IMLebanon

مجزرة سوسة تدمر القطاع السياحي في تونس

tunisia-hotel-attack-gunman
دمرت مجزرة سوسة في 26 حزيران/يونيو الماضي السياحة في تونس، وأصدرت دول عدة بينها هولندا وبلجيكا وبريطانيا تحذيرات الى مواطنيها من السفر الى تونس في اعقاب الهجوم، وغادرت وكالات سياحية كبيرة تونس وأُلغيت غالبية الرحلات الجوية الى المنتجعات التونسية.
ولكن المواطن الالماني مانفريد بوسيفيتش أصر على قضاء اجازة في تونس رغم مقتل امرأة عجوز كانت صديقة العائلة في الهجوم.
وتذكر بوسيفيتش ما كتبته صحيفة المانية قالت ان موظفي فندق امبريال مرحبا حيث وقعت المجزرة شكلوا سلسلة بشرية لحماية ضيوفهم من المسلح. وصرخ بعضهم “اطلق النار علي”. ولكن منفذ الهجوم سيف الدين يعقوبي استهدف السياح فقط.
بعث بوسيفيتش بفاكس الى كامل مدير مكتب الاستقبال في الفندق. فرد عليه كامل قائلا “ماني (مانفريد بوسيفيتش) ، كل شيء آمن”. وحجز بوسيفيتش غرفة بسرير لشخصين في فندق امبريال مرحبا. وكلفته الرحلة مع الاقامة في الفندي لمدة اسبوعين هو وزوجته 2500 يورو ، بما في ذلك الغرفة ووجبات الأكل وتذاكر الطائرة.
وكانت الفنادق المجاورة على الشاطئ مغلقة حين وصل بوسيفيتش وزوجته ، وفندق امبريال مرحبا حيث وقع اكبر هجوم ارهابي في تاريخ تونس وحده الذي ما زال مفتوحا للضيوف.
ونقلت مجلة شبيغل عن مدير الفندق محرز سعدي قوله “نحن رمز. ولن ينتصر الارهابيون طالما نحن هنا”.
وانساب اعلان سعدي الشجاع في بهو الفندق الشاغر كأنه طائرة من ورق. وكان سعدي درس الادارة في تونس وهو يتكلم العربية لغته الأم والفرنسية والانكليزية. ويجيد الالمانية ايضا بعد ان عمل في ميونيخ 18 شهرا. وكان سعدي موجودا عندما وقعت الكارثة وساعد الضيوف على الفرار. وهو يقول انه كان سيقتل الارهابي لو كان لديه سلاح.
ولاحظ سعدي ان الفرنسيين قتلوا منفذي الهجوم على مكاتب مجلة شارلي ابدو بعد 48 ساعة في حين ان التونسيين قتلوا منفذ الهجوم على منتجع سوسة في اقل من ساعتين. “ومع ذلك قاطعتنا اوروبا وهم يصدرون تحذيرات من السفر… فالسياح لا يخافون من السفر الى لندن أو نيويورك ولكنهم يخافون من المجئ الى هنا. انهم لا يثقون بنا…”.
ونُكست اعلام المانيا واسبانيا وروسيا وبلجيكا وفرنسا أمام الفندق بجانب العلم التونسي تكريما لضحايا الهجوم. وكان غالبية الضحايا من البريطانيين. إذ قُتل في ذلك اليوم من حزيران/يونيو 30 مواطنا بريطانيا. ولم يكن هناك ضيف بريطاني واحد عندما تحدث سعدي لمجلة شبيغل بل كان هناك خمسة المان مع زوجاتهم وهولندي مع زوجته وروسيان مع زوجتيهما واوكراني مع زوجته وتشيكي مع زوجته وسعوديان مع زوجتيهما وعائلة كبيرة من الجزائر وامرأتان كبيرتا السن من المانيا وسائحة واحدة من موسكو.
وانضم الى المجموعة في اليوم التالي فريق من شرطة اسكتلند يارد يتألف من ثمانية افراد مسلحين بتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لتفتيش الفندق. وكان يحرس البريطانيين ثمانية من افراد الشرطة التونسية مدججون بالسلاح.
وقال سعدي “ان هذا غير مقبول ، كل هذه الأسلحة. فالفندق والسلاح لا ينسجمان كالسمك والحليب”.
ولكن فندق امبريال مرحبا رغم شجاعة موظفيه ووفاء بعض ضيوفه الذين عادوا بعد الهجوم انضم في 30 ايلول/سبتمبر الى الفنادق الأخرى على الشاطئ باغلاق ابوابه. وكانت لحظة الوداع مؤثرة بين الضيوف وموظفي الفندق الذين تبادلوا مع ضيوفهم قبلات مبللة بالدموع.
ويُلاحظ ان الشركة الاسبانية التي تملك الفندق دأبت طيلة سنوات على نقل ارباحها الى الخارج. ولكنها قررت الآن الفرار بعد حدوث مشاكل بسبب الهجوم. فهذه هي الرأسمالية ولكن سعدي مدير الفندق لا يستطيع ان يقول ذلك لأنه موظف في الشركة. كل ما قاله هو “اننا نُستَخدم وكأننا شريحة ليمون توضع على طبق السمك”.
في المناطق الريفية المحيطة بالفندق قال علي صالحي الذي يعمل بعض ايام الاسبوع نادلا في مطعم وسط بساتين اشجار الزيتون ان لا أحد من اصدقائه يعمل منذ وقوع الهجوم وانقطاع افواج السياح. واضاف صالحي قائلا لمجلة شبيغل “ان بعضهم يدخرون المال للمهربين فيما يتوجه آخرون الى سوريا من أجل المال. فهم لديهم خياران: القوارب أو تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”. وانتم الاوروبيين ستصلهم الرسالة في النهاية. فالمأساة لم تبدأ في 26 حزيران/يونيو بل ان المأساة تبدأ الآن”.