IMLebanon

“المتدرّبون”.. ضحية جشع المصارف

BankTrainees
عزة الحاج حسن
لا توفر المصارف اللبنانية طريقاً لزيادة أرباحها وخفض نفقاتها، إلا وتسلكه، وإن كان على حساب العاملين لديها أو على حساب خرق قانون العمل اللبناني وعقد العمل الجماعي، الذي يحكم العلاقة بين إدارات المصارف والعاملين والمستخدمين فيها.
بعض المصارف التي تلامس أرباحها السنوية مئات الملايين من الدولارات، تعمد الى استغلال كوادر بشرية بطريقة أقل ما يقال فيها أنها “غير إنسانية” وغير متكافئة، من حيث الحقوق والواجبات المفروضة على شريحة يصل حجمها الى نحو 10 في المئة من مجمل عمال تلك المصارف.
تعمد المصارف الى استقبال متدرّبين جامعيين، لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وذلك في إطار دراستهم الجامعية التي تفرض عليهم إجراء تمرين عملي في أحد المصارف، إلا أن بعض تلك المصارف تسلّلت من باب المتدرّبين، لتعمد الى استقبال خريجين جامعيين بحجة تدريبهم، وإخضاعهم لفترة تجربة ومن ثم لاختبارات واختيار الأكثر كفاءة منهم لتوظيفهم وصرف البقية.
ولكن… ما يحصل على أرض الواقع لا يمت الى تلك المهنية بصلة، ولا يراعي قانون العمل أو عقد العمل الجماعي من قريب أو بعيد. فبعض المصارف تبرم عقوداً خاصة تخالف المادة 3 من عقد العمل الجماعي، مع متدرّبين، وتفتقد العقود الى أدنى حقوق العامل، ولمدة غير محددة تصل في بعض الأحيان الى السنتين، متجاوزة كل المهل الممنوحة للمتدربين وللكوادر الخاضعين لفترة تجربة، وتزامناً مع وعود من قبل إدارة المصرف بالتثبيت في ملاك الموظفين.
عدد كبير من “المتدربين” يشغلون مناصب حيوية في المصارف، كالصناديق والدوائر القانونية، وأقسام خدمة الزبائن وغيرها، وتوكل إليهم مهام موظفين بكامل تفاصيلها وواجباتها، ويُلزمون بدوام تتجاوز ساعاته في بعض الأحيان تلك المنصوص عليها في العقد الجماعي (الذي لا يشملهم أصلاً) في مقابل تقاضيهم 400 دولار فقط لا غير، وهو ما يُصرف تحت خانة “بدل نقل”.
وفي حين تؤمن بعض المصارف التغطية الصحية للمتدرّبين لديها، تحرمهم مصارف أخرى منها، كما تحرمهم من إجازاتهم السنوية، رغم تجاوز مدة تدريبهم 12 شهراً، كما يحرمون من التقديمات التي يتمتع بها موظفو المصارف “زملاؤهم بالعمل”، بموجب عقد العمل الجماعي وهي: المنح المدرسية والجامعية، وتعويض الانتقال بحسب مقر السكن، وتعويض الصندوق الذي يمنح لبعض الموظفين كأمناء الصندوق وموظفي الشبابيك وغيرهم، ومنح الزواج والولادة، والـزيادات التي تُمنح سنوياً للمستخدمين بنسبة 3 في المئة، كذلك يُحرمون من العنايـة الطبّية في العديد من الحالات.
وإذا سلّمنا جدلاً باستقدام بعض المصارف جامعيين بهدف التدريب فمخالفات بعضها تقع بعدم إخضاعهم لأي دورات تدريبية متخصصة، وبعدم تنسيبهم الى المعهد العالي للدراسات المصرفية الذي تملك نصفه جمعية المصارف.

تتعدّد الشوائب التي تربط علاقة بعض المصارف بالعاملين لديها أو ما يحلو لها تسميتهم بـ”المتدرّبين”، وهو ما يؤكده رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج في حديثه الى “المدن”، ويكشف عن العديد من المخالفات التي ترتكبها بعض المصارف بحق المتدربين الذين يدخلون تحت خانة “خاضعين لفترة تجربة”، وعلى المصارف تأكيد تثبيتهم أو الإستغناء عنهم حالما تنتهي مدة التجربة وهي 3 أشهر فقط “ولكن بعض المصارف تحاول التذاكي على قانون العمل، بإطلاق صفة المتدرّب، وبالتالي يصبح تمديدها لمدة التجربة “أو التدريب” من 3 أشهر الى 11 شهراً، ومنها من يعمد الى تجديد المدة بـ 11 شهراً إضافية، متجاهلة أي حق للمتدرّب، إذا صح التعبير”.
ويعترض الحاج “بالمبدأ” على تمديد مدة التدريب الى أكثر من ثلاثة أشهر لاسيما إذا وصلت لما يقارب السنة أو أكثر، دون تنسيب صاحب العلاقة الى الضمان الإجتماعي أي دون تأمين تغطية صحية له.
ويكشف الحاج عن مفاوضات تجري حالياً في سبيل تجديد عقد العمل الجماعي الممدد له منذ 31-12-2014، ويصر على إدخال بعض التعديلات عليه لحفظ حقوق العاملين والمتدرّبين على السواء، ويحذّر المصارف من اللجوء الى القضاء في حال تم خرقه.