IMLebanon

جمهورية الموز الفاشلة (بقلم طوني أبي نجم)

ZABADANI

 

كتب طوني أبي نجم

 

تنقضي سنة 2015 على إعلان صريح وواضح بأن بقايا الدولة اللبنانية باتت أشبه بجمهورية موز فاشلة. لم يكن ينقص اللبنانيين سوى مشاهد صفقة “الترانسفير” التي شهدوها لمقاتلي وأهالي الزبداني ومضايا بين المصنع ومطار بيروت بمواكبة من الأمن العام اللبناني، ونقل الجرحى من الفوعة وكفريا الى لبنان عبر تركيا، ومن دون علم الحكومة اللبنانية، ليتأكد للجميع أن لبنان لا يشكل أكثر من حديقة خلفية لسوريا في كل الصراع الذي يدور على أرضها!

والطريف في الموضوع أن ثمة طائرات تركية قدمت إلى بيروت ونقلت سوريين الى تركيا، كما أن ثمة طائرات نقلت سوريين من تركيا إلى بيروت ضمن الصفقة نفسها، من دون أن يكون للحكومة اللبنانية أي رأي في الموضوع، بحيث باتت حكومة تمام سلام بجميع وزرائها ومكوناتها أشبه بشهود زور على كل ما يجري، أو ربما أشبه بـ”شاهد ما شافش حاجة”!

ما سبق لا يعني انتقاد الصفقة التي تمّت. أساساً لا يوجد أي مسؤول لبناني مطلع على تفاصيلها ليعطي أو نعطي رأيها فيها. قد يكون في هذه الصفقة ثمة جوانب إيجابية أو لا يكون، وربما كان بإمكان لبنان أن يستفيد من هذه الصفقة لتحقيق بعض المطالب على هامشها لو كان على علم بها، لكن الثابت الوحيد في الموضوع أن المسؤولين السياسيين في لبنان قد يكونون آخر من علم بكل ما يجري.

في إطار الصفقة التي تم تنفيذها على الأراضي اللبنانية أكثر من سؤال مشروع:

ـ كيف يشارك جهاز الأمن العام اللبناني في عملية معقدة وبهذا الحجم من التداخل الاستخباراتي والدولي من دون موافقة مسبقة من الحكومة اللبنانية، هذا إذا سلّمنا جدلاً ولضرورات النقاش بأن وزارة الداخلية على علم بالموضوع؟

ـ كيف يتم استعمال مطار بيروت كمحور أساسي ضمن الصفقة من دون علم السلطات المختصة، وفي طليعتها وزارة الأشغال العامة والنقل التي يُفترض أنها تشكل سلطة وصاية على المطار؟

ـ كيف تتم مثل هذه العملية عبر الأراضي اللبنانية في ظل إعلان السلطات اللبنانية المبدئي بالنأي عن النفس في كل ما يتعلق بالحرب السورية؟

ـ هل يمكن أن تكون الصفقة تضمنت إدخال أعداد من السوريين الى الأراضي اللبنانية ليبقوا ضيوفا عندنا من دون علم السلطات المختصة؟

ـ هل انتقل المسلحون السوريون بأسلحتهم عبر الأراضي اللبنانية ومطار بيروت؟

ـ طالما أن المسؤولين الحكوميين في لبنان لم يعرفوا بأي شيء يتعلق بهذه الصفقة قبل وخلال حصولها، لماذا لم نشهد أي موقف أو رد فعل بعد حدوثها سوى سؤال حزب الكتائب اللبنانية عنها، ومن دون أن يقدم أي مسؤول على تقديم استقالته مثلا احتجاجاً على كل ما جرى؟

ـ هل يمكن أن يُقدم أي مسؤول سياسي لبناني على المطالبة بمساءلة بمحاسبة أي مسؤول أمني أو لوجستي شارك في إتمام الصفقة من دون علم السلطات السياسية؟ أم أننا سنشهد في الساعات والأيام المقبلة تبريرات سخيفة وسيناريوهات فاشلة لوضع ما حدث في أطر إقليمية ودولية لا علاقة لنا بها؟

في اختصار، يشكل ما حدث نهاية لكذبة “الدولة اللبنانية” ذات السيادة أو ما شابه من عبارات لن تنفع بعد اليوم في إضفاء أي هيبة على مجموعة “أكلة جبنة” لا علم لهم بكل ما يجري من حولهم. ويتأكد للبنانيين جميعاً أن “الاستقرار” الهش الذي نشهده في لبنان بنتيجة قرار إقليمي ودولي ليس أبدا حرصاً على لبنان، إنما لإبقائه هادئاً بالحد الأدنى لاستعمالات الضرورة عندما تدعو الحاجة… وليس أكثر!