IMLebanon

أمنيات بريئة للسنة الجديدة (بقلم رولا حداد)

2016

 

 

كتبت رولا حداد

يطوي اللبنانيون العام 2015 الذي كان مثقلاً بالأعباء والملفات العالقة، والتي لم يعرف أي منها الحلّ المنتظر، اللهم باستثناء حلّ ملف العسكريين الذين كانوا أسرى لدى “جبهة النصرة”، على أمل استكمال الإنجاز بتحرير الأسرى لدى “داعش”.

عدا عن ذلك بقيت كل الملفات عالقة، بدءًا من ملف انتخابات رئاسة الجمهورية رغم المحاولة التي لم يُكتب لها النجاح للرئيس سعد الحريري بتبني ترشيح النائب سليمان فرنجية، مرورا بملف العمل الحكومي الذي شهد خرقاً يتيماً تمثّل بحلّ أزمة النفايات عبر اتخاذ مجلس الوزراء قرار ترحيلها وإن كان هذا القرار لم يشهد بعد ترجمته العملية، وصولاً الى مجلس النواب المغلق، والذي شهد أيضاً خرقاً يتيماً تمثل في جلسات تشريع الضرورة التي انعقدت لإقرار التشريعات المالية الضرورية قبل عزل لبنان مالياً.

هكذا شكّل العام 2015 عام إدارة الأزمات، وبأسوأ طريقة ممكنة، مع تراجع غير مسبوق على مختلف المستويات، وصل الى حد انفجار “أزمة نفايات” في وجه اللبنانيين بسبب تقاعس المسؤولين عن إيجاد الحلول اللازمة، وبسبب تعطيل المؤسسات لأهداف وخلفيات سياسية وشخصانية لم تكن خافية على أحد.

ماذا تُخبّئ لنا سنة 2016؟ لا أحد يمكنه قراءة الغيب أو المستقبل، على قاعدة “كذب المنجمون ولو صدقوا”، وبالتالي فإن أقصى ما يمكننا أن نفعله هو أن نحمّل السنة المقبلة بعضاً من الأمنيات علّها تتحقق:

ـ انتخاب رئيس جديد للجمهورية، من دون “تسويات” تحمل طابع “الصفقات” على حساب الآليات الدستورية المفترضة، والأهم ألا تأتي على حساب الشهداء والتضحيات التي قدّمها جمهور “ثورة الأرز” وقادته طوال 10 أعوام.

ـ إقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية يعكس التمثيل الصحيح، ويكون على قياس الوطن لا على قياس بعض الخياطين ووفق ما ترتأيه مصالحهم. فلا إمكان لأن يشهد لبنان أي تطوير لمؤسساته ولمستوى العمل السياسي فيه من دون قانون للانتخابات النيابية يحقق العدالة في التمثيل ويضرب منطق المحادل التي تصادر إرادة الشعب.

ـ حصر السلاح بيد المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية، والانتهاء من منطق ازدواجية السلاح، وإصرار البعض على خوض مغامرات في الداخل والخارج لحسابات إقليمية لا علاقة للبنان بها.

ـ إعادة بناء المؤسسات، بدءًا من السلطة القضائية ورفع ايدي السياسيين عنها لتكون فعلاً لا قولاً سلطة مستقلة تتمكن من محاسبة كل من يخالف القانون مهما علا شأنه، عوض أن يكون القضاء في حالات كثيرة أداة لتصفية حسابات سياسية أو حتى مالية!

ـ إطلاق ورشة تطبيق اللامركزية الموسعة للتمكن من النهوض بلبنان اقتصادياً واجتماعياً وإنمائيا، بعدما ثبت لدى الجميع أن السلطة المركزية فاشلة وفاسدة ولا إمكانية لمحاسبتها ومساءلتها في نظام طائفي ومذهبي يؤمن الحماية للمرتكبين من خلال تغطيتهم مذهبياً!

ـ إطلاق ورشة حقيقية لإحداث ثورة مطلوبة على الصعيد التربوي لناحية الانتهاء من منطق المدارس المذهبية التي تؤسس لأجيال طائفية ومتطرفة، والتركيز على بثّ مفهوم الولاء للدولة وليس للطوائف والمذاهب، لأن كل فشل قيام لبنان يعود الى غياب الولاء للوطن لمصلحة الانتماء الطائفي والمذهبي… وصولا الى آفة الانتماء للخارج.

ـ وأخيراً وليس آخراً، نشر ثقافة الخضوع للقانون لدى الجميع، وعدم القبول بواقع يجعل بعض اللبنانيين وبعض المناطق اللبنانية فوق القانون، حيث لا يتم تطبيق القانون على اللبنانيين بالتساوي وعلى مساحة الـ10452 كيلومتر مربع. والمؤسف أنه في غياب منطق تطبيق القانون، سيسعى كل لبناني لأن يكون فوق القانون فتسقط الدولة عندها لمصلحة زمرة من النافذين على حساب القوانين.

عشية وداع الـ2015 واستقبال الـ2016، لن نكون سُذّجا ونحلم بالكثير، وإن وصف البعض أمنياتنا بالأحلام، لأنه في النهاية “ما أصعب العيش لولا فسحة الأمل”… ولن نتوقف عن الحلم بلبنان يشبهنا، وسنبقى نناضل ليتحقق هذا اللبنان، مهما طال الزمن!