IMLebanon

“كونتوارات التسليف”.. باب لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟

MoneyLebanon3
عزة الحاج حسن

تعنى قوانين وتعاميم كثيرة بتنظيم القطاع المالي وحمايته من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتعمل وفقها المؤسسات المالية كافة من بنك مركزي ومصارف تجارية ومؤسسات محاسبة وصيرفة وغيرها، وترضخ جميعها لمجهر “لجنة الرقابة على المصارف” وهيئة التحقيق الخاصة التابعة لمصرف لبنان، التي تتمتع بصلاحيات شبه مطلقة لجهة إجراء تحقيقات في عمليات يشتبه في أنها تشكل جرائم تبييض أموال أو تمويل إرهاب، كما أنها تنفرد بحق تقرير رفع السرية المصرفية لصالح المراجع القضائية المختصة ولصالح الهيئة المصرفية العليا عن الحسابات المفتوحة لدى المصارف، والمؤسسات المالية العاملة في لبنان. ولا شك أن تلك القوانين والتعاميم المصرفية ارتقت بلبنان الى مراتب متقدمة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وجعلت من القطاع المالي مثالاً يحتذى بين دول المنطقة لجهة امتثال مصارفه ومؤسساته المالية للقوانين المحلية والدولية وتشريعات مجموعة العمل المالي (FATF).

ولكن انتظام القطاع المالي في لبنان، لا يمنع، ولا يلغي المخاوف من احتمال خرقه، من قبل “دكاكين” تجارة المال، أو ما يُعرف بـ “كونتوارات التسليف”، التي تتكاثر وتنتشر كالفطريات في المناطق اللبنانية كافة من دون حسيب أو رقيب، وتغرّد خارج سرب القطاع المالي، ولا تخضع لأي من القوانين التي تحكمه، لاسيما قانون النقد والتسليف.
كونتوارات التسليف، وإن كانت لا تثير مخاوف كثيرة من المصرفيين، لعدم تجاوز حجمها نسبة 8 في المئة من مجمل حجم القطاع المالي، إلا أنها تعتبر بالنسبة الى البعض الآخر، كارثة حتمية لا بد من ضبطها والسيطرة على طريقة عملها، بحسب تعبير العضو السابق في لجنة الرقابة على المصارف، أمين عوّاد.

ولعل أبرز المخاطر المرافقة لعمل كونتوارات التسليف، أنها تباشر عملها من دون أي ترخيص من أي جهة مصرفية او حكومية، مكتفية بتبليغ وزارة الداخلية والبلديات بإنشائها بموجب علم وخبر، مانحة نفسها استقلالاً تاماً عن السلطات التنظيمية والرقابية، في لبنان والعالم، والمعنية بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي حين يستخف البعض بمخاطر كونتوارات التسليف، التي تشكّل بمنطق القوانين المصرفية، صيرفة الظل، على اعتبار أن عملها محصور بالإقراض وليس بالإيداع، غير أن عواد يُسقط في حديثه لـ “المدن” تلك النظرية “إذ أن المقترضين مجهولون بالنسبة الى القانون، لاسيما أن إقراضهم يتم بشروط تسهيلية في غياب أي سقف للقروض، وأي ضوابط أو معايير للفوائد على الديون، وقد تصل الفوائد في بعض الأحيان إلى أكثر من 30 في المئة”.

وبالنسبة الى حصر عمل الكونتوارات بالإقراض وليس الإيداع، فإن مصادر “المدن” تؤكد أن بعض الكونتوارات تقوم باستقبال ودائع لمقيمين ومغتربين، بشكل سري، مقابل فوائد مرتفعة، من هنا يصبح الحديث عن تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أمراً محتملاً في ظل عدم قوننة هذا القطاع (كونتوارات التسليف) ودمجه بالقطاع المصرفي، تحت رعاية مصرف لبنان.
وليست قوننة كونتوارات التسليف محصورة بمصرف لبنان فحسب بل بالسلطات الحكومية أيضاً، ولا بد من ذكر التعميم الذي أصدره “المركزي” في شهر شباط الماضي طلب فيه من “كونتوارات التسليف” معلومات تفصيلية عن عناوينها وهواتفها وبريدها ومواقعها الإلكترونية وأنواع العمليات كافة التي تزاولها، منذراً إيّاها بضرورة تقديم المعلومات، وإلا تعرضت لوقف نشاطها.

إجراءات مصرف لبنان وإن كانت ضرورية لكنها غير كافية ولا تفرض على الكونتوارات الإمتثال للقوانين التي لا تشملها، الأمر الذي يبقي الباب مفتوحاً أمام مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من المخالفات المالية.