IMLebanon

قزي في افتتاح ندوة عن الاستدامة المالية: لبناء ادارة الضمانات الاجتماعية على حسن الحوكمة

sejaan-azzi-new
أكد وزير العمل سجعان قزي ان “العالم العربي بات يدرك خصوصا بعد الاحداث الاخيرة ضرورة إيلاء السياسة الاجتماعية الاولوية على القضايا الاخرى، لان الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية توفر على العالم العربي كثيرا من المشاكل السياسية والامنية والعسكرية”، داعيا الى “بناء ادارة الضمانات الاجتماعية في عالمنا وخصوصا في لبنان على حسن الحوكمة”.

فقد رعى قزي افتتاح ورشة العمل حول “الاستدامة المالية لمؤسسات الضمان الاجتماعي” التي نظمتها الجمعية العربية للضمان الاجتماعي بالتعاون مع منظمة العمل العربية – ادارة الحماية الاجتماعية، بمشاركة ممثلين عن اطراف الانتاج الثلاثة في العالم العربي وعدد من الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية، في حضور مدير عام وزارة العمل يوسف نعوس، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، رئيس مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي طوبيا زخيا وفاعليات اقتصادية واجتماعية ونقابية.

وتحدث وزير العمل فنوه ب”اختيار الجمعية العربية للضمان الدكتور محمد كركي رئيسا لها حيث اعطى لهذه الجمعية زخما واضحا من خلال المؤتمرات والدراسات والندوات وتعزيز الروابط بين مؤسسات الضمان في العالم العربي انطلاقا من لبنان الجريح، لبنان اليتيم، من دون رئيس للجمهورية”، متمنيا ان “تنعقد هذه الورشة في المرة المقبلة ويكون للبنان رئيس للجمهورية، لأن جمهورية من دون رئيس ليست جمهورية”.

وأكد ان “العالم العربي بات يدرك خصوصا بعد الاحداث الاخيرة ضرورة ايلاء السياسة الاجتماعية الاولوية على القضايا الاخرى لان الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية يوفر على العالم العربي كثيرا من المشاكل السياسية والامنية والعسكرية”، لافتا الى ان “هذه التطورات التي حصلت اعطت الاولوية لضمان الانسان في دولته ومجتمعه ذلك ان تطور الطب جعل من غير الممكن للفرد ان يكون ضامن نفسه”.

وأشار الى أنه “منذ ان بدأ الضمان في العالم وهو في صراع بين كيفية تأمين الضمانات الاجتماعية والصحية للمواطنين، وكيفية تأمين الاموال الكافية لنفسه ليقوم بواجباته. وبين هذا وذاك يكبر الصراع يوما بعد يوم لان حاجات المواطنين تكبر وعجز صناديق الضمان في العالم يكبر ايضا، وقد حصلت مقاربتان لكيفية تأمين المالية المستدامة لمؤسسات الضمان، مقاربة يمينية تقليدية تقضي بالحد من التغطيات، ومقاربة يسارية تقليدية تقضي بزيادة الاشتراكات”.

ورأى أن “المقاربتين صحيحتان وان كانتا ناقصتين، صحيحتان لانه ليس هناك طريق ثالث لسد العجز في صناديق الضمان ولكنهما ناقصتان لان ليس بينهما تناقض اذا وجد السبيل الى ايجاد تلاق بينهما، فلم يعد العالم يستطيع ان يعيش دون مفهوم التضامن الاجتماعي، هناك شعور بأنه يوجد في المصارف اموال كثيرة ونسبة الاغنياء تزداد في كل الدول وعلى اصحاب الرساميل دون ان ندخل في نظريات الاشتراكية والشيوعية والرأسمالية ان يشاركوا في بناء مجتمعهم، فمن يعطي القليل في زمن السلم يربح الكثير، لكي لا يضطر لان يعطي الكثير في ازمنة الازمات ويخسر الكثير ايضا”.

وقال: “حين نشترك في الضمان الاجتماعي لا نغطي انفسنا فقط، فالاشتراك في الضمان هو فعل تأميني ذاتي ولكنه فعل تضامني اجتماعي، لان اشتراكي يساهم في تأمين التغطية للآخرين، هذا هو الميثاق الانساني والاجتماعي بين المواطنين”.

ودعا الى “التمييز بين اسباب العجز في صناديق الضمان في العالم العربي وافريقيا والعالم الثالث، وبين العجز في صناديق الضمان في الدول الاوروبية والمتقدمة”. وقال: “هناك عجز مرده الى كثافة التغطية الاجتماعية والصحية، بينما العجز هنا مرده الى عدم اكتراث الدول لصناديق الضمان واحيانا لسوء الحوكمة، وحين أتحدث عن سوء الحوكمة لا اتحدث عن ادارات الضمان فقط، انما عن المواطنين ايضا الذين يحتاجون الى ترشيد انفاقهم الطبي”.

وأوضح قزي انه “حين يحصل عجز في صناديق الضمان في اوروبا فلأن صناديق الضمان في هذه الدول لديها مروحة اكبر للتغطية مثل سن التقاعد والشيخوخة، والعاطلين عن العمل”.

وأعطى المانيا وفرنسا مثالا على “وجود مؤسسات للضمان تربح واخرى تخسر”. وقال: منذ العام 2010 الى 2014 حصل عجز في صندوق الضمان الاجتماعي الفرنسي قيمته 105 مليار يورو، في حين وفي الفترة ذاتها حصل ربح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الالماني بنسبة 12 مليون يورو. نحن هنا امام مشكلة وحل، المشكلة ان هناك صناديق للضمان تخسر، وصناديق تربح مما يعني اننا يجب ان نبني ادارة الضمانات الاجتماعية في عالمنا وخصوصا في لبنان على حسن الحوكمة”.

وتمنى ان “تبحث الندوة في كيفية ايجاد المالية المستدامة لصندوق الضمان لأن التركيبة المالية لكل صناديق الضمان الاجتماعية في العالم تخطاها الزمن ان في العالم المتقدم او في العالم النامي، ولا بد من ابتداع معادلة مالية جديدة ترتكز على مشاركة اكثر من قبل المواطنين، وعلى مشاركة اكثر من قبل ارباب العمل، وعلى تضحية معينة من المضمونين لكي يحصل هناك توازن”.

وأكد ان “كل المعادلات الجديدة التي يبحث عنها العالم في القرن الواحد والعشرين تقوم على مبدأ التضامن”، داعيا الى ان “يضع الانسان يده بيد اخيه الانسان خارج الطبقية، والمذهبية، والفئوية، والامتيازات لنبني مجتمع الانسان، مجتمع الحضارة والرقي والتقدم”.

كركي
من جهته، قال المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي رئيس الجمعية العربية للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي: “في إطار تنفيذ خطة عمل الجمعية للعام 2015، وتمكينا لمؤسسات الضمان الإجتماعي في العالم العربي من مواجهة التحديات الماثلة أمام إستدامتها المالية، تطلق الجمعية العربية للضمان الإجتماعي بالتعاون مع منظمة العمل العربية – إدارة الحماية الإجتماعية ورشة عملها الرابعة تحت عنوان: “الإستدامة المالية لمؤسسات الضمان الاجتماعي”. ففي ظل ما يشهده العالم من أزمات إقتصادية ومالية، ومع ظهور أشكال جديدة من الأعمال والمتغيرات التي طرأت على النسيج الإجتماعي وعلى هيكلية أسواق العمل وأنماط التشغيل، والتوجه نحو المزيد من العمالة غير الرسمية والمؤقتة، وجدت مؤسسات الضمان الإجتماعي ذاتها أمام حتمية تحسين مردودية الأنظمة وصولا إلى تحقيق الإستدامة المالية”.

أضاف: “في ظل أهمية الموضوع الذي تتناوله ورشة عملنا هذه والتي تهدف إلى تمكين المؤسسات من التسلح بالأدوات المناسبة، وإستحداث إجراءات ترمي إلى إستباق الأزمات والإستجابة لها على نحو يتسم بالمرونة والإبتكار، وتحقيق ضمان إجتماعي ديناميكي وآمن، لا بد لنا من الإشارة إلى المحاور التي ستتناولها هذه الورشة، وهي: السياسات والإجراءات المطلوبة لتحقيق الإستدامة المالية، التحديات الماثلة أمام جهود الإستدامة المالية وكيفية مواجهتها، إصلاح أنظمة التقاعد، الحوكمة الرشيدة والإستدامة المالية، تحسين عمليات تحصيل الإشتراكات والإمتثال للقوانين التي تحكمها، الإستثمار الإجتماعي لأموال الضمان والتأمينات الإجتماعية، الدراسات الإكتوارية والإستدامة المالية، وتجارب قطرية في مجال إستثمار أموال الضمان”.

وتابع: “بالرغم من الأوضاع والظروف الصعبة التي تمر بها معظم بلداننا العربية، حظيت هذه الندوة بمشاركة فاعلة ولافتة لوفود تمثل 14 بلدا عربيا، مما يؤكد الإنطلاقة الواعدة للجمعية والنجاحات التي تحققها نشاطاتها”.

وجدد دعوته للدول العربية “الشقيقة لإيلاء الشأن الإجتماعي الإهتمام الذي يستحق فهو عامل إستقرار ونهوض في مجتمعاتنا العربية”.

وقال: “إن تطور الشعوب ورقيها أصبح يقاس بمدى توفر أنظمة الحماية الإجتماعية للمواطنين. وهذا يتطلب منا مواصلة الجهود لمد مظلة الحماية الإجتماعية لتطال معظم الشرائح الإجتماعية ولتوسيع وزيادة التقديمات الإجتماعية في وطننا العربي”.

المطيري
وألقى مدير ادارة الحماية الاجتماعية في منظمة العمل العربية حمدي أحمد كلمة المدير العام لمنظمة العمل العربية فايز علي المطيري، فقال: “يأتي انعقاد هذه الندوة التي تنفذها الجمعية العربية للضمان الاجتماعي بالتعاون مع منظمة العمل العربية والخاصة بالاستدامة المالية لمؤسسات الضمان الاجتماعي مواكبا لتوجهات منظمة العمل العربية التي أولت ومنذ انشائها اهتماما متزايدا بقضايا الحماية والتأمينات الاجتماعية وتنفيذا لما نص عليه الميثاق العربي للعمل ودستور المنظمة بشأن التأمينات الاجتماعية وحماية العمال وعائلاتهم، وتكريسا لاهداف وبرنامج عمل الجمعية العربية للضمان الاجتماعي”.

أضاف: “إن سياسات الضمان الاجتماعي ليست منعزلة عن سائر السياسات فجميع السياسات الاجتماعية هي في نهاية المطاف جزء من سياسات التنمية الوطنية، والتنمية لا تتوقف عند مستوى محدد بل انها عملية مستمرة وتسعى إلى تحقيق رؤية مجتمعية عن الطريقة التي ينبغي للناس ان يعيشوا ويعملوا بها، وكذلك يجب أن تتماشى نظم الضمان الاجتماعي مع الاهداف العامة للتنمية من خلال نظام فعال وشامل يصل إلى الجميع بفاعلية وكفاءة واستمرارية. لذلك كان من الضروري بحث ومناقشة سبل تمويل نظم الضمان الاجتماعي على نحو يكفل إلى أقصى درجة ممكنة استدامتها المالية في المدى البعيد، حيث لا يمكن الحفاظ على أي نظام شامل للضمان الاجتماعي دون قاعدة ايرادات ثابته تقوم على التأكد من اقتران الوعود المقطوعة بالاستعداد للدفع عند الاستحقاق، ويقتضي هذا الامر الشفافية المطلقة بخصوص مستويات الانفاق المتوقعة في المدى البعيد والحيز المالي اللازم لتمويل تلك الاعانات، الأمر الذي يتطلب دراسات اكتوارية وسيناريوهات لميزانيات اجتماعية طويلة الاجل تكفل عدم اهدار الموارد بسبب ادارة غير فاعلة، وتحديد دور الدولة والشركاء الاجتماعيين ومسؤولياتهم الرئيسية في هذا الشأن”.

وتابع: “كل ذلك ستتناوله محاور هذه الندوة بالبحث والمناقشة بهدف ايجاد رؤية تحقق التوازن بين الحفاظ على الاستدامة المالية والحفاظ على الملاءمة الاجتماعية. ليس صحيحا أن الضمان الاجتماعي يمثل اعاقة للنمو الاقتصادي كما يدعي البعض بل هو أداة ضرورية للتقدم الاقتصادي، كما يعتبر آلية لا غنى عنها لتوفير نوع من العدالة الاجتماعية حيث تمثل الحماية الاجتماعية في عالم اليوم أهم مكونات الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأي دولة، كما أنها تعنى بتوفير العيش الكريم لجميع المواطنين، ومواجهة الفقر والاستضعاف والاستبعاد الاجتماعي أو التخفيف من وطأتها ومخاطرها عن طريق تشريعات وتدابير اجتماعية تضعها الدول لتوفير تلك الحماية للجميع. وتعتبر الحماية الاجتماعية وما تقدمه من خدمات حقا إنسانيا للجميع وجزءا لا يتجزأ من التنمية الشاملة ببعديها الاقتصادي والاجتماعي، حيث يهدف الاستثمار في الحماية الاجتماعية إلى القضاء على الفقر وإقرار السلم الاجتماعي وتحقيق التقدم والاستقرار والتماسك الاجتماعي مما يؤدي إلى زيادة الانتاجية الاقتصادية وتحقيق نمو شامل تسانده حماية اجتماعية تمكن الناس من تلبية احتياجاتهم الاساسية والعيش بكرامة”.

وأردف: “كما أن الحماية الاجتماعية حق انساني فهي أيضا واجب وطني ويقع على الجميع مسؤولية دعم وتشجيع الاهداف الاجتماعية بشكل دائم ومستمر. وهنا لا بد من التذكير بأن الدول التي طبقت أنظمة الضمان الاجتماعي هي نفس الدول التي حققت أعلى نسب نمو اقتصادي، وان مستوى دخل الفرد فيها يفوق عدة مرات الدول التي لم تتمكن من تطبيق انظمة الضمان. ان تعزيز الارادة السياسية وتعبئة الموارد وتحمل المسؤولية والرقابة الهادفة لحسن التطبيق والشفافية من أهم العوامل التي تلعب دورا كبيرا في توفير واستمرارية الحماية الاجتماعية، كما أن ضعف التنمية أو تراجعها يؤثر سلبا على مستوى تقديم الحماية الاجتماعية التي تقوم على مفهومي المشاركة الكاملة من الجميع وعدم التمييز في الاستفادة منها”.

بري
وكانت عريفة الحفل مديرة العلاقات العامة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جمال بري ألقت كلمة قالت فيها: “إذا كانت التنمية المستدامة هاجسا يقض مضاجع دول العالم كافة، وإذا كانت مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية تشكل حجر الزاوية في تلك التنمية، فإن إدارة أموال تلك المؤسسات واستثمارها استثمارا آمنا ومجديا، يعد واحدا من الشروط الأساسية التي تكفل الاستدامة في هذه المؤسسات وانتظام عملها. إن الصورة النمطية السائدة من أن مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية الرسمية التي ترعاها الدول، تشكل عبئا على هذه الدول من الناحية المالية هي صورة غير صحيحة، فالصحيح أن هذه المؤسسات لديها من مصادر الدخل ما يكفيها ليس فقط لتشغيلها، بل لتحقيق فائض مالي يجعل منها مؤسسات رابحة”.

اضافت: “يتحدث العالم اليوم وأكثر من أي وقت مضى لغة الاقتصاد، وتطغى على مفكرته حسابات الأرقام وأصفارها. وإذا كانت لغة الاقتصاد تتسم بأنها لغة جافة وبأن أرقامها لا تعرف سوى الجشع لمضاعفة أرباحها، فإنها في مؤسساتنا الضامنة لها هدف واحد وبعد آخر، ألا وهو حماية هذه المؤسسات وتحصينها من أجل حماية الانسان. وإذا كان الاقتصاد لا يرى في الناس سوى أرقام تدور في فلكه، فإن أرقامنا تتحدث لغة أخرى هي لغة الانسانية والانسان. فلنصنع من أرقامنا سورا نسيج به مؤسساتنا الضامنة لكي تبقى سدا منيعا يحمي ناسنا، فلنجعل منها قيمة مضافة نصرفها بسخاء في خدمة الانسان، لأن لا شيء يعلو فوق قيمة الانسانية”.

جلسات
وبعد استراحة قصيرة عقدت جلستا عمل، الاولى بعنوان “الحوكمة الرشيدة”، وترأسها الرئيس السابق لمجلس ادارة الضمان الدكتور هيام ملاط، وشاركت فيها الخبيرة في الاسكوا الدكتورة أسيا الميهي.

اما الجلسة الثانية، فكانت بعنوان “الدراسات الاكتوارية”، وترأستها المديرة العامة للصندوق القومي للمعاشات في السودان ماجدة محمود، وشارك فيها الخبير في الدراسات الاكتوارية سميح جحا، بالاضافة الى تجارب قطرية.

وستستمر اعمال هذه الورشة ثلاثة ايام.