IMLebanon

زيتون النبطية لا يُغطي الأكلاف وبدل الأتعاب

Olive-Palestine

عدنان طباجة

باشر مزارعو الزيتون في منطقة النبطية قطاف إنتاجهم من الزيتون، الذي تغلب عليه الطقوس العائلية، بمشاركة جميع أفراد العائلة كباراً وصغاراً، وفي أجواء من الإلفة والمحبة والتعاون، لا سيما بعد هطول الأمطار الأخيرة التي غسلت حبيبات الزيتون من الغبار والأوساخ وضاعفت كمية الزيت بداخلها.
يتميز موسم الزيتون في المنطقة بالطابع «التمويني والمحلي غير التجاري»، إذ لا تتجاوز نسبة الكميات التجارية منه أكثر من 20 في المئة، بينما 80 في المئة من الإنتاج يستخدم لمؤونة المزارعين من الزيت والحبوب، نظراً لمحدودية زراعة الزيتون فيها، مقارنة مع مثيلتها في المناطق اللبنانية الأخرى المشهورة بهذه الزراعة، وذات المردود التجاري المهم، حيث يتريث المزارعون في قطاف الموسم إلى ما بعد ارتوائه جيداً بمياه الأمطار المبكرة لمضاعفة كمية الزيت التي يحتويها، لذلك فإن قطاف موسم زيتون النبطية يتم بمعزل عن مثيله في هذه المناطق ويسبقه بفارق شهرين للاعتبارات المذكورة.
من الشائع عن شجرة الزيتون أنها تحمل بشكل مكثف كل سنتين مرة، في حين ينفي بعض المزارعين والمهندسين الزراعيين هذا الأمر، مؤكدين أن الوفرة في إنتاج شجرة الزيتون أو تراجعها يعود إلى نسبة الاهتمام والعناية بها وريها وتقليمها وحراثتها ورشها بالمبيدات والأسمدة ومكافحة الحشرات، وعدم تأثرها بعوامل الرياح والجفاف.
زحمة مزارعين في المعاصر
معاصر الزيتون في المنطقة بدأت تشهد زحمة مزارعين كدّسوا أكياسهم المملوءة في ساحاتها وبداخلها، بانتظار حلول أدوارهم لعصر الزيتون واستخراج الزيت منه، بحسب صاحب معصرة كفرتبنيت، الذي لفت الانتباه إلى أن إنتاج موسم الزيتون في النبطية لهذا العام يتفاوت بين منطقة وأخرى، فبينما الإنتاج جيد في بعض المناطق، فإن مردوده في بعض المناطق الأخرى دون الوسط ولا يغطي بدل الأكلاف والجهد والتعب وأجرة العاملين.
الصفيحة بـ150 دولاراً
يصل سعر صفيحة الزيت وزن 16 كيلو غراماً لهذا الموسم إلى 150 دولاراً أميركياً، كما يتراوح سعر كيلو غرام الحبوب من الزيتون الأخضر والأسود للمؤونة بين 2500 و3500 ليرة لبنانية، وتتقاضى معاصر الزيتون ما بين 1000 و 1250 ليرة لبنانية أجرة عصر كل كيلو غرام من الزيت، أو 10 في المئة من الإنتاج.
لا توازي أسعار الزيت والزيتون ما يتكلفه المزارعون من حراثة وتسميد ورش المبيدات الزراعية، كما يقول المزارع خليل نهرا، مطالباً المسؤولين في الدولة والحكومة بضرورة دعم زراعة الزيتون، من خلال شراء الكميات الفائضة من الزيت المنتج سنوياً بالأسعار التشجيعية، كما هو حاصل بالنسبة لزراعة التبغ.
مطالبة بتصريف الإنتاج
فيما يطالب المزارع ابراهيم الزناتي بالعمل على تصريف الإنتاج في أسواق الدول العربية، ومنع المنافسة الأجنبية والعمل على مكافحتها فوراً، فضلاً عن مساعدة المزارعين بالأسمدة والمبيدات الزراعية وتنظيم محاضرات الإرشاد الزراعي، لإطلاعهم على كيفية الاعتناء بشجرة الزيتون على أسس حديثة ومكافحة الأمراض ومدّهم بالقروض الميسرة، للنهوض بزراعة الزيتون التي باتت تشكل العمود الفقري للزراعة في لبنان.
الأسعار متهاودة
اما المزارع علي علوش فلا يعول كثيراً على زراعة الزيتون وإنتاجه، نظراً لأسعاره المتهاودة، مقارنة بالأسعار المرتفعة للمزروعات الأخرى من الخضار والفاكهة وغيرها، لأن ما يترتب على المزارعين تجاه هذه الزراعة من الأكلاف المادية الباهظة لا يوازي الجهد والتعب المبذول من أجلها، مما اضطره إلى الاعتماد على زراعة التبغ ذات المردود المادي المقبول، جراء الأسعار المدعومة من الدولة، لأن زراعة الزيتون تفتقر لأدنى مقومات الدعم الحكومي.
ويشكل وجود الآلاف من القنابل العنقودية، التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان تموز 2006 في بعض القرى والبلدات، التي تعرضت للقصف، أسوأ كارثة لمزارعي الزيتون، لا سيما في بلدتي يحمر الشقيف وزوطر الغربية، حيث ما زالت هذه القنابل تنتشر بين الصخور والأعشاب وفوق الأرض وتحتها في كروم الزيتون ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة، التي تعذّر على آلات التنقيب عن القنابل العنقودية الوصول إليها والتعامل معها، مما حال دون وصول الكثير من المزارعين إلى بساتينهم لجني مواسمهم منذ تلك الفترة، الأمر الذي ألحق بهم أضراراً مادية جسيمة.
القنابل العنقودية
ويقدّر مسؤول «التعاونية الزراعية» في بلدة يحمر الشقيف ناصر عليق المساحة المزروعة بالزيتون والتي مازالت متضررة بفعل القنابل العنقودية حتى الآن بثلاثين في المئة من أصل المساحة الإجمالية لهذه الزراعة، كذلك الأمر في بلدة زوطر الغربية، حيث تقدر المصادر البلدية فيها المساحة المتضررة من زراعة الزيتون بحوالي 20 في المئة.
وفي هذا المجال يشير المزارع سمير قاسم إلى أن كل المنازل السكنية والمحال والمؤسسات التجارية والممتلكات المدمرة والمتضررة، قد جرى التعويض عنها وأعيد بناؤها وإصلاحها وترميمها مع مرور الوقت، في حين أن القنابل العنقودية «ستبقى في حقولنا وبساتيننا عشرات السنين ولن يتم التخلص منها بسهولة»، مما سيلحق أفدح الأضرار بالمزارعين، مطالباً المسؤولين في الدولة والحكومة ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة بالتعويض على مزارعي الزيتون في القرى والبلدات التي تعرضت للقصف بالقنابل العنقودية، أسوة بالخسائر الأخرى التي ألحقتها الاعتداءات الاسرئيلية بالمواطنين المتضررين.