ابراهيم عواضة
ضُرب المثلث الذهبي للاقتصاد اللبناني (الاستثمارات، السياحة والعقار)، بقوة في العام 2015 بتأثير مباشر من الأزمة السياسية التي ساهمت وتساهم في شل عمل المؤسسات الدستورية، وتالياً إضعاف ثقة المستثمرين في مناخ الاستثمار في لبنان.
وكان البارز خلال السنتين الماضيتين حجم التراجع الكبير في حركة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى لبنان، قابله ارتفاع ملحوظ في انسياب استثمارات لبنانية مهمة إلى خارج البلاد، وتحديداً إلى أسواق الدول المجاورة.
في ما خصّ حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي غالباً ما يختلف تقدير حجمها بشكل كبير بين مصدر وآخر، أجمعت تقارير عدة على انخفاض تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى لبنان في السنوات الأخيرة نتيجة الضغوط على الصعيدين الداخلي والإقليمي. وكان تقرير الأونكتاد (مؤشر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) الأخير حول الاستثمارات في العالم قد أشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصافية الوافدة إلى لبنان تراجعت إلى حوالى 2.1 مليار دولار في العام 2013 (4.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي)، بحسب آخر المعطيات المتوافرة، مقابل 3.1 مليارات دولار في العام 2012، في حين بلغت الاستثمارات الأجنبية المتدفقة 2.8 مليار دولار في العام 2013 (6.0 في المئة من الناتج المحلي) مقابل حوالى 3.7 مليارات دولار في العام 2012.
وبحسب آخر الإحصاءات المتوافرة فإن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى لبنان لم تتجاوز في العام 2014 الـ 1.5 مليار دولار، ولا يتوقع لها أن تتعدّى هذا الرقم نهاية العام 2015.
يشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تموّل عادة جزءاً كبيراً من عجز الحساب الجاري، وهي تتركز في معظمها في القطاع العقاري، ما يجعلها تختلف عن طبيعة الاستثمارات المباشرة في كثير من دول ناشئة مماثلة، حيث تكون متنوعة وتطال قطاعات اقتصادية عامة.
أما في ما خص حركة الاستثمارات اللبنانية في الخارج يتبين أنه رغم الأوضاع غير المستقرة في بعض الدول العربية وخصوصاً في العراق، إلا أن هذه الدولة كانت الوجهة الأبرز لاستثمارات اللبنانيين بقيمة بلغت 3.7 مليارات دولار أو 51.8 في المئة من قيمة المشاريع الإجمالية خلال الفترة الواقعة بين كانون الثاني 2003 وأيار 2015.
وأشارت الارقام الصادرة عن قاعدة البيانات EDI MARKETS إلى أن إجمالي قيمة المشاريع الاستثمارية الأجنبية المباشرة الصادرة من لبنان بلغ 7.02 مليارات دولار في الفترة عينها. وكان لبنان المصدّر السابع الأكبر لمشاريع Green Field من حيث القيمة الاسمية بين 19 دولة عربية في هذه الفترة، متأخراً عن الإمارات (297.4 مليار دولار FDI)، والبحرين (68.4 ملياراً FDI)، والكويت (66.5 ملياراً FDI)، وقطر 47.5 ملياراً FDI)، والسعودية (41.4 ملياراً FDI)، ومصر (19.8 ملياراً)، وشكلت قيمة المشاريع الاستثمارية الأجنبية المباشرة الصادرة من لبنان 1.3 في المئة من التدفقات الإجمالية لتلك المشاريع (Green Field) في الدول العربية بين كانون الثاني 2003 وأيار 2015، وتغطي هذه الأرقام مشاريع الـGreen Field العابرة للحدود والتي تؤدي إلى توفير فرص عمل مباشرة، وتضم المشاريع المشتركة (Joint Ventures)، وتحديداً تلك التي أدت صفقاتها إلى توفير فرص عمل، في حين أنها لا تحتسب عمليات الدمج والاستحواذ والاستثمارات الأخرى في الأسهم، وهي قاعدة بيانات ترصد الاستثمارات العابرة للحدود في العالم وتملكها مجموعة Financial Times.