IMLebanon

السلطات والمعلمون: غياب الحوار الهادف

ne3me-mahfoud
فاتن الحاج

تحسين نوعية التعليم وإنصاف المعلمين هدفان مترابطان في أجندة المنظمة الدولية للتربية، كما يقول الأمين العام للمنظمة فرد فان لوين. فالمنظمة التي تضم 30 مليون معلم وعامل في القطاع التربوي تسعى، بحسب لوين، إلى المساعدة في بناء نقابات معلمين مستقلة في جميع بلدان العالم، والتحدي الأخطر للمنظمة هو مغادرة عدد متنامٍ من المعلمين المهنة بسبب تقاضيهم رواتب متدنية تحول دون الحصول على فرص لتعزيز مهاراتهم الشخصية ومحاكاة الاحتراف والمهنية.

وفي مداخلة له خلال افتتاح أعمال المؤتمر التربوي لنقابة المعلمين أمس، تحدث لوين عن دراسة أجرتها المنظمة في 123 بلداً حول إشراك المعلمين في صنع القرارات التربوية، وفيها «قال 60% من المعلمين المشاركين إنّه لا يتم التشاور معهم بشأن التدابير التي تتخذها السلطات في تطوير السياسات التربوية، وفي حال تمت استشارتهم لا يؤخذ بوجهة نظرهم». يعلّق لوين: «إذا كانت الحكومات جادة في قراراتها لتحسين التعليم يجب أن تستمع إلى المعلمين». ويقول: «في الواقع، لا وجود لحوار هادف بين السلطات والمعلمين حول مستقبل مهنة التعليم حتى في البلدان الأكثر تطبيقاً لإجراءات المفاوضة الجماعية»، مؤكداً أن التعليم النوعي ليس مسألة محلية، بل هو تحدٍ عالمي.
لبنان لا يشذّ عن هذا الواقع، ففي التعليم الخاص ثمة اختلاف واسع بين أصحاب المدارس والمعلمين بشأن مقاربة الحقوق. رئيس اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب بطرس عازار الذي شارك النقابة مؤتمرها، لفت إلى أننا «مطالبون بالوفاء لرسالتنا التربوية والتعليمية وتعزيز الثقة المتبادلة والابتعاد عن التشنجات، إذ حرام علينا أن ننسى الكثير الجيد للمدارس الخاصة ونغرقها في بحور من الاتهامات الباطلة». وفيما أكد عازار أهمية عدم محاصرة التعليم وحصره بالأقساط المرتفعة وتجاهل كل ما له علاقة بتخريج الكفاءات، دعا المعلمين إلى تحييد القطاع التربوي عن السياسة والطائفية والمواقف الحادة وغير الموضوعية، معلناً استعداده للتعاون مع النقابة بهدف وضع السياسة التربوية في المدارس الخاصة وتوحيد المواقف.

إلا أنّ رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض اعتذر من عازار ليوضح أن «اهتمامنا بالشأن التربوي كما الشأن النقابي، وبديمومة فرص العمل للمعلمين من خلال تدريبهم لا يعني أننا سنتنازل عن حقوقنا. وبناءً عليه، فمعلمو لبنان في القطاعين العام والخاص مدعوون لحضور الجمعيات العمومية بعد 13 تشرين الأول للتصويت على توصية هيئة التنسيق النقابية ومجلس النقابة للعودة إلى الشارع والإضرابات والاعتصامات والتظاهرات إذا ما ظل أفراد الطاقم السياسي الحاكم يدير ظهره للسلسلة ولا يعتبرها
ضرورة الضرورات». وأشار إلى أنّ جماهير هيئة التنسيق هي جزء أساسي من الحراك المدني والشعبي، وشوائبه تغطيها الطبقة السياسية الحاكمة بأدائها الفاشل.
أما في تونس، فيقول رئيس نقابة التعليم الثانوي، أسعد اليعقوبي، إنّ النقابة لم تشارك في تاريخها في أي تنظيم نقابي عربي ومنها الاتحاد العالمي للمعلمين لاقتناعها بأنّ هذه التنظيمات غير قادرة على الارتقاء بالوضع التربوي طالما أنها مرتهنة لسياسات حكوماتها. لذا فهو يراهن على المنظمة العربية للتربية المولودة حديثاً لتؤدي هذا الدور المفقود منذ سنوات، وإن كانت نشأتها ستكون صعبة ومليئة بالتجاذبات والتناقضات.
وبالنسبة إلى النقابة، فقد خاضت، بحسب اليعقوبي، تحركات منذ 2013 وحققت جملة من المكاسب للأساتذة؛ منها رفع أجورهم بنسبة 60%، مما كان له تأثير على المفاوضات الاجتماعية الخاصة برفع أجور باقي العمال بنسبة 20%. كذلك أكد أن النقابة فرضت حواراً وطنياً من أجل إصلاح التعليم انخرطت فيه كل نقابات التعليم والشركاء من المجتمع المدني، وتم إنتاج كتاب تضمن الخطوط الكبرى لعملية الإصلاح الجذرية في المناهج وجودة التعليم ووسائل التدريس وتكوين المعلمين.
النقابة، بحسب اليعقوبي، تهتم أيضاً بالشأن العام والوطني. فقد كان لها دور محوري في تحريك الشارع قبل الثورة وبعدها.