IMLebanon

تشريع الضرورة… تشريع للضرر ودعم للفساد

NejmehSquare-BeirutDowntown
فتحي شاتيلا
يجتمع مجلس النواب اليوم (الخميس) للموافقة على تشريع الضرورة، وسأحصر كلمتي بهذه المناسبة على موضوع القرض الذي قدمه البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار أميركي بالاضافة الى قرض اخر بقيمة 464 مليون دولار أميركي, أي ما مجموعه 664 مليون دولار لتنفيذ سد بسري عند نهر الاولي لتزويد بيروت الكبرى بالمياه.

من البديهي القول أن مشاريع المياه يجب أن تستند على دراسات علمية موثوقة بحيث يتم اختيار المشروع الاقل اكلافا ومياهه متوفرة بصورة مستديمة ونقية وهذه الدراسات يقوم بها فريق عمل يتوفر لديه الكفاءات العلمية والخبرات الحقلية الطويلة, الاهم من ذلك, فانه ينبغي أن يتمتع القيِّمون على هذه الدراسات, بنظافة الكف وان لا يتأثروا بالضغوط السياسية أو الحزبية أو المذهبية فهل هذا هو وضع الاجهزة الفنية في جميع المؤسسات الحكومية التي تعنى بحقل المياه في لبنان؟

بتاريخ 27/5/2010, جرى عقد ندوة أشرف عليها «المركز الاستشاري للدراسات الاستراتيجية» قدم خلالها مدير عام وزارة الموارد المائية, الكهربائية المهندس محمد فواز ورقة عمل عنوانها: «الخيارات الاستراتيجية للنهوض بقطاع المياه في لبنان» وقد ورد في هذه الورقة ما يلي:
إن مشكلة الجهاز البشري في إدارة المياه في لبنان يمكن تلخيصها بنقص كبير في الكفاءات، فرفع مستوى الادارة يستوجب أولا اخيرا, رفع مستوى العاملين فيها, وكل بحث خارج هذا المبدأ, هو إضاعة للوقت وطلب للمستحيل، كما ورد في هذه الورقة أيضا يتم أقرار المشاريع المائية وفقا لاهميتها السياسية للشخص الداعم أو للفريق المطالب بها.
وتأكيداً لما أشار اليه المهندس فواز, فإن رئاسة مصلحة المياه الجوفية والجيولوجبا في المديرية العامة للتجهيز المائي, والكهربائي, فيشغلها مهندس معمار لا يفقه شيئا بعلم الجيولوجيا, أو الهيدر جيولوجيا، أما مصلحة الابحاث والمنشئات الفنية, والمسؤولة عن دراسة السدود والبحيرات الجبلية, فيشغلها مهندس مدني لا يفقه شيئا بعلم السدود وإن السبب الوحيد لتعيين هذين المهندسين هو فقط للتوقيع على تنفيذ مشاريع لدراسة واستغلال المياه الجوفية ولبنان فيه سدود وبحيرات جبلية تبلغ أكلافها مئات الملايين من الدولارات وفقا لاهميتها السياسية وللشخص الداعم لها أو للفريق المطالب بها, وبالتالي إهدار الاموال العامة .

إن من بعض القروض المدرجة على جدول أعمال مجلس النواب لتشريع الضرورة, قرض بقيمة 464 مليون دولار مقدم من البنك الدولي لتنفيذ مشروع سد بسري على نهر الاولي، وقد تقرر تنفيذ هذا المشروع منذ أكثر من عقدين من الزمن, وذلك بعدما اكدت الدراسات التي وضعتها وزارة الموارد المائية والكهربائية والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني, استحالة تخزين مياه نهر الدامور، وبسبب أرتفاع اكلاف المشروع, والتي تزيد عن 800 مليون دولار أميركي, فقد تعذر تمويله.
وخلال العام 1996, قمنا بوضع دراسات على نهر الدامور, تبين لنا بنتيجتها أن الاوضاع الجيولوجية هي مثالية وفريدة من نوعها لتخزين وجر اكثر من 100 مليون متر مكعب سنوياً لتزويد بيروت الكبرى بالمياه بأكلاف زهيدة لا تتجاوز 150 مليون دولار أميركي، وبالرغم الى قرارين وافق عليهما مجلس الوزراء عام 1999, طلب بموجبهما من مجلس الانماء والاعمار, وضع دراسة جدوى لتخزين مياه نهر الدامور وتلزيم الاشغال بطريقة التراضي خلال مدة شهر واحد فقط، غير أن هذه الدراسة لم تتم بسبب مماطلة استمرت أكثر من سبعة أعوام تلاها مماطلة أخرى استمرت سبعة أعوام, اي ما مجموعه 14 سنة.

وفي العام 2013, اشارت الدراسات التي وضعها مجلس الانماء والاعمار بواسطة الاستشاري «ليبان كونسلت» أنه يمكن وبواسطة سد يبلغ أرتفاعه 100 متر فقط, تخزين وجر 97 مليون متر مكعب خلال فترة الشح لتزويد بيروت الكبرى بالمياه بأكلاف تبلغ 153 مليون دولار أميركي.

بسبب الفساد المسيطر على مقاليد مجلس الانماء والاعمار, والمدعوم من جهات سياسية ذات نفوذ, قرر مجلس الوزراء تلزيم مشروع سد بسري لتزويد بيروت الكبرى بالمياه من نهر الاولي بأكلاف تزيد عن 800 مليون دولار أميركي ورفض تزويد بيروت الكبرى بالمياه من نهر الدامور بأكلاف زهيدة تبلغ 153 مليون دولار أميركي، وغني عن القول, فان الموافقة على تشريع الضرورة ستودي الى زيادة الدين العام بما لا يقل عن 650 مليون دولار أميركي عدا عن قيمة الفوائد التي سوف تتوجب للبنك الدولي لقاء هذا القرض.