IMLebanon

المستهلكون الأمريكيون يصابون بعدوى الأطعمة الطبيعية

organic-produce-food
جريجوري مير

في شركة زيلاند للخدمات الزراعية، وهي مصنع لمعالجة الحبوب يقع في الجناح الغربي لولاية متشيغان، تصل الشاحنات محملة بسلعة مألوفة بشكل متزايد: حبوب الصويا غير المعدلة وراثيا.

كثير من الوجبات المطحونة، المنتجة من هذه الحبوب، يتم تقديمها غذاء للدجاج والديوك الرومية والخنازير والأبقار التي يتم بيع بيضها ولحومها وحليبها في محال البقالة، بما فيها شركة هول فودز ماركت، التي تضغط على المزارع لوضع ملصقات تبين ما إذا كانت حيواناتها تأكل الأعلاف المصنوعة من كائنات معدلة وراثيا أو جينيا. ونحو 94 في المائة من حبوب الصويا المزروعة في متشيغان لا تزال معدلة وراثيا. ولتلبية الطلب من قبل المستهلكين الأمريكيين كانت زيلاند تشتري الحبوب المتوافرة في الولايات الأخرى. يقول دارون ريدر، مدير المبيعات في شركة زيلاند: “عندما بدأ هذا يحدث لأول مرة قبل بضع سنوات كان السؤال الأكبر: هل هذا بدعة ستذهب عما قريب، أم اتجاه عام؟ نحن نرى آخذ في التحول إلى اتجاه عام”.

ويعد تحول تدفقات المحاصيل في قلب حزام الحبوب الأمريكي بمثابة شاهد على تغير يحدث على أرفف المحال، بدءا من شركة هول فودز إلى كوستكو هولسيل. هنا يختار المستهلكون بشكل متزايد أطعمة ذات “مصلقات نظيفة” يرون أنها أصح، أو خالية من المكونات غير المفهومة، ما أثار تدافعا بين العلامات التجارية الغذائية الكبرى للحصول على النوعيات محل الطلب. ويجري إرغام معظم تجار الزراعة الذين يسيطرون على توريد السلع الغذائية على الاستجابة. ووفقا لـ “اتحاد التجارة العضوية”، منذ عام 2007 ارتفعت مبيعات الأغذية العضوية في الولايات المتحدة إلى الضعف، لتصل إلى 36 مليار دولار في عام 2014. وشكلت الخضراوات والفاكهة أكثر من ثلث السوق، تليها منتجات الألبان من الأبقار التي تتغذى على الحبوب العضوية أو العلف العضوي.

وتضاعفت مبيعات الولايات المتحدة من الأطعمة التي تم التحقق من أنها غير معدلة وراثيا ثلاث مرات منذ عام 2013، لتصل إلى 15 مليار دولار في الفترة منذ بداية العام حتى أيلول (سبتمبر) الماضي، بحسب بيانات تابعة لـ “مشروع الكائنات غير المعدلة وراثيا”. ويشمل ذلك منتجات لم تكن قط معدلة وراثيا، مثل صودا الخبيز التي تم التأكد من أنها غير معدلة وراثيا.

يقول ديفيد ماكلينان، الرئيس التنفيذي لـ “كارجيل”، أكبر شركة لتجارة وتصنيع السلع الزراعية في العالم: “ملصقات نظيفة، وخالية من الجلوتين، وخالية من الكائنات المعدلة وراثيا – إنها قوة لا يستهان بها ويجب أن نوليها جل الاهتمام”.

وانتجت كارجيل شراب ذرة خاليا من الكائنات المعدلة وراثيا استجابة لتغييرات لدى عملاء الحلويات، بحسب ما يقول التقرير السنوي. وأنفقت الشركة المنافسة، آرتشر دانيلز ميدلاند، العام الماضي 170 مليون دولار في عملية للاستحواذ على شركة سبيشالتي كوموديتيز، التي تؤمن الأطعمة العضوية من جميع أنحاء العالم. وفي الآونة الأخيرة اشترت “بانج”، وهي شركة زراعية كبيرة أخرى، شركة هول هارفست للأغذية، المنتجة لزيت الطبخ (حيث يتم عصر المواد الخام تحت ضغط مرتفع). يقول سورين شرودر، الرئيس التنفيذي لبانج، عن الأطعمة ذات المصلقات النظيفة: “إنها متخصصة في السوق، لكنها تنمو بسرعة”. في عام 2011 اشترت شركة سي إتش إس، المملوكة تعاونيا، مصنعا لمعالجة حبوب الصويا في ولاية آيوا، التي تعرف الآن بمشروع الكائنات غير المعدلة وراثيا. ويتم بيع بعض وجبات حبوب الصويا غير المعدلة وراثيا إلى شركات اللحوم في ولاية كاليفورنيا التي تتطلب تغذية غير معدلة وراثيا. التحدي الذي يواجه أكبر شركات التجارة والتصنيع الزراعي ذو شقين؛ الشق الأول هو خطر تكوين استثمار استنادا إلى صرعة. أما الشق الثاني فهو فهم كيفية توليد عائدات من المحاصيل المتخصصة، بينما تم تصميم شبكاتها مترامية الأطراف من الصوامع والشاحنات والسفن والمطاحن ذات النطاق الصناعي لاستيعاب أحجام هائلة من السلع الأساسية القابلة للتبادل. مثلا، بإمكان مصانع الزيوت التابعة لشركة إيه دي إم في أمريكا الشمالية طحن 85 ألف طن يوميا – تقريبا كامل محصول حبوب الصويا العضوية في الولايات المتحدة لعام 2014.

إن ارتفاع الطلب الأمريكي على الأغذية العضوية، غير المعدلة وراثيا والخالية أيضا من المبيدات الاصطناعية والأسمدة، أبقى أسعار الذرة وحبوب الصويا العضوية مرتفعة حتى في الوقت الذي هبطت فيه أسعار المحاصيل التقليدية. وأصبحت الولايات المتحدة، أكبر دولة زارعة للذرة وحبوب الصويا في العالم، مستوردة للذرة وحبوب الصويا العضوية.

وفي مجال تجارة الأغذية العضوية، تستوعب الشركات الأصغر حجما بعضا من هذا النمو. فقد واجهت “سوكيولر”، وهي شركة تجارة أمريكية للحبوب مملوكة للقطاع الخاص، نقصا في الإمدادات المحلية عن طريق توفير حاويات محملة بالحبوب العضوية المعتمدة وحبوب الصويا من الهند والأرجنتين وأوروبا الشرقية. يقول جريج ليكتايج، مدير الشركة: “لدى الولايات المتحدة عجز تجاري مقداره مليار دولار من المنتجات العضوية في الوقت الراهن”.

ويعكس الضغط المفروض على إمدادات الحبوب العضوية جزئيا قواعد وزارة الزراعة الأمريكية الصارمة التي تقتضي اتباع المزارع ممارسات عضوية لمدة ثلاث سنوات قبل أن تصبح معتمدة. وبالنسبة لكثير من المزارعين، المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا الاستثمار طويل الأجل يعادل جاذبية بيع الذرة العضوية بالسعر الحالي البالغ 10.50 دولار للبوشل، بدلا من أربعة دولارات أو أقل لنوع الذرة القياسي.

يقول لين كلاركسون، مؤسس شركة كلاركسون للحبوب، التي تتاجر في حبوب الصويا والذرة العضوية وغير المعدلة وراثيا في ولاية إيلينوي: “السوق تقول للمزارع: نريد المزيد من هذا”.