IMLebanon

فعلها ميشال معوّض… فأفرجوا عن ميشال الدويهي! (بقلم طوني أبي نجم)

michel-douayhi--NEW--pic

 

كتب طوني أبي نجم

بكل بساطة كان يمكن لميشال الدويهي أن يبقى سجيناً لـ3 سنوات على الأقل لأنه كتب “بوست” على صفحته على موقع “فايسبوك”!

لماذا؟ لأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم تقدّم بإخبار بحقّه الى النيابة العامة التمييزية بموجب مواد قانونية تصل عقوبتها الى السجن المؤبد.

النيابة العامة التمييزية أحالت الملف الى النيابة العامة في الشمال (طرابلس)، حيث أحاله النائب العام في الشمال الى مكتب التحري، فتم استدعاء ميشال وحضر أمام المدعي العام الذي ادعى عليه وأحاله أمام قاضي التحقيق، والذي بدوره رفض طلب إخلاء السبيل وظنّ به في قرار ظني طالباً له السجن 3 سنوات بذريعة أنه يثير النعرات الطائفية ويحرّض عناصر الأمة على الاقتتال!

كل ذلك وميشال الدويهي موقوف من دون أن يقبل قضاة بإخلاء سبيله، وكان يمكن أن يبقى مسجوناً لـ3 سنوات من دون أن يسأل أحد عنه!

لكن المعادلة اختلفت لأن شاباً زغرتاوياً آخر اسمه ميشال معوّض لم يرضَ بهذا الظلم بعد أن عرف به بفعل المعرفة الزغرتاوية بأهل الدويهي. وللأمانة فإن ميشال الدويهي مناصراً لـ”القوات اللبنانية” وليس لـ”حركة الاستقلال”، ولكن لأن الأمر يتعلّق بمعركة الحريّات سقطت كل الحسابات الأخرى. قد يكون ميشال الدويهي “أخطأ” قليلاً، أو ربّما “زادها” على الطريقة اللبنانية، لكن أن يتم الاقتصاص منه وكأنه يهدد الأمن القومي اللبناني… فهذه قصة أخرى!

تحرّك ميشال معوّض في كل الاتجاهات، وتحديدا في اتجاه الثنائي: وزير العدل أشرف ريفي الذي تتبع له النيابات العامة وهو وزير وصاية على القضاء اللبناني، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي تتبع له المديرية العامة للأمن العام.

تجاوب أشرف ريفي بسرعة وتابع الملف من الخارج مصراً على أن لبنان دولة العدالة والانسان وليس دولة جميل السيّد، كما أن زغرتا هي طرابلس وطرابلس هي زغرتا. ولن نسمح بعودة المنظومة الأمنية للتحكم بالقضاء وهذا هو منطق أشرف ريفي وعدله. ريفي واكب النهار الطويل مصرّاً على أن الحق سيعود الى أصحابه وعلى أنه لن يرضى بالظلم… فكيف بالتعدي على الحريات؟!

أما نهاد المشنوق فتحرّك بشكل مشرّف بالفعل وفي اتجاهات عدة، فلجم بعض من تهوّر في ظلم ميشال الدويهي والتشفّي منه، مؤكداً على أن بعض ردود الفعل على ما كتبه ميشال الدويهي مبالغ بها كثيراً وارتدت على من تحرّك ضدّه، ومشددا على أن الحريات في لبنان خط أحمر ممنوع المسّ به أياً تكن الذرائع. وأجرى المشنوق اتصالات مكثفة وتابع القضية لحظة بلحظة مع ميشال معوّض بوجودي شخصياً، وشكّل نموذجاً قيّماً في الدفاع عن الحريات ورفض الظلم.

وللأمانة، فإن حجم الضغوطات التي كان تعرّض لها بعض القضاة من أطراف في المقلب الآخر فاق التوقعات وبشكل غير مبرّر ويهدف فقط الى الانتقام من ميشال الدويهي بخلفية سياسية واضحة. وهذا ما استدعى استنفاراً على مدى الساعة من ميشال معوّض لمواجهة الضغوطات وموازنتها عبر اتصالات مكثفة بجميع المعنيين والتأكيد لهم “أننا لن نقبل بأي مساومة في هذا الموضوع وعلى ميشال الدويهي أن يخرج في أسرع وقت وإلا فسيتحمّل الجميع التبعات، وموضوع الحريات بالنسبة إلينا خط أحمر ولن نكون مكسر عصا لأحد ونقطة عالى السطر”.

هذا ما دفع ميشال معوّض الى الردّ على صدور القرار الظني “الكارثي” بمؤتمر صحافي عالي النبرة حذّر فيه بأنه “إذا لم يخرج الدويهي خلال ساعات فلكل حادث حديث”.

فهم المعنيون الرسالة بشكل واضح فصدر الحكم ليلاً بعد ساعات قليلة على المؤتمر الصحافي، وتم الاكتفاء بمدة التوقيف وغرامة 300 ألف ليرة، لينتصر بذلك منطق العدالة الحقيقية، رغم أيام التوقيف الطويلة والظالمة.

نعم فعلها ميشال معوّض ووقف وقفة بطولية في وجه محاولات عودة أساليب مشابهة لأساليب النظام الأمني السابق… فتمّ الإفراج عن ميشال الدويهي.

لا ليس تفصيلاً عابراً ما حصل… والجمهور الاستقلالي والسيادي في لبنان يستحق مثل هذه الوقفات عوض الرضوخ والتسليم لمنطق دولة لا منطق فيها، دولة تخضع لترهيب السلاح غير الشرعي وسطوته، هذا السلاح الذي يكاد يغيّب كل إنجازات “انتفاضة الاستقلال” ويضيّع دماء شهدائنا.

لا أيها السادة… لا يزال في بلدي رجال يواجهون، والمطلوب أن نواجه جميعاً لكي يبقى لنا أمل بدولة قوية وعادلة لا يحتاج فيها إحقاق العدل الى مواجهات يومية… ولا يكون فيها أمام القانون منطق أولاد ست وأولاد جارية!

ملاحظة: لن انسى ان اشكر المحامي الاستاذ نعيم الخوري على كل ما فعله كمحام في هذه القضية.