IMLebanon

تدنّي مستوى الخدمات الإلكترونيّة يؤثّر سلباً على الاقتصاد

Egovernment2

 

سلوى بعلبكي

 

عندما يقرر اللبناني إنجاز اي معاملة رسمية، عليه أن يستعد لهذه المهمة إما بطلب اجازة من عمله أو توكيل شخص آخر لإتمامها عوضاً عنه، نظراً الى الوقت الطويل الذي يتطلبه إتمامها، علماً ان هذا الأمر كان يمكن أن يكون أسهل بكثير لو أن لبنان يعتمد الخدمات الالكترونيّة الحكوميّة.

اهتمّت الحكومات السابقة بتطوير خدماتها الالكترونيّة عبر انشاء صفحات الكترونيّة تضمّنت نشر معلومات عن الخدمات والتشريعات والقوانين وغيرها من المعلومات التي تفيد المواطن، كما اصدرت تشريعات تتعلق بقبول انجاز بعض المعاملات الكترونيّاً. ولكن، هل تفيد هذه المعلومات المواطنين عملياً؟
هذا السؤال حملناه الى الخبير الاقتصادي جمال القعقور الذي أشار الى موقع وزارة العمل، لنجد العناوين المعلوماتيّة والاخباريّة الآتية: الصفحة الرئيسيّة – حول الوزارة – أخبار وأحداث – نصوص قانونيّة – منشورات – أسئلة متكررة – تصل بنا. هذه العناوين تتضمّن معلومات واخباراً مفيدة برأي القعقور، لكنها عملياً لا تفيد المواطن حيال انجاز معاملة او تقديم طلب ما، من دون الذهاب شخصياً الى الوزارة.
العنوان الوحيد الذي يتعلق بالخدمات التي يمكن انجازها عبر هذه الصفحة هو “الخدمات الالكترونيّة”، لكنّها لا تتضمّن الا خدمة يتيمة واحدة هي “تقديم طلب استخدام أجنبي”. لكن، ويا للأسف، هذه الخدمة غير مفعّلة حتى الآن في انتظار اصدار التشريعات اللازمة.
أشارت المادة 38 من قانون الاجراءات الضريبية 44 الصادر بتاريخ 11 تشرين الثاني 2008، الى انّ المكلفين يمكنهم إرسال التصاريح والبيانات الماليّة إلى الإدارة الضريبية بواسـطة البريد الإلكتروني. وقد باشرت وزارة المال، عملياً، تسليم بعض التصاريح الضريبيّة الكترونيّاً بدءا من 1 كانون الثاني 2014. وعلى رغم هذا التأخير في التطبيق، لم تشمل هذه الخدمة حتى اليوم تصاريح ضريبة الدخل السنوية لجميع أنواع المكلّفين. ويستنتج القعقور في هذا المجال “تقصيرا واضحا في تطبيق تشريع صادر منذ العام 2008 إذ لم ينفذ على نحو كامل لغاية اليوم”. ويشير الى ان وزارة المال تطلب اجراءات عدة للتسجيل الالكتروني والحضور الشخصي لتسلم الرموز الخاصة لخدمات مماثلة على رغم أن المكلّف مسجّل قانونيا في الوزارة ويقدّم تصاريحه يدويا بشكل دوري. لذا، عليها تاليا اطلاق حرية التسجيل والتفعيل للخدمة لجميع المكلفين من دون شروط ومعوقات عبر صفحة الوزارة الالكترونية مباشرة، خصوصا وان ثمة وسائل الكترونية عدة يمكن استخدامها لضمان السرية والخصوصيّة بديلا من هذه الاجراءات المعقّدة”.
ويرى ان تفعيل الخدمات التطبيقيّة في كل الوزارات عبر الانترنت، تعتبر حاجة وطنيّة واقتصاديّة كونها تساهم في وقف هدر الوقت وزيادة الانتاج واستقطاب الاستثمارات الخارجيّة وعدم هروب الاستثمارات المحليّة. كذلك تحد العلاقة غير المباشرة بين المواطن وبعض موظفي الادارات العامة من خلال انجاز المعاملات الكترونيّاً من عمليات هدر المال في الرشوة والسمسرات وما شابه، وتنعكس إيجابا على حركة السير وتخفف معاناة المواطنين الذين يضّطرون الى الحضور شخصيا الى بيروت او الى المدن الكبرى لانجاز معاملاتهم.
ولكي يتم تشريع هذه الخدمة وتفعيلها وتعميمها على جميع الادارات العامة، يقترح القعقور وضع دراسة وطنيّة متخصصة لكل الوزارات والمؤسسات الحكوميّة والرسميّة، بحيث تشمل تحديد الحاجات والمعاملات وتصنيفها الى 3 أنواع:

■ معاملات تتعلق بطلبات ونماذج أو تصاريح ترسل فقط للوزارة المعنيّة من دون أي التزمات أخرى، وتالياً ترسل الوزارة عبر الخدمة الالكترونية ايصال للمواطن كإشعار وتأكيد تسلم الطلب أو التصريح. (مثال: تصريح مباشرة عمل).
■ معاملات تتطلّب اجراء من الوزارة عبر ارسال افادة رسمية الى المواطن عبر شركة بريد. ويتم استيفاء رسم البريد الكترونيا وسلفا من المواطن عند تقديمه طلبات مماثلة. (مثال: طلب سجل عدلي).
■ معاملات تتطلب الحضور الشخصي لصاحب العلاقة. (مثال: تسجيل سيارة في دائرة الميكانيك)، اذ يستطيع المواطن تسديد الرسوم الكترونيا من دون الانتظار طويلا في الدائرة المعنيّة. علماً انه يمكن ارسال أي مرفقات مطلوبة عبر هذه الخدمة الكترونيّاً.
كما يتطلّب تنفيذ هذه الخدمة استخدام وسائل عدّة لضمان الأمان والتأكد من شخصيّة المستخدم لها، منها:
■ اعتماد رقم الهوية للتعريف الأساسي عن المواطن اللبناني عبر الخدمة الالكترونية، واعتماد رقم جواز السفر للأجنبي.
■ ارسال رسالة نصيّة للهاتف الخليوي لمستخدم هذه الخدمة: ترسل له الوزارة الكترونياً رمز لتفعيل الدخول للموقع وعند الدفع في كل مرّة يحاول فيها استخدام ذلك.
■ اعتماد جهاز التشفير وخصوصاً لخدمات الدفع المالي.
■ اعتماد نظام الأسئلة والأجوبة المحددة سلفا من المستخدم.
■ تسجيل اسم مستخدم مختصر – كلمة او رمز سرّي.
ونجاح هذا الامر برأي القعقور “يتطلّب تنسيقاً واتفاقاً وتعاوناً مشتركاً بين الحكومة وجمعية المصارف وخصوصاً بالنسبة الى المعاملات التي تحتاج الى تسديد رسوم، إذ تنشر المصارف ضمن خدماتها الالكترونية خدمة تسمى “خدمات حكوميّة ” يتم ربطها مع الوزارات المعنيّة. والمطلوب كذلك من مجلس النواب (مجلس تشريع الضرورة)، استكمال التشريعات الضروريّة وانجازها بهذا الخصوص خصوصاً انها تتعلق بحاجات أكثر من ضرورية”.