IMLebanon

الأسواق الناشئة تحبس أنفاسها انتظارا لقرار «الاحتياطي الفيدرالي»

The-US-Federal-Reserve
جوناثان ويتلي

على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي فاجأ كثيرين بعدم رفع أسعار الفائدة في اجتماعه في أيلول (سبتمبر)، إلا أن محللين يتفقون على أن مثل هذا الاضطراب لن يكون محتملا هذه المرة. لكن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك أي توتر بين المستثمرين في الأسواق الناشئة.

أي شيء باستثناء رفع أولي صغير يبلغ 25 نقطة أساس وإشارات واضحة على دورة تشديد تدريجية ستتبع يمكن أن يدخلهم في حالة من الفوضى.

يقول لويس كوستا، مختص استراتيجية العملات والائتمان في الأسواق الناشئة في سيتي جروب: “تم تسعير الأسواق إلى حد الكمال من أجل رفع حمائمي. كان المستثمرون فعالون للغاية في استيعاب القرارات الحمائمية للاحتياطي الفيدرالي، وفي الوقت نفسه الاعتراف بأننا يجب أن ننتهي من سعر الفائدة الصفري”.

لكن مع أن المحللين يتفقون على أن الاحتياطي الفيدرالي من غير المرجح أن يثير أي مفاجآت، إلا أنهم يتفقون أيضا على أن ما يكمن وراء ذلك أقل تأكيدا. ووفقا للمحللين، حتى إذا تمسك الاحتياطي الفيدرالي بالمسار الحمائمي، سيدخل المستثمرون عالما جديدا ويتحسسون طريقهم عن طريق التجربة والخطأ. يقول محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة أليانز ورئيس مجلس التنمية العالمي للرئيس باراك أوباما: “نحن نخرج من فترة غير عادية واستثنائية من حيث قمع التقلبات المالية”.

ويضيف: “هناك علامة استفهام حقيقية حول كيف سيكون التقلب في عالم حيث البنوك المركزية [في الأسواق المتقدمة] على مسارات متباعدة”. ويتابع: “نحن ندخل مياها مجهولة”.

عدم اليقين لا ينبع فقط من حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي يستعد للتشديد في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي الأوروبي تمديدا للنسخة الخاصة به من برنامج شراء الأصول السابق ـ بقيمة 85 مليار دولار شهريا ـ الفضفاض للغاية، الذي كان يتبعه الاحتياطي الفيدرالي، الذي انتهى العام الماضي.

مع وجود أكبر قوتين نقديتين في العالم المتقدم في اتجاهات متعارضة، من غير الواضح إلى أي مدى سيستمر الدعم ـ إن وجد ـ لأصول الأسواق الناشئة، الذي قدمه برنامج التسهيل الكمي التابع للاحتياطي الفيدرالي، من قبل نسخة البنك المركزي الأوروبي.

هناك أيضا عدة عوامل أخرى تلقي بظلالها على التوقعات. أحدها هو قدرة الأسواق الناشئة الكبيرة على إيجاد الشكوك الخاصة بها، كما يظهر من إقالة وزير المالية في جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي، والانهيار السياسي والاقتصادي الذي طال أمده، الذي يجتاح البرازيل حاليا. وسبق أن غير الاحتياطي الفيدرالي مساره في أيلول (سبتمبر) الماضي بسبب تخفيض الصين، غير المتوقع، لعملتها في الشهر السابق.

وهناك مصدر قلق آخر هو الديون المتزايدة التي تراكمت في الأسواق الناشئة منذ الأزمة المالية العالمية. ومع أن عديدا من حكومات الأسواق الناشئة سدد ديونه، إلا أن محللين يشعرون بالقلق من أن المشكلة انتقلت إلى القطاع الخاص.

ربما الارتفاع الأكثر وضوحا كان في سندات العملات الأجنبية التي أصدرتها الشركات في الأسواق الناشئة الكبرى. لكن هناك زيادة أكبر بكثير حدثت في الإقراض المصرفي، في “نظام مصرفية الظل” وأشكال أخرى من الإقراض غير المصرفي يعتبر كشفها أصعب بكثير.

يقول لويس أوجانيس، رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في جيه بي مورجان: “نحن نولي اهتماما كبيرا لمستويات الرفع المالي في القطاع الخاص في الأسواق الناشئة”. ويضيف: “لا نتوقع أزمة مصرفية في أي مكان في الأسواق الناشئة، لكن قد يتبين أن هذا افتراض خاطئ. الأمر يبدو فقط كما لو أن الكثير من الأمور يمكن أن تختل”.

ويشعر كثير من المحللين بالقلق أيضا من أن التراكم الأخير في الرفع المالي للشركات لم يصاحبه أي ارتفاع في الربحية. على العكس من ذلك، انخفض العائد الإجمالي على حقوق المساهمين في الشركات في مؤشر مورجان ستانلي المركب لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة عكسية مع ارتفاع في نسب الديون إلى حقوق الملكية في تلك الشركات.

وسلسلة المخاوف تستمر لتشمل أسعار السلع الأساسية التي تواصل انخفاضها، حتى بعد الخسائر المتواصلة خلال العام الماضي. وهذا يقلل من الرغبة في اتخاذ المخاطر بين كثير من المستثمرين الذين غالبا ما يعتبرون الأسواق الناشئة من فئة أصول السلع، على الرغم من أن كثيرا من الأسواق الناشئة الكبيرة، مثل الهند، هي مستوردة للسلع الأساسية وليست مصدرة.

وكما يذكر العريان، ما يخيم على توقعات الأسواق الناشئة الأخرى هو الطريقة التي تستجيب بها الصين لتشديد الاحتياطي الفيدرالي. ويقول: “في اقتصاد عالمي ضعيف، تقول الصين إنها ستواصل برنامج الإصلاح الخاص بها كي تعتمد بشكل أقل على الاقتصاد العالمي، وأنها ستضعف عملتها. أول هذين الأمرين لا بأس به بالنسبة لبقية العالم، لكن الثاني يشكل خطرا كبيرا”.

أي تحركات من قبل بكين للدفاع عن اقتصادها مع ضعف الرنمينبي تعتمد على وتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي – وهو سبب آخر ليولي المستثمرون اهتماما ببيان البنك المركزي الأمريكي.

من الممكن دائما أن يتبع رفع أسعار الفائدة “اندفاع الأسواق المالية صعودا نتيجة غياب الأخبار السيئة”، لأن عدم اليقين الوحيد الذي لاحق الأسواق طوال العام قد زال.

لكن حتى هذا ليس مضمونا. فعندما أجل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر)، اكتشف كثير من المستثمرين مرة أخرى رغبتهم في اتخاذ المخاطر في الأسواق الناشئة.

يقول معهد التمويل الدولي إن إجمالي تدفقات المحافظ الاستثمارية إلى الأسواق الناشئة تحولت إلى إيجابية في تشرين الأول (أكتوبر). لكن مع اقتراب احتمال تشديد الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى، قال المعهد إن التدفقات تحولت سلبية مرة أخرى الشهر الماضي.

الخوف من تحركات الاحتياطي الفيدرالي كان العامل المهيمن في الأسواق الناشئة هذا العام. فقد أدى الدولار الأمريكي المرتفع إلى تقليص القوة الشرائية حتى في تلك البلدان التي ينظر إليها على أنها بين النقاط المضيئة القليلة. ورؤية هذا الخوف يتحقق من غير المرجح أن تكون سببا للاحتفال.