IMLebanon

إنخفاض أسعار الأدوية.. تخدير للمواطن بإنتظار الإصلاحات الجديّة

PharmacyMedicines3
رنا ابو مجير

مرّ عام تقريباً على حملة وزارة الصحة، والتي انضمت اليها لاحقاً وزارة الإقتصاد، لمراقبة الفساد الغذائي وضبط الأسعار، وتحديداً أسعار الأدوية. وترافق ذلك مع إقرار الوصفة الطبية الموحدة التي يفترض بها ضبط سوق الأدوية وعدم تحويل وصف الأدوية وبيعها الى تجارة مربحة تتخطى الجانب الإنساني لمهنة الصيدلة والطب.

خلال هذه الفترة تضاربت المعلومات حول جدوى المراقبة وضبط الأسعار، ولم يكن واضحاً بشكل فعلي ما اذا كانت الأسعار قد انخفضت فعلاً، ام ان جلاء غبار الحملات الإعلامية كشف عن بقاء الوضع على ما كان عليه سابقاً. بين الأرقام التي تتناقلها وزارة الصحة وبين أرقام المواطنين، تفاوت يسجّله الوضع المعيشي للمواطن، والصورة الإقتصادية التي تخيّم على منطقة دون أخرى، فضلاً عن تمتّع أطباء أو صيادلة بحماية “الواسطة”.

حملة وزارة الصحّة أدّت حتى الآن، وبحسب رئيسة مصلحة الصيدلة في الوزارة كوليت رعيدي، الى خفض أسعار الأدوية عموماً بنسبة 50%، وأسعار أدوية الأمراض المزمنة بشكل خاص، بنسبة 20%. وتشرح رعيدي لـ “المدن” ان ادوية الجهاز الهضمي وامراض السكري، وادوية الجهاز العضلي والهيكل العظمي، وادوية الحواس والامراض الجلدية، انخفضت بنسبة 19%، ادوية الدم بنسبة 17%، ادوية القلب والشرايين بنسبة 23%، ادوية امراض الجهاز التناسلي والبولي بنسبة 22%، الهرمونات والمضادات الحيوية وادوية الجهاز العصبي بنسبة 24%، ادوية السرطان ومضادات الاورام والمناعة بنسبة 22%، الادوية المضادة للطفيليات بنسبة 29%، ادوية الجهاز التنفسي بنسبة 16%، وأدوية متفرقة بنسبة 20%.

من جهته أكد نقيب الصيادلة جورج صيلي، أن كمية لا بأس بها من الادوية المزمنة انخفضت أسعارها. موضحا لـ “المدن” ان “اكثر من 200 صنف من اصل 6800 دواء انخفضت اسعارها”، لافتا الى انه “ليس هناك اي احتكار من قبل شركات الادوية لانها تخضع لترخيص من قبل وزارة الصحة، ويتم تسعير الادوية من قبل لجنة التسعير في الوزارة”.

الا ان رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية إسماعيل سكرية، رأى في حديث لـ “المدن” ان “وزارة الصحة لا تقوم بالتطبيق الحقيقي لخفض الأسعار، وان انخفاض أسعار الأدوية طال الأدوية غير المزمنة، في حين ان إستهلاك هذه الأدوية هو بمعدل 80%”. وأكد ان الإحتكار من قبل التجار والشركات، يتم بالتواطؤ مع الإدارة في وزارة الصحة، مقترحاً إجراء إصلاح إدارة وبشري في الوزارة، فضلاً عن إقتراح وضع شعار وسعر بلد المنشأ على الأدوية، فـ”مثلاً، على الدولة ان تضع على الأدوية المستوردة من فرنسا، إسم البلد وسعر مبيعه هناك، ليعرف المواطن ان هذا الدواء يُباع في فرنسا مثلاً بـ 10 يورو، وفي لبنان يباع بـ 12 يورو، وعندها تتضح كل الأمور”.

الصيدليات لها تقييمها للأسعار، كونها جزءً من حركة المبيع. ويشير حسن قنديل صاحب صيدلية في منطقة الغبيري، الى أن المبيع تراجع في معظم الصيدليات في لبنان، من40% الى 30% والربح الصافي للصيدلي اصبح 22%. بينما في الدول المصدرة للادوية يبقى الربح اعلى. منوها بان الاسعار فعلا تدنت واصبحت في خدمة المرضى على حساب الصيدلي. ويضيف قنديل لـ “المدن” ان الشركات هي التي تستفيد لانها تحصل على الدواء في بلد المنشأ بدولار وتبيعه للصيدلي بـ 20 دولاراً، ويقوم بدوره ببيعه بـ 22 دولاراً. ويلفت قنديل النظر الى ان تراجع أرباح الصيادلة أجبرهم على التخلي عن بعض الموظفين.

نسبة التراجع التي تلاحظها نورما كنج صاحبة صيدلية في منطقة الشياح، تصل الى 50%، وهذا ما يخدم المرضى، بحسب ما تقوله لـ “المدن”. موضحة أن اسعار بعض الادوية تراجعت في بعض الاحيان الى اكثر من 60%. فمثلاً، دواء اومنك (لعلاج البروستات) في مطلع السنة الحالية كان سعره حوالي 48000 ليرة، اما اليوم فاصبح بـ 17000 ليرة، كوفرزيل (لعلاج الضغط)، كان سعره 43000 ليرة واصبح 13000 ليرة، اما الاوغمونتان كان سعره 26000 ليرة وأصبح 13000 ليرة. واعتبرت كنج ان هناك انخفاضاً عشوائياً للأسعار.

في المقلب الآخر، ترى المواطنة فاطمة صادق والمواطن جان باسيلي، ان الأسعار تراجعت فعلاً، لكن ليس بالنسبة للأدوية التي يفترض بها أن تنخفض أكثر من غيرها، إذ تشير صادق الى ان سعر دواء “ليبوماكس”، لمعالجة الدهن في الدم، ما زال 45000 ليرة، ودواء “هيبيرونا” لعضلات القلب، ما يزال سعره 37000 ليرة. في حين يقول باسيلي أن سعر دواء “كوابروفيل” مازال 47000 ليرة، و”كريستور” بقي بسعر 45000 ليرة، متسائلاً: عن أي انخفاض حقيقي يتحدثون؟
لسان حال أصحاب الدورة الاقتصادية المتصلة بالدواء، يلمسون نوعاً من التحسّن، لكنّه أشبه بتحريك الجماد، والذي ينتج عنه شعور بإمكانية تحقيق تغيير فعلي، لكن الواقع عكس ذلك، لأن نهج التعاطي مع القضايا الحياتية للمواطن، من قبل الدولة، ما يزال نفسه. اما التحسينات، فهي إعطاء بيد، وأخذ باليد الأخرى.