IMLebanon

نديم قطيش “الابن الضال”… وقصة الهرّ والمبرد! (بقلم طوني أبي نجم)

Nadim-Koteich

كتب طوني أبي نجم

أصرّ ويصرّ الزميل الصديق نديم قطيش على الإمعان في ضرب صدقية، ظنّ الجمهور الـ14 آذاري أنه اكتسبها بتقديمه لبرنامج DNA عبر تلفزيون المستقبل. هذا الإصرار تمثل ويتمثل في سلسلة مقالات يكتبها في دفاع مستميت عن خيار الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

قمة التضليل الذي وصل إليه قطيش في مقالاته تمثلت في مقالته الأخيرة بعنوان “فرنجية رئيساً… مسألة وقت!”. وكأني بقطيش يحاول عبثاً إقناع الرأي العام بأمر واقع لم يقع بعد، فيصرّ على المبالغة في المغامرة في تقدير أمر ليس مقدّراً.

تكفي مراجعة بسيطة لتاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان ليتيقّن الجميع أن مرشحين كثراً ناموا كرؤساء جمهورية واستفاقوا على غير ذلك، من حميد فرنجية في العام 1952 الذي نام رئيساً واستفاق على كميل نمر شمعون رئيساً منتخباً، وصولا الى الياس سركيس في العام 1970… والأمثلة لا تنتهي. وبالتالي قد يكون من المبكر جداً الاحتفال برئاسة فرنجية على قاعدة المثل الفرنسي الشهير: “لا تبع فرو الدب قبل أن تقتله” (ne vends pas la peau de l’ours avant de l’avoir tuer).

قطيش كتب في 30 تشرين الثاني الماضي، أي قبل أسبوعين فقط وفي مقالته التي حملت عنوان “الخرافات الست حول تسوية فرنجية”: “العارفون يقولون إن التسوية تسير من دون عقبات قادرة على إجهاضها مهما علا سقف الاعتراض”. ولكن المفارقة أن كل رهانات قطيش ومن وراءه على جلسة 16 كانون الأول سقطت وتحطمت أمام العراقيل المزدوجة، سواء من الثلاثي المسيحي من جهة أو من جهة “حزب الله” أيضاً وأولاً. وبالتالي فإن من قام بالمبادرة كما من روّج لها بكتاباته لم يتوقعا أن تلاقي عقبات، في حين أن العقبات اليوم على الأقل جمّدت التسوية غن لم تكن قد أجهضتها بالكامل.

أما معرفة قطيش بسمير جعجع على سبيل المثال فهي تبدو معرفة بالعمق الى درجة الغباء. فقطيش هو من كتب في المقالة نفسها في 30 تشرين الثاني الماضي أن “الحكيم سيستعمل التسوية لمزيد من رفع اسهمه الشعبية عبر التصلب والانحياز الى المثالية السياسية على حساب الواقعية. لكنه واقعياً “سيتدلل” إستدراجاً لإتصال سعودي، بحيث يبيع حضور جلسة إنتخاب فرنجية، من دون التصويت له ربما، للمملكة وليس للحريري. لكنه في النهاية سيكون جزءً من التسوية ولا اعتقد أنه سيضع نفسه حكومياً خارج العهد لست سنوات”.

هلا أخبرتني عن سمير جعجع يا صديقي، متى “باع” و”اشترى”، وهو الذي أمضى 11 عاماً في سجن انفرادي لأنه لا يدخل في تسوية ضدّ مبادئه وثوابته… فهل يأبه للمشاركة في عهد “وهمي” لـ6 سنوات؟!

وبخصوص الوهم والرهانات، لا بدّ من الإشارة الى أن من راهن على أن “حزب الله” ومن خلفه إيران يسيران بهذه “التسوية” هما طرفاها: سعد الحريري وسليمان فرنجية، في حين أثبتت الوقائع حتى اليوم أن لا ضوء أخضر إيرانياً للسير بالتسوية، وأن الرهان على أن سليمان فرنجية قادر على إلزام “حزب الله” بإقناع العماد عون سقط أيضاً.

أما رهان سمير جعجع الخاطئ فكان على أن سعد الحريري لا يمكن أن يقدم على ارتكاب مثل هذه “الخطيئة” التي تلامس حدّ “الخيانة” لكل تضحيات شهداء 14 آذار ولكل النضال المشترك طوال 10 سنوات. نعم، كان سمير جعجع “واهماً”، كما معظم قادة وشخصيات 14 آذار، يوم ظنّوا أن “المبادئ” هي من تسيّر البعض، في حين اتضح أن المصالح الشخصية والفئوية للبعض أغلى لديهم من دماء الشهداء!

والمفارقة اللافتة أن نديم قطيش يعتبر أنه بات مستحيلاً كسر ترشيح فرنجية بمرشح توافقي، والمسؤول هنا أداء الرئيس سعد الحريري تحديداً، الذي سارع الى ترشيح فرنجية ودفع أثماناً مضاعفة: أولاً تجاه جمهوره وجمهور 14 آذار، وثانياً ها هو يحاول أن يغري “حزب الله” والعماد عون بـ”أثمان” سيدفعها ليقنعهم بمرشح “من لدنهم” على حدّ تعبير قطيش. وسيدفع أيضاً وأيضاً مرة ثالثة حين يضطر مرغماً أن يتراجع عن هذه “التسوية”!

ومن “النكات” التي يطرحها قطيش اعتباره أن فرنجية “سوري” وليس “إيرانياً” مثل العماد عون. ونسي أن بشار الأسد نفسه صار “إيرانياً” منذ سنوات، وفرنجية يجاهر بولائه لـ”حزب الله” منذ سنوات طويلة. ويبدو أن فريق الأرشيف لدى قطيش لم يزوّده بكل تصاريح فرنجية ضدّ المملكة العربية السعودية والرئيس سعد الحريري ووالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري. إبحث في الأرشيف يا صديقي فتجد ما يثلج قلبك!

الغريب لدى نديم قطيش في تبريراته أنه يبدو كالهرّ الذي يلعق المبرد مستلذّاً بطعم الدماء من دون أن ينتبه أنها دماؤه!

أما في المفاوضات، فإن أبسط قواعد فنّ التفاوض أن المفاوض يبدأ برفع سقفه إفساحاً في المجال أمام خفضه لاحقاً خلال المفاوضات، للتوصل الى قواسم مشتركة وصيغة مقبولة. أما حين يبدأ أحد طرفي التفاوض مسلّماً أسلحته وراضحاً، سيضطرّ الى التنازل عن كلّ شيء بحثاً وراء سراب سراي، متناسياً لحظات الإذلال في كانون الثاني 2011 يوم دخل رئيس حكومة الى البيت البيض وخرج منه رئيس حكومة مستقيلة.

أما الجواب عن السؤال التقليدي المكرّر والمعبّر عن العجو التام: “ما هو البديل؟” فالجواب ببساطة: الصمود والصمود والصمود، لأن “حزب الله” لم ينتصر في سوريا ولا في اليمن، وإن كانت المملكة العربية السعودية لم تنتصر أيضاً. الجميع في مأزق. فلمَ نستسلم، سيما وأن الاستسلام غير وارد في قاموسنا؟!

أياً يكن، فإن جمهور 14 آذار وفيّ لمبادئه وثوابته ودماء شهدائه، وفي إيماننا أن نبقي الباب مفتوحاً دائماً أمام عودة “الابن الضال” الذي سيعود حتماً… إنها مسألة وقت ليس أكثر!

**ملاحظة أخيرة: كتبت “ستاتوس” على فايسبوك تعليقاً على مقالته الأخيرة “فرنجية رئيساً… مسألة وقت!”، فتمنى عليّ إزالة “الستاتوس” انطلاقاً من صداقتنا، ولأنني أحترم صداقاتي وعدته بأن أكتب مقالتي وأمحو الستاتوس.