IMLebanon

سهل سَرَدة والعمرة.. من أرض “بور” الى “جنّة” زراعية

plain-agriculture
ماري مارون
شهد سهل سَرَدة والعمرة تحولاً ملحوظاً من أرض “بور” متروكة لسنوات طويلة قبل العام 2000، إلى أرض خصبة تتوزع مزروعاتها بين موسمية ودائمة. سهل سردة والعمرة، كما يسمى محلياً، عبارة عن سهل زراعي يحاذي قرية الخيام، ويمتد جنوباً الى منطقة الوزاني، على مساحة حوالي 1550 هكتاراً، ولا يتبع إدارياً لقرية محددة، بل تتولى ادارته قائمقامية مرجعيون، ويشرف على إدارته، مختار و3 أشخاص، يشكّلون ما يشبه المجلس البلدي، أو مجلس إدارة محلية تهتم بشؤون عشرات الأشخاص، معظمهم من العمال السوريين الذين يعملون في الزراعة.

عرف السهل مرحلته الذهبية بعد تحرير الجنوب في العام 2000، حيث أزيلت الألغام واستصلحت الأرض شيئاً فشياً، وزوّدت بمضخّات المياه، وحفرت فيها آبار ارتوازية، ومن ثم استثمر السهل لبناء مشاريع زراعية وتجارية كبيرة، بعد أن كانت المساحة الاجمالية المستخدمة للزراعة لا تتخطى الـ10%، وتخصص لتربية الماشية والزراعات الموسمية بشكل خجول.
يشير فرنسيس أبو رحال، أحد الذين يستثمرون حوالي 2000 دونم في السهل، أن السهل مستخدم بالكامل اليوم للمشاريع الزراعية التي تتوزع بين 40% مخصصة للزراعات الموسمية، و60% للشجريات مثل الدرّاق والكرمة والحمضيات وغيرها من الأشجار المثمرة، ويستغل هذه المساحات عدد من المستثمرين يقدر بـ12 مستثمرا من أصحاب المشاريع الكبيرة، إضافة الى عدد قليل من أصحاب المشاريع الصغيرة التي تحتل مساحة كل منها حوالي 20 دونماً كحد أقصى.

من ناحيته يشير علي حسن أحد المستثمرين لمساحة تبلغ 1000 دونم، أن هذا المشروع يعود عليه بأرباح وافرة، بعد اقتطاع كامل المصاريف. ويضيف أنه بصدد التحضير لمشروعين كبيرين الأول بمساحة 60 دونما ستزرع بالكرمة والثاني بمساحة 70 دونما ستزرع بالمشمش والخوخ والدراق.

وبالرغم من المشاريع التي تعطي الحيوية للسهل ولمستثمريه ولليد العاملة فيه، الا ان ملكية الأرض لا تعود للمزارعين او المستثمرين، اذ ان 90% من المساحة، يملكها الوقف الماروني والوقف الكاثوليكي، ما يعني ان المزارعين يملكون حق الاستثمار فقط عن طريق استئجار الأرض من الوقف، بكلفة تتراوح بين 100 و200 دولار شهرياً للدونم الواحد، ويتحدد السعر بحسب المساحة وخصوبة الأرض وجهوزيتها للزراعة. في حين ان 10% من مساحة السهل، هي ملكيات خاصة للمزارعين.

في ما يخص اليد العاملة، تشكل العمالة السورية العمود الفقري الذي تقوم عليه المشاريع الزراعية في السهل. اذ يقدر عدد العمال الاجمالي بحوالي 1000 شخص، ينتظمون في 250 عائلة تقسم نفسها على المشاريع الزراعية الموجودة. علماً ان عدد العمال السوريين لم يكن يتجاوز الـ200 عامل في بدايات المشاريع، ولكن العدد ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الخمس الماضية تزامناً مع الأزمة السورية التي سببت النزوح الكثيف والانتقال الجماعي للسوريين، ما ساهم في تشكل مخيمات وتجمعات للعمال وعائلاتهم في الأراضي الزراعية. ويسجل أن هذا العدد يتغير بحسب المواسم الزراعية، فيبلغ ذروته في الصيف وينخفض شتاءً. وغالباً ما يتقاضى العمال أجرهم يومياً أو بحسب ساعات العمل وتقدر “يومية” العامل بـ 20 ألف ليرة.

النشاط الذي ينعم به السهل، يشكل تغييراً لخريطته الزراعية، فالمزارعون يكثرون من زراعة اشجار مثمرة جديدة، الى جانب أشجار الزيتون التي تشكل الزراعة التقليدية في المنطقة. فالدراق والمشمش والكرمة والخوخ، باتت تزرع اليوم نظراً لمردودها المرتفع. ويلفت معظم المزارعين الى ان التوجه لاحقاً سيكون نحو الزراعات الدائمة، أي نحو زراعة البساتين، والاعتماد عليها أكثر من الزراعات الموسمية.