IMLebanon

سفراء أوروبيون: لا رئيس بلا موافقة “حزب الله”

baabda-1

 

كتب نقولا ناصيف في صحيفة “الأخبار”:

يُقارب السفراء الغربيون الاستحقاق الرئاسي على نحو مغاير عن الافرقاء المحليين الموزعين على رافض لهذا الخيار ومؤيّد له. لا يسع السفراء المغالاة في إبداء ملاحظاتهم، ويطرحون تساؤلات عن دوافع استمرار الشغور بانقضاء سنة وسبعة اشهر

في الاسابيع الاخيرة، مذ تقدمت مبادرة انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ما عداها، بعث السفراء الغربيون، وخصوصاً الاوروبيين، الروح في تساؤلات كانوا اهملوها لوقت طويل مع امتداد الشغور الرئاسي اشهراً. حتى هذا الوقت، كان معظمهم يكتفي بالقول باسم عواصمهم والمجتمع الدولي: ماذا في الامكان الفعل اكثر مما فعلنا وقيل؟ بينهم مَن كان جهر بعبارة غير مألوفة: هل آن حقا أوان ليّ الذراع، في اشارة الى ممارسة المجتمع الدولي ضغوطا مباشرة على الافرقاء اللبنانيين لانتخاب الرئيس؟

يعود السفراء الغربيون، تبعاً لما يسمعه منهم زوارهم، بالذاكرة الى موقفين مهمين اختصرا رأي المجتمع الدولي في انتخابات الرئاسة اللبنانية: الاول البيان الرئاسي الذي اصدره مجلس الامن في 19 آذار 2015 بإجماع أعضائه الـ15، حاضاً على انتخاب الرئيس بلا ابطاء، مبدياً خشيته من ان يتسبب الشغور بزعزعة الاستقرار، داعياً في الوقت نفسه النواب الى التوجه الى البرلمان لانتخاب الرئيس وفق الاصول الدستورية.

ثم كان موقف ثان جامع بدوره للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى الاتحاد الاوروبي والمانيا وايطاليا، في 30 ايلول الفائت على اثر الاجتماع الخامس لمجموعة الدعم الدولية للبنان، حضّ على استعجال انتخاب الرئيس اللبناني.

في الاشهر التالية للشغور، تحدث سفراء بعض تلك الدول بإسهاب عن قلقهم من تأثر الاستقرار بتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، ما حدا بهم الى تكرار المطالبة بانجاز الاستحقاق، على نحو مماثل لما أشعرهم به تعذّر إجراء انتخابات نيابية مرتين على التوالي عامي 2013 و2014، دفعهم حينذاك الى تفهّم اسباب تمديد ولاية البرلمان والتسليم به ما ان ربطوا بين زعزعة الاستقرار وشغور السلطة الاشتراعية.

على أن تحدثهم في الاسابيع الاخيرة عن الاستحقاق بدا مختلفاً. مذ التقى معظمهم فرنجية، على اثر طرح مبادرة انتخابه، وتباعاً زعماء سياسيين آخرين، راحوا يجدون الفرصة مؤاتية هذه المرة اكثر من اي وقت مضى لانتخاب الرئيس. الا أن مواقفهم من هذا الانتخاب لم تخل من تفاوت واضح:

ـ بينهم، كفرنسا، مَن يؤيد انتخاب فرنجية بلا تردد.

ـ بينهم ايضاً، كالولايات المتحدة، مَن يؤيد انتخابه خشية عدم توافر خيار بديل آخر ما يوقع البلاد في مزيد من الشغور. لذا يسأل هؤلاء عن البديل المحتمل من فرنجية.

ـ بينهم ايضاً وأيضاً، كالفاتيكان وايطاليا، مَن يتسلّح بالصمت ظاهراً حيال انتخاب فرنجية، الا انه يؤيد القائلين بانتخاب رئيس من المرشحين الاربعة الكبار شرط توافقهم عليه، وبغطاء من بكركي.

الا ان السفراء الاوروبيين يعكسون، امام زوارهم، بضع ملاحظات رافقت تتبعهم اقتراح انتخاب فرنجية:

اولاها، استغرابهم ان يُواجَه ترشيح الرئيس سعد الحريري نائب زغرتا بصدمة لم يقع مثلها عندما حاور الحريري الرئيس ميشال عون طوال اشهر عام 2014، وشاع في ذلك الحين ان الحريري يريد انتخاب عون رئيساً. بل يلاحظون ان الصدمة الفعلية وقعت ابان التفاوض الاول مع عون عندما وافق رئيس تيار المستقبل على انتخاب رئيس للجمهورية من قوى 8 آذار، بينما ترجّحت مواقف حلفائه في قوى 14 آذار بين تأييد ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبين انتخاب مرشح توافقي لا يمت بصلة الى اي من هذين الفريقين.

ثانيتها، بات لديهم اقتناع بأنه سيكون من المتعذّر انتخاب رئيس من دون موافقة حزب الله، وهو ما يعنيه ترشيح الحريري فرنجية بعد اخفاق تفاوضه مع عون. يتحدث احد السفراء البارزين عن حجة كان اصغى اليها ابان جولات الحوار بين الحريري وعون، برّر فيها الاول دوافع موافقته على ترشيح عون حينذاك، وهي انه وحده ــــ كرئيس ــــ قادر على اقناع حزب الله بالتعاون مع الفريق الآخر ومن داخل الدولة، وفي ابسط الاحوال في وسعه احتواء الحزب في الداخل كما في علاقته بالحرب السورية.

ثالثتها، يقينهم بأن الاتفاق على سلة تفاهمات سياسية بات امراً لا مفر منه توطئة لانتخاب الرئيس. يعتقد السفراء الاوروبيون ان اجتماع الحريري وفرنجية في باريس أفضى الى إقرارهما بجزء من هذه السلة هو انتخاب رئيس للجمهورية من قوى 8 آذار في مقابل رئيس للحكومة من قوى “14 آذار”. الا انهما تداولا في سائر بنود السلة، ومنها قانون الانتخاب، من باب طرح الرئيس السابق للحكومة تساؤلات حيالها. الواضح في رأيهم ان “حزب الله” لن يتساهل حيال انتخاب رئيس للجمهورية، وأن من حلفائه، ما لم يبرم مع تيار “المستقبل” سلة اتفاق سياسي على رزمة من الملفات العالقة بين الطرفين.