IMLebanon

وداد بوشماوي .. أول امرأة تدير رجال الأعمال في تونس

bouchamaoui-wided-tunisia
وداد بوشماوي، أول إمراة تونسية تترأس غرفة أصحاب الأعمال (اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية)، التي تضم كل رجال الأعمال والصناعيين والتجار في تونس. تمكنت بوشماوي، التي تنشط منذ عشرات السنين في قطاع النفط والنسيج، من توظيف الخبرة التي اكتسبتها في إدارة مؤسسات عائلتها، في تسيير منظمة الأعمال التي تعد الثقل الاقتصادي للبلاد. غير أن طريق بوشماوي، ذات الخمسة وأربعين عاماً لم يكن سهلا، فاتحاد الصناعة والتجارة ليس منظمة مدنية فقط، وإنما سلطة المال ومركز القرار الاقتصادي وحتى السياسي في بعض الأحيان، وهو ما يجعل رئيسها كمن يسير على البيض كما يحلو للبعض أن يصفه داخل الاتحاد. فرئيس الاتحاد مطالب بتوفير المناخ الاستثماري الملائم والامتيازات الاقتصادية، والدفاع عن مصالح الأعضاء، وحثهم في ذات الوقت على القيام بدورهم الوطني في دفع الاقتصاد التونسي، في هذا الظرف الصعب. ورغم أن المهتمين بالشأن الاقتصادي يصفون بوشماوي بالمرأة المحظوظة، لأنها سجلت اسمها في التاريخ كأول امرأة تترأس منظمة الأعمال، ولأن المنظمة حصدت في عهدها جائزة نوبل للسلام بوصفها طرفا في الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي، إلا أن العارفين بكواليس المنظمة يدركون جيدا أنها في موقع لا تحسد عليه. وأعلنت لجنة نوبل في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن منح جائزة نوبل للسلام، لعام 2015، إلى ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعمادة المحامين التونسيين، بعد أن قادت هذه المنظمات في 2013 حوارا وطنيا لإخراج البلاد من الفوضى. لكن سرعان ما احتدمت الخلافات بين الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة رجال الأعمال في البلاد، بشأن الاتفاق على زيادة الأجور. غير أن بوشماوي تقول إنها تسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب لرجال الأعمال، دون أن تدخل في صدام مباشر مع الاتحاد العام التونسي للشغل.

وسبق أن وقعت بوشماوي اتفاق شراكةٍ مع الأمين العام لاتحاد الشغل، حسين العباسي، عام 2012، وصف بالتاريخي من أجل السلم الاجتماعي وتحسين ظروف العمال، وهو ما أسس لمرحلة تشاركية قادت لحصول تونس على جائزة نوبل للسلام. ولا تقتصر العقبات التي تواجه بوشماوي على الخلافات مع اتحاد الشغل، فاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لم يكن يوما خارج اللعبة السياسية، بل إن رجال الأعمال غالبا ما كانوا يرسمون خارطة التوجهات الكبرى لأية حكومة، وهو ما جعل المنظمة التي كان رئيسها السابق، الهادي الجيلاني، وهو من أصهار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، يواجه انتقادات عديدة بالتواطؤ والاستفادة من النظام السابق. وبحسب بوشماوي، فإنها لم تعلن انحيازها في ملف رجال الأعمال المتورطين في الفساد، مكتفية بالدعوة إلى ضرورة الإسراع في معالجة الملف قضائيا بعيدا عن منطق التشفي. وكان لزاما على أول رئيسة لاتحاد الصناعة والتجارة، بعد الثورة في 2011، أن تخرج بالاتحاد من صورة المنظمة المتسلطة بقوة المال إلى صورة المنظمة الوطنية المدافعة عن مصلحة الأجير وصاحب العمل. وقالت بوشماوي، في كلمتها خلال تسلم جائزة نوبل للسلام خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن التجربة التونسية ستكون قدوة للشعوب التي تمر اليوم بمسارات انتقالية عسيرة لتستأنس بها ولتدبر أمورها وفق ذات المنهج، على حد تعبيرها. وتعتبر أن توفير مقومات الكرامة وأسباب العيش الكريم لكل التونسيين مسؤولية رجال الأعمال، وذلك للقضاء على الفقر والتفاوت بين المحافظات. ويقول المراقبون للشأن العام إن ترؤس سيدة لمجلس الأعمال يساعد تونس كثيراً، في الظرف الحالي، على تسويق صورتها كبلد حداثي يجسد فعلا مبدأ التناصف الذي ورد في الدستور الجديد. تطوف بوشماوي الكثير من البلدان داعية رجال الأعمال، والعرب منهم خاصة، إلى الاستثمار في تونس، وتبشرهم بقانون استثماري جديد يعتمد الشفافية والبعد عن البيروقراطية.