IMLebanon

“هيئة التنسيق النقابية”.. إتجاه الى القبول بالتنازلات و”المكرمات”

coordination-committee
مارسيل محمد

تتنقل “هيئة التنسيق النقابية” من إعتصام الى آخر، وأحياناً بشكل يومي، ناقلة الخطاب نفسه من منبر الى آخر من دون أي جديد، ومن دون ترك العناء للمتابعين ولجمهور الهيئة للتفكير في الخطوات اللاحقة، أو بما يمكن أن تقترحه قواعد الهيئة من آليات للعمل في مراحل مقبلة.

لم يعد أمام الهيئة سوى مراكمة التظاهرات المترافقة مع الإجتماع بالمسؤولين السياسيين الذين أجهضوا الحراك الأساسي المطالب بإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وبين إعتصام أمس الإثنين واليوم الثلاثاء، وقبل ذلك، لم يتغير شيء، ذلك لأن التنظيم وتحديد الخطوات تراجع، وبات مقياس النجاح هو عدد الإضرابات والإعتصامات، وليس التفاعل والحضور الجدّي في الشارع كما كان يحصل سابقاً.

من الشمال الى الجنوب مروراً بمناطق الهرمل والبقاع والنبطية، إلتزمت المدارس الرسمية وجزء من معلمي المدارس الخاصة بالإضراب الذي اعلنته هيئة التنسيق اليوم. لكن الإلتزم بالإعتصام المركزي الذي حصل في ساحة رياض الصلح، لا يؤشر الى سلامة وضع التحركات. فالبيانات التي تليت أمس واليوم هي نفسها، لجهة التأكيد على حق السلسلة، وعلى رفض الهيئة للمماطلة بإقرارها، وبالطبع، فإن تحديد أيام جديدة للتظاهر، بات سمة تظاهرات الهيئة.

التململ وعدم تلبية الدعوة الى الاعتصامات بكثافة، ليسا تفصيلاً في معرض مواكبة تحركات الهيئة، حتى انه يمكن وضع علامات استفهام على بعض المشاركة، لأنها تندرج ضمن سياق “الضرورة” من أجل “الحفاظ على وحدة العمل النقابي”، وفق ما تقوله عضو التيار النقابي المستقل بهية بعلبكي، التي شاركت مع التيار تحت هذا العنوان، لأن التيار، وفق ما تؤكده لـ “المدن”، “يتحفظ على عمل رابطة أساتذة التعليم الثانوي، وهيئة التنسيق”. فالهيئة تطالب اليوم بـ “سلسلة معدّلة” لكنها “لم تبيّن كيف يكون هذا التعديل وعلى أي أساس”. ويبرز التراجع في “جدية” عمل الهيئة، بحسب بعلبكي، من خلال اتجاه الهيئة الى القبول بعدم إعطاء الأساتذة زيادة الـ 60% لقاء زيادة ساعات العمل. وبالرغم من عدم قبول رابطة التعليم الثانوي بهذا الأمر، الا ان لا شيء يمنعها من القبول لاحقاً، بسبب الضغوط السياسية.

ولفتت بعلبكي النظر الى ان هناك حلاً يلوح في الأفق، وهو إعطاء السلطة “مكرمات”، عبارة عن درجة أو درجتين، دون اعطاء سلسلة متكاملة، وبذلك، يكون النضال على مدى 3 سنوات قد ذهب هباءا. وتؤكد بعلبكي كلامها بردّ النائبة بهية الحريري، لدى سؤال الأساتذة لها عن الزيادة 6 درجات، الملحوظة في مشروع السلسلة الذي اقترحها النائب جورج عدوان، بالقول ان “الأمر انقضى”، أي انه لا وجود لزيادات للأساتذة. وتشير بعلبكي الى ان توجه السلطة الى إلغاء الفوارق بين الفئتين الثالثة والرابعة، تحت ستار مساواة الراتب، يعني “تطيير” كافة الحقوق المكتسبة.

بالرغم من كل الإشارات الى عدم جدية الكثير من مكونات هيئة التنسيق في إكمال معركة السلسلة، لكن بعد تغيير آلية المطالبة، يحاول بعض “نشطاء” الهيئة إظهار ان لها قدرة على تحريك الشارع، فأمين سر رابطة التعليم الاساسي بهاء تدمري، قال أمس إن “رد الشعب اللبناني على هذه الطبقة تمثل في الحراك الشعبي الكبير والموحد الذي قادته هيئة التنسيق النقابية منذ شباط 2012، وكان له الفضل في تحديد مكامن الفساد والهدر والمحسوبيات، ثم تجلى مرة اخرى في الحراك الشعبي الكبير والموحد ايضا، والمتجاوز لكل العصبيات الطائفية والمذهبية في 29 آب 2015 في هذه الساحة بالذات”. لكن تدمري لم ينتبه الى ان هيئة التنسيق في شباط 2012 لم تكن كالهيئة الحالية، وآليات عملها وأولوياتها وطريقة اتخاذ القرارات فيها، كانت مختلفة، لذلك كان تأثيرها الشعبي أقوى. أما حراك 29 آب، فلم يكن بهذه الضخامة بسبب هيئة التنسيق، بل بسبب قضايا الفساد التي ضاق بها الشارع، وأولها أزمة النفايات. فلا مجال هنا للمقارنة، أو لربط التحركات بعضها ببعض.

لم يعد يظهر من هذه الدولة سوى الموظفين والرواتب، واليوم يزيد السياسيون خناقهم على هذين العنصرين لإنهاء الدولة. وفي المقابل، فإن بسط يد السلطة على هيئة التنسيق حالياً، يعني غياب المعارضة الفعلية. الا اذا غيرت الهيئة شكل التزامها النابع من الإملاءات السياسية، واحتكمت الى القواعد. فالعودة الى الـ120 ألف شخص الذين شاركوا في تحركات الهيئة قبل ضربها، بدءاً من رابطة الثانوي، يتطلب تغييراً جدياً، يُعيد الرابطة رأس حربة في معركة تحصيل حقوق الأساتذة وموظفي الدولة كافة.