IMLebanon

تململ داخل “حزب الله” بسبب الورطة في سوريا

hezbollah

لا تقل مهمة “حزب الله” اللبناني في تبرير تورطه في سوريا، صعوبة عن التورط نفسه الذي بدأه منذ بدايات الأزمة إلى جانب حليفه النظام السوري، الذي أفقده نحو ألف قتيل من عناصره، وعدد مماثل من المصابين “الخارجين من الخدمة”.

ورغم الجدار الحديدي، الذي يبنيه الحزب حول بيئته الحاضنة، فإن الأخبار ما تنفك تتوارد عن تململ في قياداته التي يرى بعضها أن الثمن الذي يدفع في سوريا “أكبر من مبررات التدخل فيها”. وينقل عن عدد من مقاتلي الحزب استياءهم من “البيئة غير الودية”، التي يلاقونها في سوريا، حتى في أوساط مقاتلي النظام أنفسهم. وبعد أيام من احتدام المعارك في الشمال السوري، تجددت التساؤلات داخل بيئة حزب الله عن جدوى توسيع المشاركة في كل المناطق السورية، بعدما كان الحزب قد ردّ دخوله إلى سوريا لغرض حماية لبنان وحدوده الشرقية، كما حماية المقامات الشيعية في سوريا.

وفيما تحدثت معلومات غير مؤكدة عن “خلافات داخلية” بين قيادات الحزب وانقسامها ما بين مؤيد لاستمرار مشاركة الحزب بالحرب السورية ومعارض لها، رجّحت معلومات أخرى أن يكون دخول موسكو إلى خط الصراع السوري أعطى معنويات لمقاتلي الحزب وعوائلهم جراء اقتناعهم بأن المشاركة العسكرية الروسية بالمعركة قد تسهم بإنهائها قريبا، فيما قالت مصادر محلية إن قيادات الحزب باتت تتحرى أوضاع عائلات المقاتلين الذين يسقطون في سوريا، قبل الذهاب لتقديم واجب العزاء، بعد أن سمع الكثير منهم انتقادات لاذعة من أهالي عدد منهم، كانوا رافضين لمشاركة أبنائهم في الحرب السورية. وقالت مصادر لـصحيفة ”الشرق الأوسط” إن الحزب رفع في الآونة الأخيرة من تقديماته لقتلى ومصابي الحزب في الحرب السورية، بحيث بات يشتري بيوتا لمن سقط منهم في سوريا ولا يمتلك بيتا يؤوي عالته، كما رفعت إلى أكثر من 50 ألف دولار المساعدة التي تقدم لعوائل القتلى، بالإضافة إلى تخصيص رواتب، وتقديم تسهيلات لهم وتخفيضات من المتاجر التي يمتلكها مؤيدون للحزب.

أما في الجانب التعبوي، فقد ذكرت المصادر أن ثمة فريقًا متخصصًا في الحزب يزور عائلات المقاتلين، من أجل تقديم “الدعم المعنوي” وشرح “المخاطر” التي يمنعها عن لبنان قتالهم في سوريا.

وأفادت مواقع لبنانية بأن بعض التململ سمع في أوساط حزب الله من المشاركة في معارك الشمال السوري، وجرى تبريره بأنه “يجب وقف تقدم (داعش) في شمال سوريا، وخصوصا في ريف حمص لمنع التنظيم من الوصول إلى حمص والحدود اللبنانية الشمالية، نظرا لعدم قدرة حزب الله على صدهم من الداخل اللبناني بسبب حساسية المنطقة”.

وقالت مصادر متابعة للملف لـ”الشرق الأوسط” إن الحزب “يولي أهمية قصوى حاليا لضبط أي حالة استياء في صفوف جماهيره التي يحرص كل الحرص على أن تبقى داعمة لمشاركته بالحرب السورية، لذلك يتم التركيز خلال مجالس عاشوراء حاليا على أهمية استمرار الحزب بحربه هناك والإصرار على الحديث عن إنجازات تتحقق خاصة لجهة حماية لبنان من الخطر الإرهابي”. وأشارت المصادر إلى أنه “وعلى الرغم من تأثر القسم الأكبر من جمهور الحزب بالمواقف التي يطلقها المسؤولون الحزبيون في هذا المجال، فإنه لا يمكن التغاضي عن وجود تكتل داخل هذا الجمهور وخصوصا من ذوي قتلى الحزب في سوريا يرفض الأسباب الموجبة التي يتم اللجوء إليها كمبررات لتوسيع المشاركة في القتال في معظم المحافظات في سوريا”.

ويتحفظ حزب الله كثيرًا حول الأعداد المشاركة بالحرب السورية، وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن عناصر بالحزب العام الماضي أن عدد المقاتلين هناك يتجاوز الـ5 آلاف.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان في آخر حصيلة لعدد قتلى الحرب في سوريا المستمرة منذ (آذار) 2011، وتبين فيها أن عدد عناصر حزب الله الذين لقوا حتفهم هناك تخطي الـ971، كان آخرهم أحد مؤسسي الحزب وأبرز قادته حسن حسين الحاج الذي لقي مصرعه في معارك سهل الغاب في ريف حماه وشيّعه أهالي بلدته الجنوبية مطلع الأسبوع الماضي، وكان لافتا أن رئيس الهيئة التنفيذية في الحزب هاشم صفي الدين الذي تحدث في التشييع، لم يتطرق إلى أنه قضى في سوريا.

ونعت وسائل إعلام مقربة من الحزب حسين الحاج، ابن قرية اللويزة الجنوبية في لبنان، وقالت إنه “من كبار قادة الحزب الذي تجمعه علاقة وثيقة بالأمين العام للحزب حسن نصر الله”. وكان الحاج بحسب تقارير إعلامية يشغل منصب قائد عمليات منطقة القلمون في الفترة الأخيرة قبل الهدوء الذي شهدته جبهة الزبداني ومكن الحزب من نقل أعداد كبيرة من مقاتليه إلى إدلب وحماه.

كما أعلن الحزب أخيرا مقتل 3 عناصر في صفوفه هم علي الرضا عبد الله اليواري من بلدة طاريا البقاعية، ولامع موسى فارس من بلدة مارون الراس الجنوبية، وحسين عبد الله ركين من بلدة الشهابية الجنوبية، إضافة لـ3 عناصر آخرين.

وكان نصر الله أكد لأول مرة في (أيار) الماضي أن مقاتليه موجودون في أماكن كثيرة داخل سوريا ومستعدون للانتشار “في أي مكان داخلها” دعما للرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة. وقال نصر الله وقتها: “لم نعد موجودين في مكان دون مكان في سوريا، نحن موجودون اليوم في أماكن كثيرة، وأقول لكم اليوم: سنوجد في كل مكان في سوريا تقتضيه هذه المعركة”. ورد مشاركة الحزب بالحرب السورية إلى “استراتيجية تهدف إلى منع مجموعات مثل تنظيمي داعش وجبهة النصرة من السيطرة على المنطقة”.

وينفي قاسم قصير المختص بشؤون حزب الله وجود مؤشرات لخلاف على صعيد قيادات حزب الله بما يتعلق بالملف السوري، لافتا إلى أنه “وفي المعركة الأخيرة زاد من دوره وحجمه وبالتحديد في إدلب وحلب، وهو مستمر بالقتال في سوريا حتى توقيع اتفاق سياسي يضع حدًا للحرب المحتدمة هناك”. وقال قصير لـ”الشرق الأوسط”: “أما على صعيد القاعدة الشعبية، فهي تزيد قناعة مع مرور الأيام أنه لولا مشاركة الحزب بالقتال في سوريا لكان حجم الانعكاسات أخطر بكثير، وعدد القتلى أكبر، خصوصًا أن السيناريو العراقي لا يزال ماثلاً أمامها”.