IMLebanon

2015 .. عام الأرقام السوداوية

lebanon-money
عزة الحاج حسن

عصف العام 2015 بأرقام ومؤشرات مالية استثنائية، بعضها كان متوقعاً وبعضها الآخر شكّل صدمة في الأوساط الاقتصادية ومجتمع الأعمال. ورغم اختلاف ظروف بعض الأرقام وتداعياتها، إلا أن قاسماً مشتركاً جمع في ما بينها وهو الأزمة السياسية القائمة في لبنان.

حدثان بارزان خيّما على القطاعات الإقتصادية والمالية كلها في لبنان خلال العام الذي شارف على الإنتهاء، أحدهما محلي وآخر دولي، فكان لأزمة الشغور الرئاسي حصة الأسد في خفض منسوب الثقة دولياً وإقليمياً بالإقتصاد اللبناني، وفي شل عدد كبير من المؤسسات الدستورية المرتبط عملها بشكل أو بآخر بالأزمة الرئاسية، أما الحدث الدولي فتمثل بانهيار أسعار النفط العالمية التي انعكست بدورها بشكل غير مباشر على حجم التحويلات المالية الى لبنان، ما أبطل مفعول الأثر الإيجابي لانخفاض الفاتورة النفطية للبنان.

ومن بين الأرقام السالبة الكثيرة التي أنتجها العام 2015 كان للصفر في المئة (0%) وهي النسبة المتوقعة للنمو الإقتصادي للعام المذكور، شرف التربّع على رأس هرم الأرقام المالية المتراجعة، الواقعة والمتوقعة، وقد أتت الصفر في المئة، كنسبة متوَقعة للنمو الإقتصادي، على لسان مصرف لبنان المركزي خلافاً لما هو متوقع وفق صندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين تراوحت توقعاتهما للنمو في لبنان بين 1.5 % و2.0 % للعام 2015.

ورغم الإرباك الذي أحدثه “رقم الصفر في المئة” في الأوساط الإقتصادية والسياسية على السواء، غير أنه لم يكن الرقم الذي ترك بصمة في العام 2015 وفق العديد من المراجع الإقتصادية، باعتبار أن هناك العديد من الأرقام السالبة أو الإيجابية التي تصدّرت الصفحات الإقتصادية خلال العام 2015، وأبرزها وفق نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً ناصر السعيدي، الرقم الذي توصل اليه العجز العام نسبة الى الناتج المحلي أي ما يفوق 9.5 في المئة. وتكمن أهمية وخطورة نسبة العجز بحسب حديث السعيدي لـ “المدن” في كونها ارتفعت بشكل كبير نظراً الى الفرصة التي أتيحت للدولة اللبنانية خلال العام 2015 بخفض مستوى العجز والإستفادة من انخفاض الفاتورة النفطية بنحو 600 مليون دولار. وفي حين يعترف السعيدي بأن الأرقام السالبة التي أخذت حيزا كبيراً من النقاشات خلال العام 2015 كثيرة، إلا أنه يعتبر أن حجم التحويلات المالية الى لبنان، أي 7.5 مليار دولار، شكّل رقماً بارزاً وعلامة فارقة في العام بأكمله.

أما أرقام النمو والعجز العام والتحويلات المالية، ورغم خطورتها، فلم تتصدر أرقام العام 2015 وفق رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير الذي يرى أن الرقم الأخطر على الإطلاق هو 15 في المئة، أي النسبة المئوية التي سجلها انخفاض الرخص العقارية خلال العام الحالي، ويؤكد في حديثه الى “المدن” ان لبنان شهد للمرة الأولى انخفاضاً في نسب الرخص العقارية (بيع وشراء) لم يشهدها في سنوات الحرب، “وإن دلّ ذلك على شيء فعلى الواقع المتردّي الذي يمر به القطاع العقاري، وتراجع ثقة المستثمرين والمشترين، تأثراً بالمناخ السياسي الداخلي وتداعيات الأزمة الإقليمية”.
وبالنسبة للرقم الذي لا يضاهى أهمية وخطورة على المستوى المحلي، الإقليمي والدولي فهو، وفق الخبير الاستراتيجي النفطي ربيع ياغي، سعر برميل النفط إذ وصلت اسعار النفط خلال العام 2015 الى 35 دولارا للبرميل منخفضة من نحو 140 دولارا، بشكل فاق التوقعات، وهو بحسب حديث ياغي الى “المدن” “رقم قياسي ذات أثر سلبي جداً على الدول المنتجة للنفط، وايجابي جداً على الدول المستوردة (المستهلكة) للنفط، بينها لبنان”.

لا تنتهي لائحة الأرقام القياسية التي سجّلها العام 2015 على المستويين الإقتصادي والمالي، وإذا استثنينا منها “رقم النفط” يمكن وصفها جميعها بالأرقام السوداء أو القاتمة بأفضل الأحوال، لعل العام 2016 يتمكن من الإطاحة ببعض الأرقام السالبة واستبدالها بأخرى أقل سوداوية.