IMLebanon

“ثورة” لإعلان ملاحات أنفه تراثاً وطنياً

Enfe-salinas-Salt

 

كتبت فاديا دعبول في صحيفة “السفير”: تتحضر بلدة انفه، بعد اعلان الناشط البيئي حافظ جريج عن “ثورة الملح”، لتظاهرة تقام عند ملاحاتها، رداً على قرار منع ترميمها وصيانتها، واعتبار تشغيلها تعدياً على الأملاك العامة البحرية.

وما يثير نقمة الاهالي هو أن انفه تعد مدينة الملح الأولى في لبنان، وكان الفينيقيون يستخرجونه من شاطئها، ويعملون على نقله عبر مرفأ البلدة الى صيدا وصور، تأمينا للحاجات الغذائية ولاستعماله في صناعة الأرجوان.

حتى أن الرومان أجازوا في عهد يوستينياسوس صناعة الملح، بينما احتكر العثمانيون في العهد العثماني صناعته وفرضوا ضريبة وصلت إلى 200 في المئة على الملح المهرّب. وقد أباح رئيس مجــــلس ادارة جــبل لبنان حبــيب باشا السعد في عهد أوهانس باشا استيراد الملح، وسمح استثنائياً، لأهالي أنفه باستخراجه.

حتى حين منع العثمانيون استخراجه نهائياً في العام 1914، لأسباب أمنية، إستمر أهالي أنفه بصناعته ونقله في جرار فوق أسطح منازلهم ليلاً، ثم باستخراجه وحفظه في حفر صخرية بعد أن اكتشف العثمانيون سرّهم. وجاءت سلطة الانتداب الفرنسي لتمنع انتاج الملح وأمرت بتكسير الأجران، فتظاهر الأهالي وقد استعادوا انتاج الملح بعد الاستقلال. وقد كان العام 1952 مفصلياً، إذ جرى تنظيم استثمار الملاحات قانونياً، ما اوجب الحصول على تصريح ودفع رسوم. قبل أن تقوم وزارة المالية بإعفاء أصحاب الملاحات من دفع الرسوم في العام 1994 تشجيعاً للانتاج الوطني. لكن الدولة في المقابل لم تقم بحماية الانتاج من المنافسة الخارجية، ما تسبب بأزمة أدّت الى إهمال الملاحات نتيجة اغراق الاسواق اللبنانية بالملح المصري المعفي من الرسوم الجمركية.

وهكذا بعد أن كان هذا القطاع يشكل مورداً رئيسياً لغالبية أبناء أنفه، تراجع ليقتصر على بضع عائلات لا تتجاوز الخمس عشرة. وهي تتمنى استمرارية هذا القطاع وتطالب بدعم الدولة بدل العمل على إلغائه.

ويؤكد أمين سرّ “هيئة حماية البيئة والتراث” في الكورة وجوارها المهندس جرجي ساسين أن الملاحات البحرية لا تدخل في اطار التعديات على الأملاك البحرية، “اذ إن التعديات تقوم على ما هو غير مرخص، في حين ان الملاحات تعمل بموجب تراخيص”. ويرى أن “إدارة الأملاك العامة لم تأخذ بعين الاعتبار قطاع انتاج الملح، ضمن السياسة العامة في الدولة، اذ أن الملاحات صنفت باكثريتها مناطق سياحية، ووجود المنتجعات السياحية على الأملاك البحرية ساهم بتفضيل السياحة على استخراج الملح”.

ويعتبر الناشط البيئي حافظ جريج أن “قرار الإلغاء يؤدي إلى نشوء استثمارات ومشاريع مختلفة مكان الملاحات ومصادرة حياة الناس وأرزاقهم والأملاك العامة البحرية”.

وفي حين ان الملاحات لا تعمل على قطع تواصل الشواطئ، او حجب المناظر الطبيعية، او احداث تلوث او منع الاهالي من التمتع بالسباحة او الصيد، تساءل جريج “اين يكمن تعدي الملاحات على الاملاك العامة البحرية؟” معتبراً هذه الادعاءات “حيلة واسلوبا ملتويا لمصادرة الشاطئ لمشاريع النافذين”.

وبناء عليه تنطلق “ثورة الملح” للمحافظة على الأملاك العامة البحرية، وعلى ساحل الكورة من “رأس الملاليح” الى “رأس الناطور”. وقد أعلن جريج عن مواجهة القرار بكل الوسائل المشروعة، ومنها التظاهر ورفع الشعارات “لاستعادة أمجاد الماضي الذهبي في انتاج الملح قبل العام 1975، حينما كانت كمية الانتاج المحلي تصل الى 50 الف طن لتغطي السوق اللبناني”.

وطالب جريج باعلان ملاحات انفه “تراثاً وطنياً محمياً”. وفي هذا الاطار سيعمل على إرسال كتب الى وزارات البيئة، والثقافة، والسياحة، والاشغال العامة والنقل.