IMLebanon

“قمة الرابية”: المهم أن يربح الخط!

michel-aoun-sleimin-frangier

 

 

 

لا تبدو الحصيلة الجدية البعيدة من مجاملات “الاحلاف السياسية” لخلوة الرابية امس بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون والحليف – الند رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجيه عامل دفع حقيقياً نحو تسوية لمأزق التسوية التي رشّحت فرنجيه لرئاسة الجمهورية. ذلك ان لقاء الرابية الذي بالكاد شكل تذويباً لجليد العلاقة المتوترة بين الجانبين وإن يكن ساده كلام على استمرار التحالف ضمن خط سياسي واحد، شكل في المقابل واقعاً من شأنه ان يفاقم تعقيدات المأزق الناشئ عن ترشيح فرنجيه من جانب أحادي يتمثل في تكريس ازدواجية المرشحين داخل تحالف 8 آذار مع ما يعنيه ذلك من إضعاف لفرص كليهما.

إذ تفيد المعلومات المتوافرة لدى “النهار” عن اللقاء، على رغم ستار الكتمان الذي أحيط به وخصوصاً من جانب فرنجيه وأوساطه، ان أجواء الانفتاح على الحوار والتهدئة بين القطبين الحليفين لم تنعكس تبديلاً في أي من موقفيهما من التسوية الرئاسية وآفاقها، فلا العماد عون أعطى أي انطباع أو أبدى أي استعداد للتراجع عن ترشّحه عقب استماعه الى عرض فرنجيه لظروف التسوية التي عقدها مع الرئيس سعد الحريري، ولا رئيس “تيار المردة” أوحى الى عون بأنه في وارد التسليم باحتراق مبكر لفرصته بل انه أدرج زيارته للرابية في اطار الانفتاح الذي يسعى من خلاله الى تبديد الهواجس ومعالجتها وخصوصاً لدى الحلفاء ولكن من دون التسليم لمنطق رفضها لمجرد طرحه مرشحاً يحظى بفرصة متقدمة لم تتوافر لسواه.

وبذلك توضح المعطيات ان الخلوة قد تكون كرست طرح مرشحين اساسيين لدى قوى 8 آذار ما دام الموقف الحاسم والمفصلي لـ”حزب الله” طي الغموض والصمت حيال الخيار بينهما.

واذا كان مجمل المعلومات التي تنسب الى الحزب أنه لا يزال متمسكاً بترشيح عون، فان الرئيس الحريري وفريقه لا يزالان ينتظران بلورة موقف الحزب الواضح قبل الاقدام على أي خطوة جديدة، علماً ان لملمة تداعيات التسوية تشمل، الى موضوع موقف “حزب الله”، معالجة مواقف القوى المسيحية أيضاً وهو الأمر الذي وضع تحت العناية المركزة منذ أيام.

وفيما لزم فرنجيه الصمت بعد لقائه عون الذي استمر زهاء ساعة، كما لزمت أوساطه الكتمان، حرصت الاوساط القريبة من الرابية على القول لـ”النهار” أن أجواء اللقاء كانت ايجابية وتخللها تأكيد الحلف بين القطبين وان الدعم قائم ودائم للعماد عون ما دام مرشحاً. وأشارت الى ان عون أبدى حرصه على فرنجيه ضمن التحالف كما تصارحا بمسار الامور والحؤول دون افتعال شرخ بينهما.

وصرح رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الذي شارك في اللقاء لـ”النهار” بأن “سليمان فرنجيه صديق وحليف ولن يستطيع أحد بكل محاولاته أن يخرّب العلاقة بيننا عبر كلام مغلوط، لا بل بالعكس الكلام بيننا فيه دائماً صدق والتزام، وما حصل هو ربح لفريقنا ويعزّز الخط الاستراتيجي، ولن ندع أي خسارة تطاله بل ربح صافٍ نزيد عليه تباعاً”.

غير أن مصادر سياسية أخرى مواكبة للقاء قالت إن فرنجيه فوجئ بأن سمع جواباً عن طلبه تأييد ترشيحه بقول عون له إنه يريد منه الإستمرار في تأييده، داعياً إياه الى عدم إحداث شرخ في الخط الاستراتيجي وكذلك عدم الوقوع في فخ المناورة التي دبّرت، خصوصاً أن حليفيه “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” غير مؤيّدين لترشيحه وعندئذ مع من سيحكم؟.

وشرح عون لفرنجيه أنه لا ينوي الانسحاب من السباق الرئاسي وأن حظوظه باتت مكتملة. ورد فرنجيه بأن تأييد الفريق الآخر لترشيحه لم يكن مناورة وأن الامر جديّ، فرد عون بالقول بأنه، أي فرنجيه، لا يستطيع أن يحكم مع الحريري وحده.
وتحدثت المصادر عن تدخل جهة حزبية، والمقصود “حزب الله”، لتأمين انعقاد لقاء الرابية بعد مؤشرات لعدم حصوله مما يعني أن الجهة الوسيطة هذه قادرة على أن تمون على عون وفرنجيه معاً، لتخلص المصادر إلى أن الحريص على انعقاد اللقاء حريص أيضاً على استمرار التسوية. ولم تستبعد لقاء قريباً لفرنجيه والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله.
ورجحت المصادر ألا يتأخر الرئيس الحريري في العودة إلى لبنان من أجل استكمال التسوية خلافاً لانطباعات مناقضة أشاعها بعض السياسيين. ويدعم مسعى الحريري المتجدد النائب وليد جنبلاط، في حين لوحظ تريث الرئيس نبيه بري لتفضيله انتظار وضوح الصورة في ضوء معطيات عن عدم استعداد “حزب الله” حتى اليوم للتراجع عن تأييد ترشيح عون.

وفيما صرّح فرنجيّة لصحيفة “المستقبل”: “بأن الجلسة مع العماد عون كانت صريحة وهادئة ولم يتخلّلها أي التزام من أي من الطرفين”. قالت صحيفة “الشرق الأوسط” إن قرار فرنجية عدم الإدلاء بأي تصريح لدى خروجه من مقر إقامة الجنرال ميشال عون في الرابية أشاع جوا سلبيا تقاطع مع ما نقلته مصادر في قوى “8 آذار” مقربة من حزب الله لصحيفة ”الشرق الأوسط” عن “سقوط التسوية الرئاسية التي كان من المنتظر أن تأتي بفرنجية رئيسا للبلاد”، لافتة إلى أنّه “يتم حاليا تقبل التعازي بهذه التسوية”.

وأشارت المصادر إلى أنّه “لم يكن منتظرا من اللقاء الذي جمع عون بفرنجية أن يخرج بأي جديد يعطي دفعا لهذه التسوية، بل كان متوقعا أن يقتصر الاجتماع بينهما على محاولة رأب الصدع والمصارحة وتبادل الآراء والمعطيات”، مرجحة أن تكون الأزمة الرئاسية “عادت خطوات كبيرة إلى الوراء”.

من جهتها، قالت مصادر عون لـ”الشرق الأوسط” إنّه كان خلال اللقاء الذي جمعه بالنائب فرنجية معظم الوقت “مستمعا”، باعتبار أنّه كان “يتطلع لمعرفة تفاصيل ما حصل وما عُرض عليه من قبل الحريري في باريس وما تلا ذلك من مشاورات واتصالات”.

وأضافت المصادر: “العماد عون متمسك بترشيحه، كما أنّه وحزب الله غير مستعجلين على السير بتسوية تأتيهم فقط برئيس من فريقهم السياسي مقابل عودة الحريري إلى الحكم وإمساكه وحلفائه المعروفين في الداخل اللبناني مجددا بمقومات الدولة”.

ولا تقتصر المؤشرات التي توحي بسقوط التسوية على موقفي عون وحزب الله، بل تشمل أيضًا موقفي “القوات” و”الكتائب” المعارضين للسير برئاسة فرنجية من دون ضمانات، ما يعني تلقائيا عدم حصول الأخير على أي غطاء مسيحي يسهّل عملية انتخابه رئيسا.

صحيفة “الأخبار” قالت: “رمّم لقاء الرابية، بين المرشحَين الرئاسيين ميشال عون وسليمان فرنجية، شيئاً من صورة تحالف 8 آذار ــ التيار الوطني الحر المتصدعة بفعل مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية. اللقاء، بحسب مصادر الطرفين لصحيفة “الأخبار”، كان إيجابياً. كسر الجليد بينهما، وخاصة أنه لقاؤهما السياسي الأول منذ اجتماع الحريري وفرنجية في باريس الشهر الماضي.

وبحسب “الأخبار”، شرح كل منهما موقفه. فرنجية أكّد أنه لم يسعَ إلى “القوطبة” على عون، مكرراً أن “الجنرال لا يزال مرشحنا”. ولفت إلى أنّ حظوظه الرئاسية أتت إليه من دون أن يسعى إليها، شارحاً لعون تفاصيل المبادرة الحريرية. واتفق الحليفان “المتنافسان” على استمرار التواصل والتنسيق وتأكيد استمرار العلاقة الإيجابية بينهما، مع الاعتراف بأنها تعرضت لنوع من الاهتزاز في القواعد الشعبية.

أكد عون أنه مستمر في ترشّحه ولن يتراجع، وأكد فرنجية أن عون يبقى مرشحه ما دام لهذا الترشيح حظوظ تمكّن الجنرال من الوصول إلى بعبدا. لكن رئيس تيار المردة أكد أن الحريري جدي في ترشيحه، وأنه (أي فرنجية) لن يسحب ترشيحه إذا كان ثمة حظوط لوصوله، لأن هذا يعني وصول الفريق الذي يمثله إلى الرئاسة.

في المقابل، أكّد عون لفرنجية حرصه عليه. وشهد الاجتماع عتباً من فرنجية على الجنرال، على خلفية موقف وسائل إعلامية من مبادرة الحريري. ولم يقتصر الأمر على تلفزيون “او تي في”، بل تعداه إلى مؤسسات لا صلة لعون بها. لكن مصادر الطرفين أكّدت أن العتب لم يبدّد إيجابية اللقاء.

من جهتها، كتبت “السفير”: “يحتمل اللقاء الذي انعقد، بين الرجلين في الرابية التفسيرين، في انتظار الجواب اليقين الذي يبدو مؤجلا، حتى إشعار آخر، على قاعدة أن الأمور في خواتيمها.

بهذا المعنى، فإن قمة الرابية، كانت بداية مسار، لا نهايته، وبالتالي فإن «الرئيس» مؤجل، ومبادرة سعد الحريري انتظمت ضمن حجمها الطبيعي بعد فورة التسريب، وما تلاها من قوة عصف.

لقد دارت الرئاسة دورة كاملة في الخارج.. وعادت الى المربع المسيحي، الممتد ما بين بنشعي والرابية، باعتباره ممراً إلزامياً لرئيس الجمهورية المقبل، وهي المعادلة التي عكسها الرئيس نبيه بري بتأكيده خلال لقاء الاربعاء النيابي ان أفضل سيناريو رئاسي يكمن في التفاهم بين رئيسي “التيار الوطني الحر” و”المردة”.

أما فرنجية فلم يكن بحاجة أصلاً الى إقناعه بالأسبقية الرئاسية لعون، وهو الذي استمر في طرحها، حتى ما بعد لقاء باريس، وصولا الى اجتماع أمس في الرابية، حيث شدد مجددا على انه سيستمر بدعم خيار الجنرال وإعطائه الأولوية، إذا كان لديه حظ، «أما إذا تبين أن الأبواب موصدة كليا أمامك، فأنا أكون في هذه الحال مرشحاً طبيعياً.. المهم أن يربح الخط في نهاية المطاف”.

لكن السؤال الذي لا يزال رئيس «المردة» يبحث عن رد مقنع عليه هو: الى متى يصح الانتظار الذي مضى عليه حتى الآن قرابة سنة ونصف السنة.. وماذا لو خسر عون رهانه في ظل الفيتو المحكم عليه، وضاعت فرصة فرنجية في آن واحد؟
يدرك رئيس «المردة» أن الحسابات يجب أن تكون دقيقة، وأن خيطاً رفيعاً يفصل بين الإنجاز والانتحار.

وإذا كان فرنجية يعتقد أن الحكمة تقتضي الإسراع، لا التسرع، في التقاط الفرصة بالتوافق مع عون، قبل فوات الأوان، إلا ان الأكيد انه ليس واردا لديه، عملا بالحكمة ذاتها، أن يقبل بانتخابه من دون موافقة الجنرال و«حزب الله» معا، حتى لو تأمن النصاب الدستوري.

في كل الحالات، ترك رئيس تيار «المردة» مجالا أمام التأويل والاجتهاد، لـ “هواة النوع”، بعدما قرر أن يلجأ الى الصمت الذي يفتح الباب أمام كل الاحتمالات، رافضا الإدلاء بأي تصريح بعد انتهاء اجتماعه مع الجنرال.

ويؤكد العارفون ان لقاء عون ـ فرنجية لن يكون معزولا في الزمان والمكان، وأن للبحث صلة، خصوصا أن مدة اللقاء القصير التي لم تتجاوز الساعة توحي بأن ما حصل أمس هو التأسيس للنقاش الرئاسي، وليس حسماً له، فالخيارات المطروحة حساسة ومصيرية، وتتطلب إبقاء خطوط التشاور مفتوحة.
ووفق المعلومات، غاص الاجتماع «المفيد» في التسوية المقترحة، سعياً الى إنتاج مقاربة مشتركة لها، وقد حضرت خلال النقاش كل «الهواجس» الرئاسية المتبادلة، فيما ركز الجنرال على مفهومه للسلة المتكاملة، على قاعدة أنه يجب عدم اختزال التسوية بكرسي الرئاسة، وإن كانت حيوية، بل ينبغي ان تكون جزءا من كل، يتضمن قانون الانتخاب والحكومة العتيدة والشراكة الوطنية الفعلية.

وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«السفير» إن عون وفرنجية أكدا حرصهما على حماية علاقتهما السياسية وتثبيت المكتسبات التي تحققت مؤخرا، بعدما أقر الفريق الآخر، عبر مبادرة الحريري، بأمرين جوهريين: الاول، ان رئيس الجمهورية المقبل آت من صفوف تحالف «عون ـ 8 آذار»، والثاني انه يجب ان يكون صاحب صفة تمثيلية على المستوى المسيحي.

وأشارت المصادر الى ان الجانبين اعتبرا أنه يجب البناء على ما تحقق حتى الآن وتحصينه عبر الادارة الجيدة للمعركة، من خلال تحقيق نوع من التكامل بين ترشيحي عون وفرنجية، بدل التنافس، وذلك على قاعدة ان الاولوية تبقى للجنرال ما دامت هناك فرصة لانتخابه، فإذا انتفت وتأكد سقوطها يرشح عون، لا الحريري، رئيس “المردة”.

في المقابل، أبلغت أوساط سياسية مطلعة «السفير» ان لقاء الرابية كان صريحا، لكن من دون التزامات مسبقة، ومع ثبات كل طرف على موقفه، فيما عُلم أن فرنجية أسهب في الحديث، عارضا تفاصيل المبادرة التي تطرحه مرشحا رئاسيا منذ لقائه الحريري في باريس.