IMLebanon

“وول ستريت جورنال”: ما الذي يلتهم البنوك؟

DeutscheBank3
دعت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في افتتاحيتها البنوك الأوروبية التي تواجه مشاكل في انخفاض الأرباح إلى رفع سعر الفائدة حتى تعود إلى سابق عهدها مرة أخرى.

وأوضحت الصحيفة أن البنوك الأوروبية مرت بشهر كئيب خلال تشرين الأول، حيث قام “بنك دويتشه” بتخفيض قيمة أصول بمقدار 5.8 مليار يورو ضمن استثماراته المصرفية ووحدات التجزئة الخاصة به. أما بنك “كريدي سويس” السويسري، فيستعد لإعادة تنظيم آخر ودعوة رؤوس الأموال التي قد تصل إلى ثمانية مليارات فرنك سويسري. وسيقوم “بنك ستاندرد تشارترد” البريطاني بإلغاء 1000 من 4000 وظيفة بالإدارة العليا مع تراجع الأرباح والرغبة في خفض التكاليف. وهناك توقعات بمزيد من الأخبار السيئة مع اقتراب موسم أرباح آخر وتعاني بنوك أخرى من خسائر وأوجه قصور استراتيجية.
ولفتت الصحيفة إلى أن كل هذه البنوك لديها إدارات جديدة ترغب في تنظيف البيت من الداخل، وغالباً في وقت متأخر. ولكن القصة الأكبر هي التفاعل السام بين أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي في أوروبا والأنظمة المصرفية الأكثر صرامة التي تهدف إلى تجنب المجازفة وأي ذعر مالي آخر.
وترى الصحيفة أن متطلبات رأس المال الأكثر إرهاقاً والقيود المفروضة على الأنشطة التجارية هي السبب المباشر لمعظم التحركات الأخيرة المتعلقة بإعادة الهيكلة في بنكي دويتشه وكريدي سويس. أما بنك ستاندرد تشارترد، فيواجه عجزاً رأسمالياً في اختبار تحمل من المقرر أن يُعلنه بنك إنجلترا في كانون الأول. وتعتبر معايير رأس المال الأعلى إحدى الضروريات التي تجعل البنوك أقل عُرضة للخطر في الأزمات، ولكن الوصول إلى هذا الهدف يؤثر بالسلب على الأرباح لفترة من الوقت.

ضغوط الأرباح

وتلفت الصحيفة إلى مسألة أخرى هي الربحية حيث أن تدني معدلات الفائدة ينشر الفوضى في نماذج الأعمال المصرفية. فمع عدم جدوى استخدام الطرق التقليدية لجني الأرباح، تتعرض البنوك لضغوط لزيادة الأرباح من خلال خطوط أخرى مثل الخدمات المصرفية الاستثمارية، على الرغم من تلك الأنشطة أقل ربحية بفضل قواعد رأس المال.
واستشهدت الصحيفة بمجموعة “بوستبانك”، التي استحوذ عليها بنك دويتشه في عام 2010 ويأمل في بيعها الآن، حيث تقوم بتجميع الودائع الادخارية من الأفراد وتقوم بإقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل رئيسي. كان من المفترض أن يؤدي الاستحواذ قبل خمس سنوات إلى تنويع أرباح بنك دويتشه. لكن انخفاض أسعار الفائدة قلل من احتمالات أن تجني “بوستبانك” عائدًا على الودائع التي تملكها وتعمل الأنظمة الاحترازية الأكثر صرامة على إعاقة قدرتها على إعطاء قروض إلى الشركات الصغيرة.
وتتوقع المصارف الصغيرة في ألمانيا، مثلها مثل بوستبانك، انخفاضًا في الأرباح قبل خصم الضرائب يصل إلى 25٪ بحلول عام 2019 إذا استمرت معدلات الفائدة المنخفضة الحالية، وفقاً لدراسة حديثة من قِبَل البنك المركزي الألماني وهيئة تنظيم الخدمات المصرفية في ألمانيا.

فوضى نقدية

وتكشف الصحيفة أن الفوضى النقدية تساعد أيضاً في شرح المشاكل التي يمر بها بنك ستاندرد تشارترد. فهذا البنك مفتوح بشكل خاص على الاقتصادات النامية في آسيا وعلى السلع، وقد شهد كلاهما طفرة نتيجة للاستثمارات التي يغذيها رأس المال الرخيص من الاقتصادات المتقدمة. ومع حدوث انحسار في هذا المد، يتوجب أن يكون البنك على استعداد لتلبية متطلبات رأس المال الجديدة مع تعرض أعماله الأساسية لضغوط.
ونتيجة كل ذلك، حسبما تَخْلُص الصحيفة، هي الحصول على نظام مصرفي أوروبي متضارب ليس أكثر أمانا مما كان عليه، بل وأسوأ من حيث وظيفته التقليدية المتمثلة في توزيع رؤوس الأموال من المدخرين إلى الشركات. إن البنوك التجارية التقليدية المستقرة لا تجني أرباحاً بشكل موثوق. ربما تجني البنوك الاستثمارية عوائد، لكنها تأتي في ظل قواعد رأس مال صارمة.

ويجادل بعض المصرفيين، مثل جون ماكفرلين، الرئيس التنفيذي لبنك باركليز، وفريدريك أوديه، رئيس بنك سوسيتيه جنرال، بأن الحل هو إنشاء بنوك أوروبية عملاقة لمنافسة المؤسسات الأمريكية الكبيرة. وهذا من شأنه التغلب على الآثار الاقتصادية السيئة للأرباح المنخفضة عن طريق إنتاج المزيد من البنوك الكبيرة جداً بدرجة تحميها من الفشل.
وفي الختام، تقول الصحيفة إن البعض سيرحب بهذا التقلص في أرباح البنوك ويصفه بأنه أمر جيد، فمن المفترض أن تعمل قواعد رأس المال على عدم تشجيع الإفراط في المجازفة. لكن على البنوك أن تجني أرباحاً بطريقة أو بأخرى. وافضل حل لتعزيز النمو والاستقرار، برأي الصحيفة، سيأتي عندما تقوم البنوك المركزية بوضع سعر لرأس المال بصورة طبيعية.