IMLebanon

تزايد مخاوف «موت الديزل» تحت عجلات «فولكسفاجن»

DieselCar
بيليتا كلارك

في اجتماعات الأزمة في مجالس الإدارة في جميع أنحاء أوروبا، كانت تجول في أذهان التنفيذيين في صناعة السيارات فكرة مخيفة: السيناريو يمضي على نحو من هذا القبيل. فضيحة شركة فولكسفاجن تؤدي إلى مزيد من التدقيق من جانب الأجهزة المنظمة واختبارات الانبعاثات الأكثر صرامة، ما يجعل الأمر أكثر تكلفة لانتاج سيارات ديزل “نظيفة” في قطاع هو أصلا يعاني هوامش ربح رقيقة جدا.

في الوقت نفسه، وعي الجمهور من التلوث الضار للديزل يرتفع، ما يدفع المستهلكين إلى عدم استخدام الديزل. ويؤدي ذلك إلى تفاقم الضغوط الحالية على شركات صناعة السيارات لإيجاد تكنولوجيات بديلة – أساسا كهربائية – لتتوافق مع أهداف الاتحاد الأوروبي الصارمة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون اعتبارا من عام 2020.

ويقول آدم جوناس، المحلل في بنك مورجان ستانلي إنه إذا ارتفعت التكاليف، فسيدفع ثمن ذلك إما شركات صناعة السيارات أو المستهلكون. ويضيف: “ونظرا للطبيعة التنافسية العالية في صناعة السيارات، فإنه يغلب على ظننا بقوة أن المستهلك سيكون هو المستفيد من الصفقة”.

انخفضت أسهم شركة فولكسفاجن بنحو 40 في المائة منذ ظهر الكشف عن غش شركة صناعة السيارات الألمانية لأول مرة في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي، في اختبارات انبعاثات مركبات الديزل في الولايات المتحدة.

وتراجعت أيضا أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية الأخرى – بي إم دبليو، وديملر، PSA بيجو سيتروين ورينو- وإن كان أقل بشكل كبير، الأمر الذي يسلط الضوء على مخاوف المستثمرين من أن فضيحة “فولكسفاجن” سوف تعجل في تدهور الديزل.

بعض هذه الشركات استثمرت مليارات الدولارات في السيارات التي تعمل بالديزل، ورفعت حصة سوق المركبات إلى 53 في المائة من المبيعات في أوروبا الغربية.

وهذا يعكس جزئيا مخاوف حكومات الاتحاد الأوروبي من حيث إن سيارات البنزين تولد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أكثر من المحركات المثيلة التي تعمل بالديزل.

في أعقاب قضية فولكسفاجن LMC للسيارات، والمتنبئة بالصناعة، تتوقع الآن أن الديزل سيمثل فقط 35 في المائة من المبيعات في أوروبا الغربية بحلول عام 2022. يشار إلى أن شيطنة السولار، كما هو معروف في هذه الصناعة، كانت تجري أصلا على قدم وساق قبل ظهور الأخبار حول مخالفة “فولكسفاجن” للقوانين.

وكانت تقارير متتالية تسلط الضوء على الآثار الضارة لأكاسيد النيتروجين والجسيمات – الملوثات من المركبات التي تعمل بالديزل، والمعروف أنها تسبب مشكلات في الجهاز التنفسي وتسببت في أكثر من 52 ألف حالة وفاة مبكرة سنويا في المملكة المتحدة، وفقا لتقرير صدر أخيرا عن الحكومة البريطانية.

مجموعات بحثية – مثل المجلس الدولي للنقل النظيف، الذي ساعد على كشف فضيحة شركة فولكسفاجن – أبرزت المستويات العالية من أكاسيد النيتروجين المنبعثة من سيارات الديزل على الطريق، على الرغم من الامتثال مع أحدث قوانين “يورو 6” التنظيمية في الاختبارات.

وقد أعطت قضية “فولكسفاجن” لنقاد الديزل عزما جديدا. المفوضية الأوروبية، التي كانت تبحث أصلا في أمر تشديد نظام مراقبة عفا عليه الزمن، تشعر بالتشجيع الآن وسوف تضغط لفرض اختبارات معملية جديدة على سيارات البنزين والديزل تتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين. سيكون هناك أيضا جهاز محمول في نظام اختبار الطرق لانبعاثات أكاسيد النيتروجين بحلول عام 2017.

التكلفة التي ستتحملها شركات صناعة السيارات نتيجة لاستخدام تكنولوجيا الحد من الانبعاثات لتتوافق مع قوانين يورو 6 هي الآن 1300 يورو لكل سيارة، وذلك وفقا لما يقوله محللون في شركة إكسين بي إن بي باريبا.

ويضيف المحللون أن هذا يمكن أن يرتفع بمقدار 200 إلى 300 يورو لكل سيارة بموجب قوانين يورو 6C التنظيمية الجديدة المقرر تنفيذها في عام 2017.

كل هذا يمثل تحديا كبيرا لسيارات فيات كرايسلر، وبيجو، ورينو، وللعلامة التجارية الأساسية لسيارات فولكسفاجن. أقرانها المتميزة مثل سيارات بي إم دبليو ودايملر وأودي تبيع مقابل أسعار أعلى، وبالتالي لديها هوامش أكبر بخصوص سياراتهم الكبيرة التي يمكن أن تمتص التكلفة الإضافية للتكنولوجيا الباهظة الثمن.

ويقول بعض من هم في الصناعة إن هذا يعني أن أيام سيارات الديزل الصغيرة باتت معدودة. يقول أحد التنفيذيين في شركة لصناعة السيارات في السوق الأوروبية العامة: “على سيارة صغيرة، لن تحصل على أي هامش على الإطلاق. سوف ينتهي أمر محركات الديزل الصغيرة لتكون في المتحف”. ويضيف قائلا إن ذلك سيعني خطوة باتجاه سيارات البنزين.

إن التحدي الذي سيكون بعد ذلك أمام شركات صناعة السيارات الأوروبية هو تحويل الإنتاج في المصانع من الديزل إلى البنزين. وتقول شركة بيجو إن طاقتها الإنتاجية لمحرك البنزين “لم تستخدم بالكامل، وبالتالي يعطينا ذلك إمكانية لضبط الإنتاج”. محللون آخرون يرون أن موت الديزل هو أمر مبالغ فيه. وكما يقول توماس بيسون، المحلل لدى شركة كبلر شيفرو: “نحن لا نعتقد أن الديزل ميت على الإطلاق”.

ويرجع هذا جزئيا إلى أن الديزل يمثل أربعة أخماس المبيعات الأوروبية في شركة بي إم دبليو، ونحو من ثلاثة أرباع في شركة ديملر وأقل بقليل من الثلثين في شركتي بيجو ورينو. بالنسبة لشركة فيات كرايسلر يمثل الديزل نحو 43 في المائة من المبيعات الأوروبية.

أرقام المبيعات من فرنسا تقدم وجهة نظر مختلفة. كانت فرنسا واحدة من البلدان الأكثر حماسا في تبني وقود الديزل، ولكنها شهدت رد فعل سياسيا كبيرا.

آن هيدالجو، رئيسة بلدية باريس، تهدد بحظر سيارات الديزل من العاصمة بحلول عام 2020 بسبب المخاوف من تلوث الهواء. وانخفضت حصة الديزل من المبيعات الشهرية للسيارات الفرنسية من 75 في المائة في حزيران (يونيو) 2012 إلى أقل من 60 في المائة في آب (أغسطس) الماضي.

إذا نظمت أوروبا التحول بالجملة بعيدا عن الديزل، قد تضطر الشركات المصنعة لعمل جهود أكبر مما كان متوقعا نحو السيارات الكهربائية من أجل الامتثال لأهداف الاتحاد الأوروبي لعام 2020 حول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

أما شركة بي إم دبليو، التي تعكس وجهة نظر الصناعة على نطاق واسع بأن الديزل سوف يستمر في لعب دور مهم، تقول إن أهداف الاتحاد الأوروبي لعام 2020 “لا يمكن الوفاء بها إلا من خلال الاستخدام الواسع لمحركات الديزل الحديثة ومزيد من (السيارات الجديدة) الكهربائية”.