IMLebanon

لاسن: أوروبا ولبنان يواجهان الخطر الإرهابي نفسه  

christina lassen

 

كتبت ريتا صفير في صحيفة “النهار”:

فيما كانت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني تعلن، من بروكسيل، مراجعة سياسة الاتحاد الاوروبي مع دول الجوار، كانت سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان كريستينا لاسن تضع “النقاط” على حروف المقاربة الاوروبية الجديدة حيال المنطقة وخصوصا لبنان. واذا كانت عناوين مكافحة الارهاب وتعزيز التنسيق في مجال الأمن قد قفزت الى الواجهة، على خلفية الاعتداءات الارهابية في باريس وبيروت، فهي لا تلغي مواصلة اوروبا تطبيق مشاريعها الانسانية لدعم اللاجئين، اضافة الى الشروع في رزم اصلاحات تتوافق واعتبارات كل دولة.

في مقر سفارة الاتحاد الاوروبي، تحدثت السفيرة الجديدة، الدانماركية الاصل، الى “النهار”، وكان الحوار الآتي:

■ كيف سيتأثر لبنان بسياسة الجوار الاوروبية الجديدة؟ ما هي أولوياتكم في المرحلة المقبلة؟

– ذكرتنا الاعتداءات المأسوية التي ضربت بيروت وبعدها باريس بأن منطقتينا مترابطتان في شكل وثيق. نتشاطر التحديات نفسها، الجيد منها ولكن للأسف السيئ أيضا. يواجه لبنان والاتحاد الاوروبي الخطر نفسه، ويبدو لبنان في واجهة الحرب ضد الارهاب. لقد اظهرت الاحداث مدى حاجتنا الى تعزيز التعاون الوثيق اساسا مع لبنان، راهنا ومستقبلا. واعني في هذا الاطار، التعاون في مجال الامن، اضافة الى تعزيز مساندتنا لبنان في مواجهة تداعيات الازمة السورية. كما تحضر امور اخرى تساعد في تعزيز مناعة البلاد وخصوصا على مستوى الاصلاحات في القطاع العام . تلك هي خلفية المراجعة التي ننطلق منها، علما ان توقيتها اتى في وقت دقيق. سنركز في شكل عام على تعزيز الاستقرار الاقليمي – وليس اللبناني فقط – عبر التشديد على النمو الاقتصادي والتعليم ودعم الشباب وتعزيز التعاون في مواجهة الارهاب والاصلاحات في مجال الامن والهجرة. نعد لرزمة شاملة وما اعلن بالامس ليس سوى البداية. الجديد في برنامج الجوار هو اننا نتطلع الى ان يكون اكثر ترسيخا على المستوى المحلي، وان يكون مخصصا وفقا لاعتبارات كل دولة.

■ ألا تؤثر الازمة المؤسساتية في لبنان على تطوير هذا التعاون؟

– الأزمة تطاول الجميع. نفتقر الى احد العناصر المؤسساتية الاساسية وهو وجود رئيس للجمهورية، كما اننا نفتقر الى رؤية استراتيجية. هناك قرارات لا يمكن اتخاذها وتطاول تأثيراتها الناس. يدعو الاتحاد الاوروبي، منذ زمن، الى انتخاب رئيس. من المهم جدا ان تكون هناك قيادة استراتيجية لرئيس الجمهورية والمؤسسات. وعلى رغم ذلك، اقول ان التعاون مع لبنان يمضي قدما وهو ممتاز مع كل الوزارات وفي مجالات عدة كالعدل والتربية والتنمية الاقتصادية. ولكن كما تعلمين، الأمور تجري بطريقة مختلفة في ظل الأزمة المؤسساتية.

■ هل تعتبرين ان ازمة الرئاسة هي مسؤولية مسيحية ام انها قضية وطنية علما انك التقيت بالامس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقيادات مسيحية؟

– انطباعي الاولي هو انها ازمة وطنية. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع وعلى القادة السياسيين ان يجتمعوا لحل المسائل الجوهرية. ثمة تطور ايجابي تمثل في دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى حوار وطني، فهذا احد الاشكال التي تمكن الجميع من الاجتماع والتركيز على المسائل الأساسية وبينها مواصفات الرئيس. وهناك ايضا الحوار بين القادة المسيحيين اذ يعود اليهم الاتيان ببعض الحلول.

■ قالت موغيريني بالامس ان لبنان والاتحاد الاوروبي يواجهان الاخطار نفسها، ويفترض بالمجتمع الدولي ان يواجهها موحدا. ماذا قصدت بذلك؟

– امامنا تحديات مشتركة وهي خطر الارهاب والعنف والتشدد. ركزنا على هذا الخطر منذ زمن، علما ان الخطر الأساسي هو اليوم “داعش”، وربما تكون هناك مجموعات متشددة اخرى. شكّل المجتمع الدولي قبل اكثر من عام تحالفا عالميا ضد “داعش”، ركز على البعد العسكري والايديولوجي وقطع تمويل هذه المجموعة، اضافة الى تأمين الدعم الانساني للمتأثرين بالنزاع. لقد دللت الاحداث الارهابية المؤسفة في بيروت وباريس وقبلها مصر فروسيا والعراق وتركيا، على اننا امام ازمة عالمية وعلى المجتمع الدولي ككل ان يعمل معا لمحاربة المشكلة. يبدو لبنان قريبا من مصادر معظم ما يحصل. تستخدم القوى الاساسية وسائل عسكرية لملاحقة “داعش” في سوريا وقبلها في العراق، ولكن هناك أموراً كثيرة يمكن ان نقوم بها لتعزيز هذه المواجهة والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وضبط الحدود والتبادل الاستخباراتي والتعاون على صعيد الشرطة. كما ان ثمة امورا “ناعمة” يمكن ان نقوم بها وعلى المدى الطويل، عبر مكافحة جذور الارهاب كالتعليم مثلاً.

■ كيف تفسرين طلب فرنسا من الاتحاد الاوروبي دعما عسكريا بموجب المادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي؟
– هذه خطوة رمزية ربما وجديدة في الاتحاد الاوروبي اذ انها تستخدم للمرة الاولى. طلب وزير الدفاع الفرنسي جان ايف – لودريان من نظرائه دعما وقد لبى الجميع الطلب. من المعلوم ان الاتحاد الاوروبي لا يمثل مجموعة دفاعية او عسكرية، الا ان الخطوة تعني ان فرنسا ستناقش وعلى المستوى الثنائي مع الدول ما يمكن القيام به.

■ هل يمكن ان تبلوري التعاون الاوروبي مع لبنان في هذا الصدد ولا سيما على مستوى ضبط الحدود وتسرب المقاتلين؟

– لبنان هو احد ابرز الدول التي يوجد لديها تعاون وثيق مع الاتحاد الاوروبي في مجال الامن كما ان الجيش اللبناني يمثل شريكا مهما لنا. تنامى هذا التعاون في الاعوام الثمانية الماضية، واذكر هنا مشروع ضبط الحدود (IBM) مع لبنان وهو الاول من نوعه في المنطقة. نسعى الى تعميق التعاون مع كل الاجهزة الامنية اللبنانية على الحدود بالتعاون مع دول اوروبية اخرى وقد خصصنا 43 مليون اورو لهذا الغرض في الاعوام الماضية لبناء القدرات والتدريب وغيرها. وسنطلق برنامجاً جديداً في كانون الأول المقبل لمصلحة قوى الأمن الداخلي.

■ هل يشكل تفجيرا برج البراجنة عودة الى مسلسل الارهاب في لبنان؟ هل ثمة خشية اوروبية من تعميق الانقسام الطائفي؟

– انطباعي هو ان لبنان قوي جدا والجميع هنا يملكون خبرات هائلة في حل النزاعات. كما ان الجميع يتطلعون الى تفادي الانقسام الطائفي، وقد لاحظنا اجماعا سريعا لدى القادة السياسيين في ادانتهم الاعتداءات، كما انهم كانوا واضحين في عدم اتهام طرف محدد بالوقوف وراءها. اصوات الاعتدال مهمة جدا في هذا الوضع واعتقد ان غالبية اللبنانيين تدعم هذا التوجه. لذلك، لا اخشى انقسام المجتمع اللبناني، علما ان هذا ما يسعى اليه البعض. للبنان تحديات خاصة به نتيجة تركيبته ولكنه يشكل نموذجاً للمنطقة والعالم في طريقة التعايش.

■ هل نجحت الحكومة اللبنانية في مواجهة الارهاب علما ان ثمة انتقادات وجهت لرئيسها نتيجة عدم دعوته مجلس الوزراء الى الالتئام؟

– ثمة وضع خاص نتيجة عدم التئام الحكومة منذ زمن طويل لأسباب عدة، وهذا يختلف عن طريقة عمل معظم الحكومات. ففي اوضاع طبيعية اكثر لكانت التأمت الحكومة.

■ كيف ستؤثر الاعتداءات الارهابية في سياسة الاتحاد الاوروبي حيال المهاجرين واللاجئين؟ وما هي تداعياتها على لبنان؟

– سنخصص تمويلا اضافيا في المرحلة المقبلة للاجئين والمجتمعات المضيفة في ظل العبء الذي يواجهه لبنان ولا سيما لجهة استقباله 1,2 مليون شخص إضافي، كما اننا ندرك اثر ذلك في خدمات التعليم والمياه والكهرباء وقطاع الصحة . لن تؤثر الاعتداءات على مقاربتنا الانسانية حيال اللاجئين. وهنا اذكر ان المجلس الاوروبي كان اعلن في ايلول الماضي رزمة قيمتها مليار اورو لخطط استجابة للازمة السورية في دول المنطقة.

■ لكن اعلان الدعم هذا لم يترافق مع خطوات تنفيذية؟

– يتطلب الامر وقتا ولا سيما في برمجة المال علما ان هناك شقاً انسانياً وآخر يشمل دعم التنمية على المدى الطويل. أعلن المفوض كريستوس ستيليانيدس اخيرا تخصيص الاتحاد الأوروبي مبلغاً إضافياً قدره 43 مليون اورو من المساعدات الإنسانية لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة.

■كيف سيؤثر اقرار مجلس النواب مشاريع مالية وتنموية في تعاونكم مع لبنان؟

– نحن مسرورون لموافقة مجلس النواب على ان يكون لبنان عضوا في “البنك الاوروبي لإعادة الاعمار والتنمية”، باعتبار ان هذه الخطوة تسمح لنا بان نعمل مع لبنان في شكل افعل، كما ان الموافقة على بعض القروض بدت مهمة للبلاد. نأسف لعدم اقرار الموازنة وإن كانت هذه الحالة مستمرة منذ 2006 كما فهمت.

■ هل التقيت او ستلتقين قيادات من “حزب الله” الاسبوع المقبل؟ وهل ستثيرين معهم مسألة مشاركتهم في القتال في سوريا، علما ان الاتحاد الاوروبي كان صنف الجناح العسكري للحزب بالارهابي؟

– لدي روزنامة لقاءات الاسبوع المقبل، ضمنها مع قيادات من “حزب الله”. والاتحاد الاوروبي صنّف الجناح العسكري للحزب بالإرهابي الا اننا نواصل لقاءاتنا وممثلي الجناح السياسي للحزب . شددنا منذ زمن على اهمية اعتماد سياسة “النأي بالنفس” عن الاحداث في سوريا واعتماد “اعلان بعبدا”، كما انني اسمع اصواتا كثيرة هنا تدعو الى التزام هذا الامر واعتقد أنها اصوات صائبة”.