IMLebanon

لبنان يحتاج إلى بُنى تحتية بقيمة 30 مليار دولار خلال 10 سنوات

Saudi-infrastructure

موريس متى

تُعتبر البُنى التحتية المتطورة، المدماك الأساسي الذي يساهم في توفير النمو المستدام. وتبقى أهم الاستثمارات التي تهدف الى تسجيل نسب نمو اقتصادي إيجابية، تلك المتوجهة نحو البنية التحتية التي من دونها لا يوجد اقتصاد حديث أو منتج.
يخصص البنك الدولي حالياً أكثر من 40% من إنفاقه اي ما يقارب 24 مليار دولار تقريبا من أصل 60 ملياراً، لتمويل مشاريع البُنى التحتية حول العالم، معظمها في الدول الافريقية والشرق الاوسط. هذا الانفاق يُعتبر ضئيلاً جدا مقارنة بالحاجة الفعلية لهذه الدول الى ولوج مستوى متقدم في البنى التحتية يساهم في وضعها على السكة الصحيحة نحو النمو المستدام. هذا الامر يؤكد ضرورة إقرار كل القوانين اللازمة لإشراك القطاع الخاص في تمويل هذا النوع من المشاريع وتنفيذها وإدارتها، وتحديدا المستثمرين المؤسساتيّين Institutional Investors حيث تتوافر الأموال الجاهزة للاستثمار.
وتشير أرقام البنك الدولي الى ان مساهمة القطاع الخاص في تمويل المشاريع في البنى التحتية عالميا، عبر ما يعرف بالشركة بين القطاعين PPP، وصلت الى نحو 130 مليار دولار في نهاية العام 2013. وبحسب التقديرات الرسمية، تبلغ قيمة البنية التحتية في العالم نحو 15 ألف مليار دولار، 80% منها في قطاعي الكهرباء والطرق، 60% منها في الدول الصناعية التي تضم 16% من سكان الكرة الارضية، و28% في الدول الناشئة التي تجمع 45% من سكان العالم، و12% في الدول الفقيرة التي تضم 39% من السكان. كما أشارت دراسة لمؤسسة Deloitte، ان المنطقة العربية ككل بحاجة الى أكثر من تريليون و300 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة لتمويل زهاء 2000 مشروع تتصل بالبنى التحتية.

لبنان والبنى التحتية المهترئة
ثمة حاجة ضرورية في لبنان الى بنى تحتية جديدة ومتطورة، في ظل ما تشهده القطاعات الرئيسية من تدهور مستمر في قطاعات الكهرباء والتعليم والصحة والنقل والخدمات الاساسية. فالدولة اللبنانية لم تنفق أكثر من 4% من موازناتها السنوية على البنى التحتية في الاعوام العشرين الاخيرة نتيجة العجوزات المستمرة التي سجلتها الموازنات، والازمات السياسية والامنية المتلاحقة. ووفق التقديرات، تحتاج هذه البنى التحتيّة إلى إستثمارات تصل قيمتها الى ما يقارب 30 مليار دولار خلال العقد المقبل، تشمل الطرق والمنشآت العامّة والخاصّة والأُسس التي تسمح للاقتصاد اللبناني بالنهوض، منها 4 مليارات دولار لقطاع الكهرباء، 3 مليارات للخدمات، 4 مليارات للصناعة. أما الاتصالات والعقارات، فيحتاج كل منهما الى 3 مليارات دولار على شكل استثمارات. كما تتطلب السياحة والمياه والطاقة المتجددة والأبحاث والزراعة والقطاع الرقمي، ملياري دولار لكل منه هذه القطاعات، بالاضافة الى مليار دولار تقريبا للقطاعات الأخرى. مع الاشارة الى ان القيمة الحالية للبنى التحتية الموجودة في لبنان تقدر قيمتها بنحو 32 مليار دولار.
وبحسب المجلس الأعلى للخصخصة، يحتاج لبنان الى بنى تحتية عاجلة جديدة بقيمة 6.2 مليارات دولار، تتركز في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل والسجون. وهذه المشاريع يمكن تنفيذها عبر اعتماد الشركة بين القطاعين العام والخاص، من دون انتظار التمويل، في حين أن اعتماد التلزيم التقليدي يستلزم فرض ضرائب جديدة لتوفير التمويل، أو الاستدانة. هذا ما قد يؤدي الى زيادة في الدين العام، وارتفاع معدل الفوائد نتيجة تضخم حجمها عبر الاقتراض، والانتظار حتى إقرار الاعتمادات اللازمة، وغيرها من المعوّقات، الامر الذي يقوّض النمو ويطيح الايجابيات المنتظرة من تطوير هذه البنى التحية. ويساهم تنفيذ مشاريع تطوير البنى التحتية عبر الشركة بين القطاعين في توفير نوعية مرتفعة من الخدمات، نظرا الى ادراج حوافز وعقوبات في العقود التي تبرم مع الشركات، بالاضافة الى الإنتاجية المرتفعة في القطاع الخاص، والتزام القطاع السرعة في التنفيذ، ما يضمن حسن سير المشاريع.
البنى التحتية تدعم النمو
كل 1% يضاف على قيمة البنى التحتية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، يساهم في توفير نمو اقتصادي إضافي يصل الى نحو 0.22%، من هنا يمكن أن تساهم الاستثمارات في البنى التحتية في نسبة نمو إضافية تصل الى ما يقارب 4.5%، كذلك توفر هذه المشاريع نحو 210 آلاف فرصة عمل جديدة على المدى القصير، خلال مرحلة تنفيذ المشاريع، بينها 80 ألف فرصة عمل لمتخرجي الجامعات أيّ ما يوازي 20% من اليد العاملة اللبنانية، تُضاف اليها فرص العمل التي ستُوفرها تداعيات إرتفاع نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة.
قانون الشركة
من شأن إقرار مشرع قانون الشركة بين القطاعين العام والخاص، ان يكسر حلقة الجمود التي تحول دون النهوض بمشاريع البنية التحتية، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والطاقة المتجددة والطرق والبيئة وغيرها من المجالات الحيوية. وتكمن اهمية مشروع القانون في انه يستقطب الاستثمارات الخاصة، اللبنانية والعربية والدولية، فضلا عن استقطابه الامكانات الفنية والادارية العالية التي يتمتع بها القطاع الخاص واستثمارها في تنفيذ مشاريع حيوية للاقتصاد اللبناني. ويشكل تالياً آلية اساسية يحتاجها لبنان لمواكبة الحاجات الاقتصادية الجديدة ولتنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص في ما أصبح متعارفاً عليه عالمياً بـ PPP، والذي بات معتمداً في معظم دول العالم.
هذا القانون، يوفر اساساً صالحاً لإنشاء البنية التحتية الضرورية وتأهيلها، وايجاد فرص عمل، واعتماد الشفافية والمهنية اللازمتين لضمان نجاح المشاريع المشتركة، ويبقى السبيل الوحيد المتاح في لبنان لانشاء البنى التحتية وتمويلها.