاوض حيث أنّ أزمة اوكرانيا وانعكاساتها الاقتصادية عليها، وانخفاض سعر النفط، كان يُفترض أن يتيحا المجال للدخول في تسوية، بالتزامن مع إرهاق اقتصادي إيراني.

الآن على العكس، أرادت روسيا أن يتقدّم النظام بعدما خسر كثيراً، وبعدما فشلت كل من إيران و”حزب الله” في أن يجعلاه ينتصر. حالياً هناك حشد منهما بالتوازي مع الدعم العسكري الروسي، والهدف استعادة المناطق في حمص وأدلب. لا شك أنّ روسيا أرادت أن تمتحن الأميركيين الذين إذا لم يقوموا بأي عمل مقابل الضربات الروسية، ستستمر روسيا في خطتها لمزيد من الضربات، مثلما امتحن النظام ردّ الفعل الأميركي سابقاً لدى أول استعمال له للكيماوي. المعارضة الآن تحتاج إلى أسلحة نوعية وليس فقط زيادة الأسلحة الموجودة لديها. والآن إذا استمرت روسيا بضرب المعارضة، ما الذي ستفعله واشنطن، لا سيما وأنها استهدفت مراكز وعناصر معارضة مِن مَن درّبتهم؟

وتستبعد المصادر أن تقوم واشنطن، ومعها الغرب، باللجوء إلى ردود فعل قاسية ونوعية. ما قبل دخول الروس كان أسهل على الغرب التدخّل في سوريا، ولم يتدخل فالآن يصعب تدخّله. كذلك أمام مسألة اوكرانيا لم يتدخّل الغرب، وهضم ملفَي القرم وشرق اوكرانيا. ما قام به هو عقوبات على روسيا.

سقف ردّ الفعل على السلوك الروسي يجب أن يحدّده الأميركيون ويضعونه. وأي تحرك من الأتراك ودول الخليج يأتي في اطاره. من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يريد حلاً يناسبه من خلال ما تسرّب عن القمّة مع الرئيس باراك أوباما. لذلك قال الأخير ان لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية.

وتفيد المصادر أنّه مهما كان عليه الدعم الروسي للأسد، إنّما من المستحيل أن يحكم الأسد سوريا. الضربات الروسية تعزّز المنطقة العلوية وصولاً إلى دمشق، وإبعاد المعارضة عن المناطق العلوية.

الحرب في سوريا باتت حرباً دولية مكشوفة على أراضيها. مع الإشارة إلى أنّ الأميركيين لم يفعلوا شيئاً عسكرياً ضدّ النظام، وأنّ أوباما لن يتنازع مع الروس فوق سوريا. الأميركيون اشترطوا على مقاتلي المعارضة الذين يدربونهم أن يقاتلوا “داعش” و”النصرة”، لأنّ الأولوية برأيهم محاربة الإرهاب والانتهاء منه. هناك خوف من جانبهم، من أنه إذا هُزم تنظيم “داعش” في مناطق معينة، فمَن الذي سيحل محله؟ كما أنهم يريدون أن تحارب الجماعات الإرهابية جماعات معتدلة لها تواجد عسكري على الأرض، مثلما يحصل مع تنظيم “داعش” في العراق. ولأنهم لا يريدون، أي الأميركيين، أن يتحالفوا مع النظام وجيشه لمحاربة “داعش” يحتاجون إلى أناس على الأرض لمحاربته، وهذا كان محور خلافهم مع الأتراك، والذين لم يفتحوا أمامهم قاعدة “انجرليك”، لكن ما لبثت أن وافقت تركيا بعدما هاجمها “داعش”.

بالنسبة إلى واشنطن، لا يظهر بديل من النظام حتى الآن، أي بديل مقنع. لذلك هي تترك الوضع يهترئ لكن من دون أن تنهار مؤسسات الدولة. لا يزال اوباما يرفض إنزال قوات برّية في سوريا. وبرنامجه ما زال الانسحاب من الشرق الأوسط، وليس العودة إليه. السؤال الكبير هو “مَن هي الجهة المستعدة لأن تقف في وجه الروس؟”. الأوروبيون طبعاً غير مستعدين، فهل من جهات ستتفق على فعل ذلك؟