IMLebanon

لبنان ينأى عن القرار الأميركي برفع الفائدة 0,25% وتوقّعات بتعادل سعر الأورو والدولار

Money

 

سلوى بعلبكي

 

بعد الازمة المالية العالمية التي أصابت الدول المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الأميركية، اضطر المصرف المركزي الاميركي، وعلى وقع تراجع الاقتصاد، الى خفض الفوائد على نحو كبير جداً ليعود بعد نحو 10 أعوام الى رفعها بنحو 0,25 %. فهل سيحذو لبنان حذو الولايات المتحدة؟ وماذا يعني هذا الخفض أميركياً… ولبنانياً؟

عدل البنك الفيديرالي سياسته النقدية عبر رفعه الفوائد للمرة الاولى قبل 10 أعوام، فاتخذ قراراً بزيادة متواضعة وتدريجية في معدلات الفوائد بنحو 0.25%، وذلك على خلفية خروج الاقتصاد الاميركي من الركود الى التعافي وبعد تراجع البطالة من 11% في 2008 الى أقل من 5.5%، ولإبقاء مستوى التضخم عند حدود 1.5%. وفي حال استمرت هذه السياسة، فهي ستؤدي برأي الخبير الاقتصادي غازي وزني الى تعزيز سعر الدولار أمام العملات الاجنبية وخصوصاً الاورو، وتراجع اسعار المعادن الثمينة، وابقاء اسعار النفط منخفضة، والاهم أن المستثمرين سيوجهون استثماراتهم نحو الولايات المتحدة وسندات الخزينة الاميركية. وفيما يترقب المتابعون اثر القرار الاميركي على السوق المالية اللبنانية، استبعد وزني تأثر سوق الفوائد اللبنانية بالقرار كونها سوقاً مستقلة، إلا أنه توقع أن يتأثر لبنان حين تصل معدلات الفوائد في الولايات المتحدة الى أكثر من 2%. وحتى ذلك الحين، يلفت الى انه في حال استمر الدولار قوياً في سنة 2016، سيفيد لبنان من الاستيراد من منطقة الأورو التي تبلغ فاتورته منها 6 مليارات دولار، بما ينعكس ايجابا على ميزان المدفوعات والميزان التجاري وعلى احتياط مصرف لبنان من العملات الاجنبية، اضافة الى افادته من استقرار اسعار النفط.
وفيما أشارت تقديرات الفيدرالي الى أن “معدل الفائدة سيراوح بين 1.25% و1.50% في حلول نهاية 2016، أي أعلى من المعدل الحالي بمقدار 100 نقطة أساس”، اعتبر وزني أنه “في حال قرر لبنان رفع الفوائد سيكون انعكاسها حتمياً على كلفة الاقتراض وخصوصاً السكنية والاستهلاكية، وعلى صعيد كلفة خدمة الدين العام”، مشيراً الى أن “بعض المصارف تتجنب حاليا اقراض الدولة في انتظار ارتفاع الفوائد”.

يشوعي يحذًر من رفع الفوائد في لبنان
مثلما لم يفاجأ الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي بالقرار الاميركي بخفض الفائدة اثر الازمة المالية التي اصابت اقتصاده، لم يفاجأ ايضا بقرار رفع الفائدة. فالولايات المتحدة تنتهج القاعدة الاقتصادية والتي تفرض خفض الفائدة عندما يشكو اقتصاد بلد ما من ركود حاد في نموه، وتفرض ايضاً رفع الفائدة عندما يبدأ الاقتصاد بالتعافي. إذاً، طبقت الولايات المتحدة القاعدة الاقتصادية التي قضت بخفض الفوائد بنسب كبيرة وصلت الى صفر من اجل تحريك الاستثمارات الداخلية والاستهلاك الداخلي، علماً أن الفوائد المتدنية كانت ايضاً نتيجة bailout اي خطط الانقاذ المالية التي اتبعت في البلاد نتيجة تداعيات الازمة المالية على الشركات والمصارف الاميركية. وبعد سنوات من انتهاج هذه السياسة، بدأ الاقتصاد بالانتعاش والتعافي وباتت نسبة البطالة مقبولة فيما يتهدد التضخم الاقتصاد الاميركي، ما دفع بالمصرف الاميركي الفيدرالي الى رفع الفوائد على الدولار. ونتيجة لذلك، لاحظ يشوعي تراجعاً اضافيا للأورو، متوقعاً ان يتعادل سعر صرف العملتين، ومعتبراً انه دليل على دورية الوقائع والاحداث الاقتصادية، وعلى أن الاميركيين يدركون افضل القرارات الاقتصادية لمعالجة النمو.
وبما أن الوضع اللبناني مشابه للوضع الاميركي عندما اتخذ قرار خفض الفوائد، اقترح يشوعي خفض الفوائد في لبنان على اعتبار أن لا امكانات لمحاربة الركود الاقتصادي وتعزيز الاستثمار والاستهلاك، الا بخفض الفوائد. ورغم تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مرارا، أن قرار خفض الفائدة الاميركية لن يكون له أثر على لبنان، تخوف يشوعي من أن “يعمد المركزي الى رفع الفوائد، وهذا وارد لأنه ليس لدينا مرجعية دولية موثوقة نستطيع ان نستند اليها، إذ أصبحت هذه القرارات تطبخ في مطبخ داخلي، حذر من المس بالفوائد، لما له من نتائج كارثية على الاقتصاد اللبناني”، متوقعا أن يكون النمو الحقيقي سلبياً، وليس صفراً او 1%، لأنه “يجب أن نأخذ في الاعتبار كل الضرر الذي لحق بالطبيعة والمياه الجوفية والصحة العامة نتيجة أزمة النفايات”.

بركات: الفوائد مرتبطة بالآفاق الاقتصادية
يبدو أن رفع الفوائد من البنك الفيدرالي الأميركي كان متوقعاً نسبة للنهوض المسجل للاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة، وكذلك في ظل التحسن الذي شهدته سوق العمل مع انخفاض معدل البطالة إلى 5% والذي يعدّ أدنى مستوى لها منذ 7 سنوات ونصف السنة، وفي ظل ارتفاع نسبة التضخم إلى 2%. ونتيجة لذلك، يتوقع كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عوده الدكتور مروان بركات، أن يرتفع سعر الفائدة الأساسي (Federal Fund Rate) من 0.5% حالياً إلى 1.4% في نهاية 2016، وإلى 2.4% في نهاية 2017 ومن ثم إلى 3.25% في نهاية 2018، لتستقر بعدها على هذا المستوى.
وفند بركات انعكاسات رفع الفوائد على الأسواق كالآتي:
– تحسن الدولار مقابل الأورو والعملات الأساسية في العالم نتيجة حركة الرساميل الوافدة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
– ارتفاع في البورصات العالمية في ظل ثقة البنك الفيدرالي الأميركي إزاء الاقتصاد الأميركي.
– انخفاض سعر الذهب إلى أدنى مستوى له منذ 6 سنوات كونه سلعة لا تؤمن مردوداً.
– انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ شباط 2009 في ظل التحسن المرتقب لسعر صرف الدولار.
– قرارات مماثلة متلاحقة من مصارف مركزية في عدد من بلدان العالم لاسيما في الخليج العربي وتحديداً السعودية والكويت والبحرين والإمارات والتي تعاني أخيرا من ازمة في السيولة.
محليا، لا يتوقع بركات أن يكون لخطوة البنك الفيدرالي الأميركي آثار مباشرة على أسعار الفائدة نظراً إلى الهامش اللافت ما بين الفوائد المدفوعة في لبنان ومثيلاتها في الخارج. فيبلغ متوسط الفوائد على الودائع بالليرة 5.67% ويبلغ على الودائع بالدولار 3.20% في لبنان، في حين يبلغ سعر الفائدة الأساسي في الولايات المتحدة 0.50% بعد الارتفاع. إلا أن توقعات رفع الفائدة في الخارج ستؤدي برأي بركات، إلى تحسن في الهوامش المصرفية التي بلغت أخيرا أحد أدنى مستوياتها على الإطلاق في ظل العائدات الضعيفة على السيولة المصرفية بالعملات الأجنبية. ويوضح أن الفوائد في لبنان يحددها على المديين المتوسط والطويل تطور علاوات المخاطر المرتبطة بالآفاق السياسية المحلية والإقليمية ووتيرة النشاط الاقتصادي في لبنان وتطور المالية العامة للدولة.